أعلن وزير الداخلية المغربي الطيب الشرقاوي أمس أن الاعتداء الذي وقع في مراكش الخميس وأسفر عن سقوط 16 قتيلاً، معظمهم أجانب، نجم عن عبوة ناسفة تم تفجيرها من بعد، لكنه لم يتهم جهة محددة، معتبراً أن «كل الفرضيات واردة بما فيها تنظيم القاعدة». وانضم ضابطان فرنسيان إلى فرق التحقيق المغربية التي ما زالت تواصل تحرياتها في خلفيات تفجير مقهى «أركانة» المطل على ساحة «جامع الفنا» في مراكش، ويركز الضابطان على تحديد هوية الضحايا الذين يتحدرون من أصول فرنسية، خصوصاً في ظل تفحم جثامين الضحايا، وفق شهود عيان. ويسود الاعتقاد أن مشاركة ضابطين فرنسيين في التحقيقات قد تساهم في تسليط الأضواء على دوافع الحادث، خصوصاً على خلفية التهديدات التي وجهت مرات عدة إلى الرعايا الفرنسيين ومصالح باريس في منطقة شمال أفريقيا. وأقيمت أمس في مختلف المدن المغربية صلاة الغائب على ضحايا الحادث الذي وصفه وزير الداخلية بأنه «إرهابي»، فيما تحدثت مصادر عن تحديد هوية سبعة ضحايا من بين 15 شخصاً، وهم فرنسيان وكنديان وهولندي واحد ومغربيان، فيما أشارت وسائل إعلام عبرية إلى مقتل إسرائيلية في الهجوم. ودان رئيس الوزراء عباس الفاسي الاعتداء «الوحشي الهمجي»، مضيفاً أن «هذا العمل محرم من طرف كل الديانات السماوية». ورأى أن هدف التفجير هو «المساس باستقرار المغرب»، مشيراً إلى «وجود لوبيات ضغط في الداخل والخارج تقاوم الإصلاحات لأنها لا تريد للبلاد أن تكون رمزاً للديموقراطية، خصوصاً بعد خطاب الملك محمد السادس الذي أعلن إقرار إصلاحات دستورية شاملة». وفي سياق متصل، شدد وزير الاتصال (الإعلام) خالد الناصري على أن «الإصلاح الذي يعرضه المغرب ذو طابع استراتيجي ولن يتأثر بالاعتداء»، ودعا إلى «المزاوجة بين ضمان أمن المواطنين ورفع تحدي الديموقراطية، وليس هناك أدنى تناقض بين متطلبات حماية المواطنين اقتصادياً وأمنياً وبين البناء الديموقراطي». وأشار إلى أن التحريات الجارية «أثبتت أن الأمر حادث إرهابي، ولم يتم بعد تحديد الجهة الضالعة فيه». ونقلت عنه وكالة «فرانس برس» أن «كل الفرضيات واردة بما فيها القاعدة والتحقيقات متواصلة». وكان وفد وزاري حل أمس في مراكش وزار موقع الحادث وتفقد الضحايا الذين يتلقون العلاج في مستشفيات المدينة. وذكرت مصادر طبية أن حملة للتبرع بالدم جرت «لحيازة بعض فصائل من الدم النادر لإسعاف الضحايا». وشدد وزير الداخلية على أن المغرب «سيواصل بكل عزم تصديه لكل أشكال الإرهاب بالوسائل القانونية كافة، في إطار التعاون مع الدول الشقيقة والصديقة». وكان لافتاً أن بعض معتقلي السلفية الجهادية المدانين على خلفية الهجمات الانتحارية في الدارالبيضاء أعلنوا براءتهم من الحادث، كما ان «جماعة العدل والإحسان» التي يتزعمها الشيخ عبدالسلام ياسين وصفت الحادث بأنه «عمل إجرامي شنيع»، مؤكدة نبذها العنف والتطرف، لكنها حذرت من تكرار تداعيات هجمات الدارالبيضاء. وقال مسؤول في «مركز ابن طفيل الطبي الجامعي» في مراكش (350 كلم جنوبالرباط) إن «شخصين توفيا متأثرين بجروحهما مساء الخميس» ما رفع الحصيلة إلى 16 قتيلاً. وكانت الحصيلة الأولية تشير إلى مقتل 14 شخصاً وجرح 23 آخرين. وانتشرت قوات الأمن في أنحاء البلاد اثر الهجوم. وقال مسؤول كبير في الشرطة إنه «تمت إقامة حواجز عند مداخل المدن الكبرى في المغرب لضمان الأمن الداخلي للبلاد». وفي باريس، قال مصدر حكومي فرنسي إن مدعي عام باريس فتح تحقيقاً أولياً في الهجوم الذي أسفر عن مقتل ستة فرنسيين على الأقل وجرح عشرين آخرين. ودان مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والجزائر وباريس ومدريد وواشنطن ودكار وليبرفيل هذا «الهجوم الإرهابي».