في ظلّ اعتراف متعدّد الأطراف بفشل الجولة الثامنة من مفاوضات جنيف في إحراز أي تقدّم يذكر على مسار حلّ الأزمة السورية تحت سقف الأممالمتحدة، تبدو روسيا أكثر حزماً في كسب اعتراف المجتمع الدولي، ولو مُرغماً، بمبادرتها الخاصة في الشأن السوري، عبر رعايتها مفاوضات منفصلة بين الأطراف السورية في سوتشي مطلع العام المقبل. وفي حين برزت معلومات عن سباق بين «سوتشي» وجولة تاسعة من جنيف متوقعّة في كانون الثاني (يناير) المقبل، ينوي المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا الإعلان عنها قريباً، استكملت موسكو اتصالاتها الرامية إلى تدشين مبادرتها الخاصة للتوصّل إلى تسوية. وأجرى نائب وزير الخارجية الروسية ميخائيل بوغدانوف أمس، اتصالاً هاتفياً مع رئيس «منصة موسكو» للمعارضة السورية قدري جميل. وأفاد بيان صادر عن الخارجية الروسية بأن الطرفين «تبادلا الآراء في شكل مفصّل حول تطورات الوضع في سورية في ضوء اختتام الجولة الثامنة من المفاوضات برعاية الأممالمتحدة، والتحضير لعقد مؤتمر الحوار الوطني السوري في بداية 2018». وبحث وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع نظيره الفرنسي جان إيف لو دريان في الوضع السوري وقضايا أخرى، خلال محادثة هاتفية الخميس الماضي، كما أعلنت الخارجية الروسية أمس. وشنّت فرنسا هجوماً على النظام السوري واتهمته بإفشال مفاوضات جنيف الأخيرة. وقال السفير الفرنسي لدى الأممالمتحدة جيرار أرو الجمعة إن «نظام الأسد لم يدخل أي مفاوضات منذ بداية الحرب الأهلية، هم لا يريدون تسوية سياسية بل يريدون القضاء على أعدائهم». وندّد نائب الناطق باسم الخارجية الفرنسية ألكسندر جورجينيو «بأسلوب النظام السوري الذي رفض المشاركة في المناقشات». وقال إنه «مسؤول عن عدم تحقيق تقدم في المفاوضات». وأكد أن «لا بديل عن حل سياسي يتم التوصل إليه من خلال التفاوض وباتفاق الطرفين وتحت رعاية الأممالمتحدة». ووجه جورجينيو في تصريحات الجمعة، أصابع الاتهام إلى روسيا وإيران في شأن عدم قدرتهما على فرض تطبيق وقف النار في غوطة دمشقالشرقية بموجب اتفاق «خفض التوتر» الذي أبرم في آستانة في أيلول (سبتمبر) الماضي. وقال: «يتعين على روسيا وإيران بصفتهما ضامنين لعملية آستانة وحليفين لنظام دمشق، اتخاذ خطوات لوقف القصف وضمان وصول المساعدات الإنسانية بسلام ومن دون عراقيل لمن يحتاجونها»، معتبراً أن «نظام دمشق مسؤول عن جرائم جماعية، خصوصاً من خلال استخدام الحصار كسلاح في الحرب». واتّهمت الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية هيذر ناورت في بيان أول من أمس، النظام السوري ب «عرقلة ومماطلة» محادثات جنيف. ودعت حلفاء دمشق إلى «استخدام نفوذهم لحض النظام على المشاركة بالكامل في مفاوضات جادة مع المعارضة». وشدّدت على ضرورة أن تعمل كل الأطراف «بجدية للتوصل إلى حل سياسي للأزمة، وإلا فإنها ستواجه عزلة مستمرة واضطراباً لا نهاية له في سورية». وأكدت المسؤولة الأميركية دعم دي ميستورا، وأشادت ب «المشاركة البنّاءة» للمعارضة في المحادثات. وكانت الجولة الثامنة من المفاوضات اختُتمت الخميس من دون تحقيق أي تقدم، واتهم دي ميستورا في شكل مباشر وفد الحكومة السورية ب «عدم السعي فعلياً إلى خوض حوار»، واصفاً المحادثات الأخيرة بأنها «فرصة ذهبية ضائعة». وقال المبعوث الدولي إنه ينوي الدعوة إلى جولة جديدة في جنيف بعد التباحث مع مجلس الأمن في نيويورك الأسبوع المقبل. ونقلت وكالة «آكي» الإيطالية عن مصدر في المعارضة السورية، قوله إن دي ميستورا ينوي عقد جولة تاسعة من مفاوضات جنيف قبل انطلاق «مؤتمر الحوار الوطني السوري» المُرتقب في سوتشي في شباط (فبراير) المقبل. ورجّح المصدر الذي لم يكشف عن هويته أن تُعقد الجولة التاسعة بين 15 و20 كانون الثاني (يناير) المقبل.