عززت العلاقة مع المغنية الكولومبية شاكيرا شهرة ظهير برشلونة جيرار بيكيه، وضربت الآفاق وهو أساساً لا يحتاج إلى شهرة إضافية في ضوء إنجازات ناديه «الكاتالوني» في السنوات الأخيرة. لكن بيكيه الفائز مع منتخب بلاده إسبانيا في «مونديال» جنوب أفريقيا 2010، بات أخيراً هدفاً ل«مدمني» مواقع المنتديات الاجتماعية عبر «فيسبوك»، إذ فاق عدد زوار موقعه ال1.5 مليون شخص يومياً، بزيادة تخطت ال350 ألف شخص عما كان عليه عدد زواره الدائمين. ويعتبر بيكيه (24 سنة) من أفضل من يشغل مركز قلب الدفاع حالياً، علماً أن بعضهم يجد أن بلوغه هذه المرتبة من الشهرة «أعجوبة» نظراً لحادث السقوط الذي تعرّض له وهو لم يبلغ السنتين بعد. كان الطفل جيرار يلعب بالكرة في باحة منزل آل بيكيه الفسيحة غير المصوّنة بمتكئ وأهله منشغلين عنه في أمور أخرى. وصدف أن دحرج الكرة وركض خلفها، إلى أن سقطت عن علو ثلاثة أمتار... وسقط وراءها وإصطدم رأسه بالأرض. وإنتهى الحادث بنقله الى المستشفى وعولج من كسر في الجمجمة وأمضى أياماً في الغيبوبة. ولعلّ حادثة مماثلة تجعل الأهل يحظرون على ولدهم مزاولة كرة القدم، لكنهم أدركوا أن ما حصل قضاء وقدراً فتركوا للفتى جيرار حرية الاختيار على رغم حذرهم الدائم. وما سهّل الأمور بالدرجة الأولى أن الوالد والوالدة من أنصار بارسا، وجده آمادور برنابيو كان عضواً في اللجنة الإدارية للنادي الكاتالوني (1980 – 1990)، ويوم ولادة جيرار (2/2/1987) أسرع إلى النادي وحجز له بطاقة عضوية ليصبح «برشلونيستا» أصيل. وفي الأعوام التالية عندما بدأ بيكيه يفقه الأمور، كان الجد يُجلس حفيده على ركبتيه ويقص عليه أخباراً عن إنجازات برسا ولاعبيه المميزين وألقابهم. ويقول بيكيه: «بطريقة غير مباشرة أهلني لأنجح في النادي». ويضيف: «من النصائح التي زودني بها يوم إنخرطت في التدريب مع أحد فرق الفئات العمرية وأنا في سن التاسعة، أنه عليّ بذل ما أستطيع يومياً لأكون حاضراً متى أُستدعى إلى اللعب، شرط أن أتصرّف على سجيتي براحة تامة ومن دون أن أعقّد الأمور». منذ تلك المرحلة سعى بيكيه (1.93م، 75 كلغ) أن يكون مؤثراً ويلفت الأنظار. ويوم دُعي المدرب الهولندي لويس فان غال إلى العشاء في منزل الجد آمادور (1997)، بدا بيكيه منفعلاً من شدة إعجابه به. وبعدما صافح فان غال أفراد العائلة أتجه صوبه ونظر اليه بنظرات حادة ودفعه بكتفه، فوقع أرضاً! ولما همّ بالوقوف قال له المدرب الهولندي (مازحاً): «لست بالقوة الكافية لتكون مدافعاً في برسا». ويذكر اللاعب الفتى أن هذا الانطباع «أثرّ فيّ كثيراً وزاد في الوقت عينه من تصميمي على النجاح». إنخرط بيكيه في أحد فرق الفئات العمرية الذي ضمّ «نجوماً واعدين» أمثال سيسك فابريغاس، وبعدها الأرجنتيني ليونيل ميسي (عام 2000). ولقّب ذلك الفريق ب«فريق الانتصارات» لأنه لم يذق طعم الهزيمة لمدة طويلة. ويذكر بيكيه أن ميسي بدا صغيراً جداً (طوله 1.51م)، «وتساءلنا ماذا يستطيع أن يفعل خلال المباريات؟ لكن ما إن إستحوذ على الكرة حتى كشف عن فنيات جديرة بالإحترام. كانت نقطة ضعفه الوحيدة وقتذاك لياقته السيئة وبنيته الهزيلة، وتعرّض في الموسم التالي لكسر في ساقه». على غرار فابريغاس (آرسنال) عرف بيكيه درب التألق في الخارج، إذ سطع نجمه في مانشستر يونايتد بعد أن أمضى موسماً في ريال ساراغوسا. فقد عاش تجربة صقلت معدنه، «فطريقة اللعب مختلفة، وأسلوب العيش والبئية والثقافة أيضاً. علّمني الدوري الإنكليزي أن أستخدم جسدي أكثر في اللعب، خصوصاً في المراقبة اللصيقة رجل لرجل. تدربت كثيراً على حمل الأثقال والملاكمة التي تعزز من ردة الفعل والملاحظة، وزاد وزني 9 كلغ من العضل الصافي، على رغم المطبخ الإنكليزي الغنية أطباقه ووصفاته بالدهون والسعرات الحرارية، التي تفتح الشهية. حتى الآن، توّج بيكيه باللقب الأوروبي مع ناديين مختلفين (مانشستر يونايتد 2008 ثم برشلونة 2009) تحت قيادة كل من «السير» أليكس فيرغوسون وجوزيه مورينيو. ويجدهما محفزّين للاعبين «وهذا هو القسم المشترك بينهما»، علماً أن «السير» يخرج كل ما في داخله خلال المباراة ويبقى هادئاً طوال الأسبوع يتقرّب من اللاعبين ويطلع على همومهم وأحوالهم العائلية. في المقابل، يكثر غوارديولا من الكلام عن تاريخ برشلونة ومسيرته لاعباً في صفوفه، ويعرض أمام لاعبيه أفلاماً عن المباريات خصوصاً عشية اللقاءات والأدوار الحاسمة، «يدبلج تحركاتنا بدقة لنكتشف أخطاءنا وتصحيح مسارنا». وبيكيه، الذي يكثر من المزاح وتدبير المقالب مع زملائه ومنها وضع صورة لحذاء دافيد فيا على موقع «تويتر»، يؤكد أن هدفاً واحداً يدور في رؤوس لاعبي «البلوغرانا» وهو «الفوز بكل شيء». وحين يُطلب منه المقارنة من موقعه كمدافع بين ميسي والبرتغالي كريستيانو رونالدو، يعتبر أن «ميسي أكثر مباشرة في تحركه ونقله للكرة وخردقته خطوط الدفاع، أنه تنفيذي خطر. بينما يميل رونالدو إلى الاستعراض على رغم تسديداته الصاروخية وتصويبه المتقن بالرأس». ويجد أن الحدّ من خطورة اللاعب البرتغالي أسهل من إيقاف ميسي، «خصوصاً عندما تجبر رونالدو على استخدام قدمه اليسرى وهي نقطة ضعفه أو إستيعاب طلعاته وجرّه إلى قلب منطقة الدفاع». ويلفت بيكيه إلى أن مهمته الأساس تنظيف المنطقة أمام المرمى ما يشلّ حركة الطرف المنافس، ويبعث الطمأنينة في قلب حارس فريقك ويسهّل مهمة خط الوسط.