لم يكن الزمان بعيداً بين الذكرى 25 لانفجار مفاعل «تشيرنوبيل»، الذي يعتبر أسوأ حادث نووي في القرن الماضي، والكارثة التي حاقت بمفاعلات اليابان في فوكوشيما. ثمة فارق أساسي بين الحادثين. إذ نجمت كارثة «تشيرنوبيل» عن خطأ بشري أساساً، ما دفع كثيرين لإدراجه في قائمة المؤشرات التي دلّت إلى قرب انهيار الاتحاد السوفياتي السابق. في المقابل، لم يتسبب خطأ بشري مباشر في كارثة مفاعلات فوكوشيما، التي تسبب بها زلزال هائل (أعقبه آخر أقل قوة بقليل) ترافق مع تسونامي ضخم. ولكن، يعتقد كثيرون أن الخطأ البشري في الكارثة اليابانية يتمثّل في عدم التحوّط بصورة كافية للقوى الطبيعية، خصوصاً مع وقوع اليابان ضمن دائرة «حلقة النار»، ما يعني أن التعرض لزلزال قوي أمر وارد باستمرار. وبغض النظر عن هذا النقاش الذي لم يحسم علمياً بعد، فقد أدت كارثة فوكوشيما إلى إثارة هواجس كانت كامنة حول خيار الطاقة النووية السلمية. وأعلنت كثير من الدول تعليق (وأحياناً إلغاء) برامجها في الحصول على الطاقة الكهربائية من المفاعلات النووية. وفي روسيا، حيث ذكرى تشيرنوبيل ما فتئت مؤرّقة، عمدت السلطات الرسمية إلى تشديد إجراءات الأمن النووي لمفاعلاتها. وفي هذا السياق، أجرت «مؤسسة الطاقة الروسية» (روس آتوم) اختبارات على 32 مفاعلاً لتوليد الكهرباء من الذرّة في تلك البلاد. ويسمى هذا النوع من الإجراءات «تجارب الإجهاد»، بمعنى أنها تجرب كيف يعمل المفاعل النووي ضمن ظروف شديدة القسوة، لاختبار مدى كفايته أمنياً. وأعلنت «روس آتوم» أن جميع المفاعلات تتماشى مع المعايير المطلوبة، وفق ما ذكر ألكسندر لوكشين، النائب الأول لمدير عام المؤسسة. وفي مؤتمر صحافي عقد أخيراً في موسكو، أشار لوكشين إلى أن هذه النتيجة كانت متوقعة لأن المفاعلات الذريّة الروسية تخضع لاختبارات دورية. على رغم النتائج الإيجابية ل «اختبارات الإجهاد» هذه، أوضح لوكشين أن «روس آتوم» ستواصل تحليل عمل المفاعلات الروسية، مشيراً إلى أن الفحوصات الإضافية تركّز على الطبقات الجيولوجية التي تقف عليها المفاعلات، بهدف معرفة مستوى النشاط الزلزالي فيها. وأكّد لوكشين أن تدابير الوقاية من الحوادث النووية ستتخذ بناء على هذه الاختبارات المتوالية، حتى لو تضمّنت وقف عمل بعض المفاعلات الذرية في روسيا.