أشاد اقتصاديون بإقرار موازنة 2018 وما تحمله من إنفاق على مشاريع تسهم في حراك اقتصادي ونمو واسع، وأشاروا إلى تفاؤل بتحسين مستوى المعيشة للمواطنين والتي تأتي في صميم الجهود التي تبذلها الدولة لتنويع مصادر الدخل وتحقيق الاستقرار المالي. وقال الدكتور عبدالله المغلوث عضو الجمعية السعودية للاقتصاد في حديثه ل«الحياة»: «إن موازنة 2018 ستسهم في تقليل حجم الدين والعجز في ضل الموارد الأخرى غير النفطية في خزانة الدولة، والتي بلغت حسب المتوقع من خلال تنويع مصادر الدخل، التي تبناها برنامج التحول الوطني 2020 و(رؤية 2030)، وهي تحاكي الرؤية والتحول، ولا سيما أن موازنة 2017 الماضية، حققت ارتفاعات ومكاسب، وخصوصاً النفط الذي تجاوز أكثر من 15 في المئة. إذ إن الموازنة توسعية وترفع نسبة مشاركة المرأة، ناهيك عن أن المورد الذي سيتحصل من الرسوم والقيمة المضافة سيرتفع». وأضاف: «إن ما تضمنته الموازنة من خفض العجز في الموازنة جاء بعوامل عدة، وهي الاهتمام بنوعية المشاريع وكفاءتها وحجم المصروف والإفصاح المالي والشفافية وانخفاض العجز خلال النصف الأول من عام 2017، وكفاءة الإنفاق وبرنامج التوازن المالي، واستحداث مصادر جديدة للدخل، وتحسين أسعار النفط، ومحاربة الفساد، وتحسين الإيرادات غير النفطية وترشيد الإنفاق». وقال المغلوث: «إن المعايير السبعة التي أشار إليها وكيل وزارة المالية طارق الشهيل خطوة إيجابية نحو كفاءة إعداد الموازنة الجديدة من دقة وشفافية وجودة في البيانات التي تبنتها باعتبارات مالية ومحاسبية، والاستناد إلى تحليل مستفيض وشامل للبيانات الاقتصادية الداخلية والخارجية، وتحسين كفاءة الإنفاق الحكومي وجودة ودقة وشفافية الحسابات المالية وإطار مالي عام على المدى المتوسط، وحساب موحد لإدارة الموارد النقدية نحو الأفضل والانتقال من المحاسبة على الأساس النقدي إلى الاستحقاق وتقديم توقعات حول أداء الاقتصاد على المدى المتوسط (خمس سنوات)». مضيفاً: «إن هذه الموازنة فيها مشاريع للتعليم والصحة والبلديات والوزارات، ومشاريع تنموية أخرى التي تهم المواطنين، وهذا ينعكس على نهج الدولة الاقتصادي الجديد إذ إن موازنة 2017 شهدت تحديات كبيرة وأيضاً كفاءة في الإنفاق، وجهود الحكومة في القضاء على الفساد، بل زيادة الإنفاق في هذه الموازنة 2018 بنسبة تختلف عن الأرقام السابقة تعتبر خطوة نحو تعزيز الاقتصاد». ورأى المغلوث أن هناك تدابير اتخذت لتقليل الاعتماد على النفط والإسهام بزيادة في الإيرادات غير النفطية، ومن تلك التدابير التي تعتبر إضافة في مفهوم العمل المتوازن وتطبيقاً للتوازن المالي الذي يمكن بحلول 2020 لا يكون هناك فوارق بين الإيرادات والمصروفات، إذ إن تلك التدابير هي تطبيق الضريبة الانتقائية على بعض السلع، وتطبيق المقابل المالي على الوافدين، وتطبيق ضريبة القيمة المضافة، التي ستبدأ في الأول من كانون الثاني (يناير) 2018، وحزم تحفيز لدعم القطاع الخاص الذي يشكل إحدى دعائم الاقتصاد وعاملاً رئيساً في نشاطه وتطبيق المرحلة الأولى من تصحيح أسعار الطاقة وتعديل عدد من الرسوم من بينها الرسوم على التأشيرات والمخالفات المرورية». وأكد أن موازنة 2018 لا يمكن الإنفاق تشغيلياً وإنما سيكون الرأسمالي والاستثماري. كما أن الصناديق والتي يشرف عليها صندوق الاستثمارات العامة وسيلة أخرى للإنفاق الاستثمار والرأسمالي، وهذا الصندوق هو الذراع الأيمن في تعزيز موارد خزانة الدولة، إذ انخفاض العجز في موازنة 2017 إلي 8.9 في المئة دلالة على نجاح الخطط المدروسة من التوازن المالي. من جانبه، قال رئيس قسم الاقتصاد بجامعة الطائف ل«الحياة» الدكتور سالم باعجاجة: «سعت المملكة في تقليص اعتمادها على النفط بنسبة 50 في المئة. ونجحت في ذلك، وبلغت الإيرادات 783 بليوناً والمصروفات 978 بليون ريال بعجز قدره 195 بليون ريال، فهي الموازنة الأضخم في تاريخ المملكة من حيث الإنفاق، إذ حظيت الكثير من القطاعات التنموية بمخصصات مالية مع تحقيق (رؤية 2030)». وأضاف: «أوضحت وزارة المالية أن توقعاتها لإيرادات ضرائب السلع والخدمات إلى 85 بليوناً بزيادة قدرها 38 بليوناً عن 2017 وبنسبة 82 في المئة، وبذلك بسبب فرض الضريبة الانتقائية والضريبة المضافة وستواصل وزارة المالية تنفيذ المبادرات للحد من الآثار السلبية للإصلاحات الاقتصادية على المواطنين، ومن المتوقع أن تكون موازنة حساب المواطن 32 بليون ريال، إذ إن هذا الحساب يهدف لمساعدة الأسر منخفضة ومتوسطة الدخل من الآثار الاقتصادية الناتجة من تصحيح أسعار الطاقة والمياه وفرض ضريبة القيمة المضافة. وأشار أستاذ علم الاقتصاد بجامعة الملك عبدالعزيز في جدة، الدكتور حبيب تركستاني، ل«الحياة»، إلى أن الموازنة تعتبر متفائلة وقوية، إذ اتسمت بالصراحة والشفافية ووضوح الرؤية والأهداف. وستسهم بنودها فعلياً في تحقق المساعي المستقبلية للرؤية الاقتصادية 2030، واتسمت الموازنة بتنوعها وعدم اعتمادها على مصدر وحيد هو النفط، وهذا تحول جديد ومطلوب منذ فترة ليست بالقريبة، ولكن لا بأس في أن نبدأ اليوم في مسيرة وشكل جديد للاقتصاد السعودي. وأن العجز الحاصل في الموازنة يعتبر في المستوى المعقول مقارنة بالأعوام السابقة، والذي يمكن تداركه خلال الفترة المقبلة».