أعلنت وزارة المال المصرية في بيان، أن صندوق النقد الدولي لم يفرض على مصر شروطاً للموافقة على تمويل برنامجها لإصلاح الاقتصاد. وبدأت بعثة من صندوق النقد زيارة للقاهرة أول من أمس تمتد أسبوعين، لبحث طلب مصر الحصول على دعم مالي لتمويل برنامجها الاقتصادي وسد الفجوة التمويلية، بقيمة 12 بليون دولار، لمدة ثلاث سنوات، بمقدار 4 بلايين دولار سنوياً. ولكي تحصل مصر على القرض، لا بد أن يوافق الأخير على البرنامج الاقتصادي الذي تقدمت به. ولفتت الوزارة الى أن البرنامج مصري 100 في المئة، وحظي بموافقة البرلمان وهو جزء من «رؤية مصر 2030». وأضافت أن محادثات بعثة الصندوق في القاهرة لا تخرج عن البرنامج الإصلاحي للحكومة ومراجعتها الإجراءات التي يتضمنها، والتأكد من فاعليتها لتحقيق الأهداف المنشودة في السيطرة على عجز الموازنة العامة وتزايد الدين العام وتنشيط معدلات النمو. وتتوقع الحكومة استلام دفعة أولى من القرض لا تقل عن بليوني دولار خلال شهرين من إبرام الاتفاق، كما تخطط لإصدار سندات دولية تراوح قيمتها بين 2 و3 بلايين دولار في أيلول (سبتمبر) أو تشرين الأول (أكتوبر). وتعاني مصر نقصاً حاداً في السيولة الدولارية بعد تراجع نشاط القطاع السياحي وانخفاض تحويلات المصريين في الخارج وانخفاض إيرادات قناة السويس، ما أدى إلى ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الجنيه في السوق السوداء إلى مستويات قياسية خلال الأيام الماضية، متجاوزاً 13 جنيهاً للدولار. يذكر أن الإصلاحات الاقتصادية المتوقعة قد تعزز الضغوط التضخمية على المدى القصير، إضافة إلى الاتفاق مع صندوق النقد الذي يعد حجر الزاوية لاستعادة مصر استقرار اقتصادها الكلي. وكانت الحكومة أعلنت التفاوض مع الصندوق على برنامج إقراض للحصول على 21 بليون دولار على مدار ثلاث سنوات، كتمويلات لذلك البرنامج، مقسمة على 12 بليون دولار من صندوق النقد و3 بلايين دولار من البنك الدولي و1.5 بليون دولار من «بنك التنمية الأفريقي» و3 بلايين دولار سندات دولية، والباقي من مصادر أخرى. وأعلن وزير المال المصري عمرو الجارحي، أن الدين الخارجي لمصر سيصل إلى 53.4 بليون دولار إذا حصلت بلاده على القرض من صندوق النقد الدولي. وتوقع المحلل الاقتصادي في المجموعة المالية «هيرميس» محمد أبوباشا، أن «يجري البنك المركزي تعديلاً لقيمة الجنيه رسمياً في غضون الشهرين المقبلين، والمركزي سيتجه الى تعويم الجنيه بعد زيادة الاحتياطات من النقد الأجنبي». إلى ذلك، أكد نائب وزير المال للسياسات المالية أحمد كجوك، أن التحديات الاقتصادية التي تواجه الاقتصاد المصري كبيرة وتتطلب مواجهة حقيقية وجذرية، بما يسمح ويساهم في زيادة النشاط الاقتصادي وزيادة فرص التشغيل والنمو وجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية وتحقيق الاستقرار الاقتصادي. وأوضح أن لدى الحكومة رؤية وبرنامجاً إصلاحياً وطنياً متكاملاً وشاملاً ومتوازناً يتضمن الإصلاحات على كل المسارات سواء السياسة المالية أو النقدية، وكذلك الإصلاحات الهيكلية والحماية الاجتماعية. وأضاف كجوك في تصريحات صحافية حول أطر السياسة المالية وبرنامج الحكومة لضبط عجز الموازنة وترشيد الإنفاق والتعاون مع المؤسسات المالية الدولية، أن هناك «تنسيقاً كاملاً بين وزارة المال والبنك المركزي، وتواصلاً دائماً مع المؤسسات الدولية لشرح تطورات الأوضاع الاقتصادية والاستفادة من الخبرات المتوافرة في تلك المؤسسات أو الاستفادة من البرامج التمويلية لديها باعتبارنا عضواً في هذه المؤسسات». وحول قرض صندوق النقد، قال كجوك إن «برنامج التمويل سيدعم أرصدة الاحتياط الأجنبي لدى البنك المركزي، وسيتيح تمويلاً إضافياً لسد عجز الموازنة وتمويل المشاريع، ما يساهم إيجاباً في خفض معدلات العجز والتضخم». وشدّد كجوك على أن «هدف البرنامج زيادة معدلات النمو بما يساهم في تحسين المؤشرات المالية للموازنة العامة، خصوصاً على مستوى خفض الدين العام إلى أقل من 90 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، إضافة إلى خفض نسبة عجز الموازنة إلى نحو 9.8 في المئة، أي أكثر من 2 في المئة من العجز المتوقع خلال العام الحالي». وأشار إلى أن «الاقتراض من المؤسسات الدولية يكون بفائدة مخفضة بنسبة الثلث تقريباً عن الاقتراض من السوق العالمية، حيث تتراوح فائدة القرض بين 1.5 و2 في المئة، إضافة إلى فترات السماح طويلة الأجل». ولفت كجوك الى أن «الإصلاحات تشمل مجالات اقتصادية عديدة، منها بحث طرح جزء من حصة الدولة في بعض الشركات العامة في البورصة، بما يدعم جهود الحكومة لتنشيط البورصة خلال المرحلة المقبلة، خصوصاً بعدما لم تُطرح أسهم جديدة في البورصة منذ نحو 5 سنوات، ما يساهم في ضخ الأموال في السوق وتحسين النشاط الاقتصادي وجذب استثمارات من الخارج». وتنفذ مصر حالياً إصلاحات عديدة على مستوى السياسة الضريبية وتحسين الإدارة الضريبية ذاتها، كما شارفت على إنجاز صياغة قانون جديد للمشاريع الصغيرة وآخر للتصالح الضريبي.