جائزة الظلافيع تكرم 16 مكرماً ومكرمة في دورتها السابعة بطريب    التجارة: 5 شوال دخول نظامي السجل التجاري والأسماء التجارية الجديدين حيز التنفيذ    أميركا: تشكيل حكومة جديدة في سوريا «خطوة إيجابية»    سوريون يحتفلون ب «عيد الأعياد» بعد إطاحة الأسد    تكثيف البحث عن ناجين من زلزال ميانمار - تايلاند وعدد القتلى يتجاوز 2000.. والعثور على ناجين    أكسيوس: ترمب سيزور السعودية مايو المقبل    مانشستر سيتي يعلن غياب هالاند عن الملاعب عدة أسابيع    كلاسيكو العيد يجمع الليث بالعميد    أنشيلوتي: مبابي سيصبح «أسطورة» في ريال مدريد    «مكافحة».. احتكار العقارات    «سلمان للإغاثة» يوزّع 530 سلة غذائية في مركز تهاميم بولاية البحر الأحمر في السودان    أكثر من 122 مليون قاصدٍ للحرمين الشريفين في شهر رمضان    "الفيفا" يدرس إقامة مباراة فاصلة بعد استبعاد ليون من مونديال الأندية    الذهب يسجل أعلى مستوى قياسي مع تفاقم الرسوم الجمركية.. والأسهم العالمية تنخفض    فعاليات عيد الطائف تجذب 200 ألف زائر    المملكة توزّع 976 سلة غذائية و976 حقيبة صحية في بلدة جنديرس بمحافظة حلب    المعالم الأثرية تجذب الأهالي والمقيمين في عيد الأحساء    العيد في المدينة المنورة.. عادات أصيلة وذكريات متوارثة    القرص.. مذاق سعودي يعكس تنوع المناطق    فيصل بن مشعل يرعى احتفالات القصيم    دراسة على مرضى السكري تربط عقار «أوزمبك» باعتلال خطير في العين    الهلال يطرح تذاكر "ديربي الرياض" أمام النصر    استقبال زوّار المملكة بمعايدات العيد في مطارات الرياض وجدة والدمام        القبض على (6) يمنيين لتهريبهم (83) كيلوجرامًا من نبات القات المخدر    أقصى الضغوط... ما قبل «التطبيع الشامل»    الأمير سعود بن نهار يستقبل المهنئين بعيد الفطر    محافظ ميسان يؤدي صلاة العيد بجامع عبدالله بن دريويش    جمعية مراكز الاحياء ممثلة في مركز حي قروى يقدم هدايا العيد    جمع مهيب في صلاة عيد الفطر في مسجد قباء بالمدينة المنورة    إدارة المساجد والدعوة والإرشاد بمحافظة بيشة تُنهي استعداداتها .    "أمانة الطائف" تنهي استعداداتها لعيد الفطر المبارك    مختص ل «الرياض»: 7% يعانون من اضطراب القلق الاجتماعي خلال الأعياد    محافظ الجبيل يستقبل المهنئين بالعيد ويزور المرضى المنومين    ما أصل "العيديّة"، وكيف تغيّر اسمها عبر العصور؟    ترامب: لا أمزح بشأن سعيي لفترة رئاسية ثالثة    الألعاب النارية تُزين سماء جدة احتفالا بعيد الفطر المبارك    بطابع الموروث والتقاليد.. أهالي حائل يحتفون بالعيد    فعالية تراثية في نجران احتفاء بعيد الفطر    خالد بن سلمان يستقبل قادة وزارة الدفاع وكبار مسؤوليها    خادم الحرمين: أدام الله على بلادنا أمنها واستقرارها وازدهارها    إنجاز إيماني فريد    الأمانة والدواء البديل.. رأي أم مخالفة؟!    نتج عنه وفاتها.. الأمن العام يباشر حادثة اعتداء مقيم على زوجته في مكة    عيد الدرب.. مبادرات للفرح وورود وزيارات للمرضىع    بين الجبال الشامخة.. أبطال الحد الجنوبي يعايدون المملكة    ولي العهد ورئيس الوزراء اللبناني يبحثان العلاقات الثنائية    خادم الحرمين: أهنئكم بعيد الفطر بعد صيام شهر رمضان وقيامه    توقعات بهطول أمطار غزيرة على 7 مناطق    ثنائية مبابي تهدي ريال مدريد الفوز على ليجانيس    ارتفاع حصيلة قتلى زلزال ميانمار إلى أكثر من 1000    العيد انطلاقة لا ختام    896.551 شحنة بريدية تم تسليمها يوميا برمضان    1320 حالة ضبط بالمنافذ الجمركية    الرئيس عون: لبنان دخل مرحلة جديدة بعد عقود من العنف والحروب    تجمع الرياض الصحي الأول يُطلق حملة «عيدك يزهو بصحتك» بمناسبة عيد الفطر المبارك 1446ه    أكثر من 70 ألف مستفيد من برامج جمعية الدعوة بأجياد في رمضان    حليب الإبل إرث الأجداد وخيار الصائمين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صدمة فوكوشيما تتقاطع مع ربع قرن على رعب تشرنوبيل
نشر في الحياة يوم 29 - 04 - 2011

حلّت الذكرى السنوية الخامسة والعشرون لكارثة انفجار المفاعل الذري في تشرنوبيل (1986)، قبل أن يستفيق العالم من صدمة فوكوشيما في اليابان. وبدا أن ربع قرن لم يكن كافياً كي تدرك البشرية أنها ما زالت بعيدة عن أن تكون محصّنة تماماً حيال كوارث محتملة للطاقة النووية.
ولا يحبّذ كثيرون من الخبراء عقد مقارنات بين أسوأ الكوارث النووية، على اعتبار أن لكل منها ظروفه وأسبابه بصرف النظر عن التشابه أحياناً، في الحجم أو التأثيرات البيئية. ولكن، هناك شبه إجماع على اعتبار كارثة تشرنوبيل أسوأ حادث نووي في تاريخ البشرية.
والمعلوم أن تلك الكارثة أسفرت عن تلويث مساحات شاسعة في ثلاثة بلدان (حالياً) هي أوكرانيا وروسيا وبيلاروسيا، وإصابة مئات الآلاف بإشعاعات ذريّة متفاوتة القوّة. وما زال كثير من الأسئلة التي رافقت الحادث من دون أجوبة، فيما يرى خبراء في روسيا أن الآثار النهائية لكارثة تشرنوبيل لم تتضح تماماً حتى الآن.
رواية شائعة ولكن...
سعت روسيا في السنوات الأخيرة، إلى انتهاج سياسة أكثر انفتاحاً في التعامل مع الملفات التي أحيطت بسرية وكتمان شديدين في العهد السوفياتي، لكن الرواية الأصلية التي أرجعت كارثة تشرنوبيل إلى خطأ بشري، ما زالت الأكثر رواجاً واستخداماً.
كانت عقارب الساعة تشير إلى 1.23 دقيقة صباح 26 نيسان (أبريل) عام 1986 عندما انفجر مفاعل تشرنوبيل. وحينها، كان الفريق الفني بصدد إجراء تجربة على المفاعل لاختبار الإمداد الارتجاعي للكهرباء الذي يسمح للمفاعل بالعمل بأمان. وجرى خفض الطاقة التي يوّلدها المفاعل من السعة الأساسية التي تبلغ 3.2 غيغاواط إلى 1 غيغاواط، كي تصبح التجربة أكثر أماناً. وفجأة، هبط مستوى الطاقة فعلياً إلى 30 ميغاواط (كل غيغاواط يساوي ألف ميغاواط)، ما أدى إلى ارتفاع مفاجئ في تركيز مادة ال «زينون 135» Xenon 135 التي تتولّد أثناء عملية الانشطار النووي في المفاعل.
حاول المشغلون زيادة مستوى الطاقة إلى 1 غيغاواط، لكن ارتفاع مستوى ال «زينون» حال دون ذلك. ولم ترتفع الطاقة المنتجة من المفاعل إلا بمقدار قليل، فبلغت قرابة 200 ميغاواط. وفي محاولة يائسة لمنع التفاعل المميت بين ال «زينون» والنيوترونات الناجمة عن تفتت الذرّات في المفاعل، جرى سحب قضبان التحكّم خارج المفاعل، إلى مستوى يتجاوز خط الأمان المحدد. نتج من هذه الخطوة تقليل سريان ماء نظام التبريد، وبدأ الماء في الغليان. وتكونت جيوب من البخار في أنابيب التبريد.
بدأت معالم الكارثة في الظهور. زادت الحرارة بسرعة. وارتفعت مستويات الضغط في المفاعل بسرعة هائلة. حاول المشغلون إغلاق المفاعل يدوياً بإعادة إدخال قضبان التحكّم المصنوعة من مادة ال «غرافيت». وتبيّن لاحقاً أن هذه المحاولة كانت من الأخطاء التي رافقت عملية مواجهة الخلّل، لإن إدخال القضبان جرى بسرعة زائدة في حين كان يجب التعامل مع هذه العملية ببطء وحذر شديدين.
في النتيجة أدى الغرافيت إلى ارتفاع سرعة التفاعل بين ال «زينون» والنيوترونات، تزامناً مع زيادة معدلات الطاقة على نحو غير مسبوق.
وأسفر هذا التطور عن تحلّل قضبان التحكم بعدما انحشرت الأجزاء المتحللة من القضبان في شكل عطل عودتها إلى مكانها لإغلاق المفاعل. ارتفع معدل الطاقة بسرعة ليصل إلى قرابة 30 غيغاواط، ما يفوق معدّل التشغيل الآمِن بعشرة أضعاف. وأدت الطاقة الهائلة لانصهار القضبان. وزاد ضغط البخار بسرعة، فتسبب في انفجار أطاح سقف المفاعل. ومع دخول الهواء، اشتعلت مادة ال «غرافيت» في قضبان التحكّم، فانفلتت الأمور. وتكفلت النيران بنشر الملوثات النووية التي خرجت مع البخار الساخن إلى الجو.
في المقابل، اعتبر خبراء غربيون أن الخطأ البشري لم يكن المذنب الوحيد، في إشارة إلى ضعف التقنيات التي كانت مستخدمة في المحطة. ولا تتوافر أدلة كافية على هذه الفرضية، خصوصاً أن مفاعل تشرنوبيل كان عمره لا يزيد على ثلاث سنوات عندما وقع الحادث. وفي العام 1993، توصّل خبراء روس إلى اكتشاف خلل في تصميم المفاعل.
تابوت الإسمنت المُنقِذ
صار معروفاً أن حرص الاتحاد السوفياتي على التكتم على الحادث، إضافة إلى البطء في اتخاذ التدابير اللازمة، ساهما في تفاقم آثار الكارثة. وتكفي الإشارة إلى أن آلاف عمال الإنقاذ الذين شاركوا في محاصرة تداعيات الحادث، لم يكونوا مستعدين تماماً للتعامل مع مواد مشعة بالغة الخطورة، ناهيك بأن رجال مكافحة الحريق الذين كانوا اول من وصل إلى المكان، لم يجر تنبيههم أصلاً إلى خطورة الحادث وخصوصيته!
وأوهن التكتم الذي كانت أسبابه سياسية، قدرة أطراف عدة على مواجهة انتشار الإشعاعات النووية مع ما تحمله من مخاطر. وفي اليوم التالي للحادث، اكتفت إحدى الصحف السوفياتية بإيراد خبر صغير على صفحتها الأخيرة يشير إلى «وقوع حادث في مفاعل تشرنوبيل».
وبعد أيام عدة، صُدِم العالم بحجم كارثة تشرنوبيل التي استمرت تداعياتها عشرات السنين، وربما ما زالت مستمرة حتى الآن. وجاء اول إنذار عن الحادث عندما لاحظ عمال في محطة فورسمارك النووية في السويد، على بعد 1100 كيلومتر من المفاعل، وجود جزيئات مشعة على ملابسهم. جرى فحص هذه المحطة للتأكد من عدم وجود تسرّب إشعاعي. كانت هذه أول إشارة إلى المشكلة النووية في الاتحاد السوفياتي.
بعد مرور ربع قرن على تشرنوبيل، يرى كثيرون أن القرار الذي اتخذه الاتحاد السوفياتي بطمر المفاعل تماماً تحت أطنان من الإسمنت كان الخيار الأفضل، على رغم تحذيرهم من العلماء من أن المشكلة لا تزال قائمة وربما تحتاج عقوداً حتى تمتلك البشرية تقنيات قادرة على تخليصها نهائياً من آثار المواد المشعة.
ومن المُقرّر إنجاز مشروع «التابوت الإسمنتي» بحلول 2015، الذي يقضي ببناء قبة عملاقة تغلق منطقة المفاعل. لكن هذا لا يجيب عن الأسئلة حول جدوى «تابوت الإسمنت» على المدى البعيد.
وهناك سؤال مؤرّق علمياً عن مصير النفايات النووية والمواد العالية الإشعاع، وكيف يمكن ضمان حفظها لمدة طويلة، بحسب يوري أندرييف أحد الخبراء الذين تعاملوا مع كارثة تشرنوبيل وتداعياتها.
وربما كان هذا السؤال وغيره سبباً في إطلاق دعوات إلى زيادة تدابير الأمان في المنشآت النووية. وقد طرح الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف أثناء مراسيم إحياء ذكرى تشرنوبيل، مبادرة في هذا الشأن.
الأكيد أن الذكرى ذاتها لم تكن الدافع وراء التحرك، لأن حادث فوكوشيما قرع بقوة أجراس الإنذار وأعاد التذكير بوجود مخاطر جدية للطاقة الذرية، لم تبتكر البشرية بعد حلولاً جذرية لها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.