كان مراسل التلفزيون الألماني زكريا التلمس يجلس على الأرض في فندق المتحف شمال مدينة غزة عندما هاجمه عدد من رجال الشرطة واعتدوا عليه بالضرب ومزقوا ملابسه. في اللحظة نفسها كان المدير العام لإدارة العلاقات العامة في الشرطة الدكتور معتز الخالدي والمتحدث باسم الشرطة الرائد أيمن البطنيجي يتعهدان باحترام حرية الصحافة وكرامة الصحافيين الفلسطينيين. وعرض الخالدي والبطنيجي مواقف إيجابية تنم عن تفهم لطبيعة العمل الصحافي وحريته المهدورة على أيدي بعض رجال الشرطة والأمن أمام عدد من الصحافيين والحقوقيين أثناء نقاش حول آليات حماية الصحافيين في ورشة عمل عقدها المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان في مقره غرب المدينة لمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة الذي صادف أمس. لكن تفهم الضابطين المكلفين والمهتمين بتحسين صورة الشرطة وتطوير علاقتها مع رجال البحث عن الحقيقة والمتاعب لم يشفع لهما ولم يساعدهما عندما وصلت رسالة قصيرة أثناء الورشة الى رئيس التجمع الصحافي الديموقراطي حسن جبر على هاتفه الخليوي تحمل أخبار ضرب التلمس. ويرى صحافيون غزيون أن الاعتداء على التلمس يشكل تكراراً للاعتداءات على الصحافيين، خصوصاً الاعتداءات التي وقعت في آذار (مارس) الماضي على مدى أربعة أيام متتالية على هامش فعاليات «الحراك الشعبي لإنهاء الانقسام». وعزا هؤلاء الصحافيون في حديث الى «الحياة» السبب وراء الاعتداءات المتكررة، على رغم تعهد وزير الداخلية في الحكومة التي تقودها حركة «حماس» فتحي حماد، الى حال من العداء والتشكيك في النيات والأهداف تجاه الصحافيين مبنية على فهم خاطئ لأصول العمل المهني، فضلاً عن عدم وجود تعليمات صارمة، وعدم محاسبة المعتدين، ما شجعهم على تكرارها. وقال مدير المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية (مدى) موسى الريماوي في بيان أمس إن المركز «رصد خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي 82 انتهاكاً في حق الصحافيين الفلسطينيين، ارتكب الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنوه 31 منها، بينما ارتكب الجانب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية 51 انتهاكاً». وأضاف الريماوي أن عدد الانتهاكات زاد عن العام الماضي، إذ رصد المركز «69 انتهاكاً خلال الفترة نفسها»، مشيراً الى أن «قوات الاحتلال الإسرائيلي ارتكبت 57 منها».