حشد مجمّع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، أمماً من الخبراء والمهتمين بالخط العربي في أنحاء عدة من العالم، رجالاً ونساء، كباراً وصغاراً، فما بين شيخ مصري يكاد يطفئ شمعته ال 94، وجزائري يعيش ربيعه ال 13 توافد من المعمورة 280 شخصاً نحو المدينةالمنورة يهتفون للقرآن، ويتسابقون أيهم يخلّد ذكراه بأحرف من التنزيل تخطها أنامله. ومع أن مسلسل العلاقة بين المسلمين والقرآن بدأ مبكراً في المدينة نفسها، تنزيلاً وتلاوة وجمعاً وطباعة، إلا أن السعوديين الذين شغفهم التنزيل حباً ظلوا يحاولون تقديم أفضل ما لديهم بين الحين والآخر، تكريماً لهذا الكتاب وتعظيماً، فما كاد المجمع الذي حمل اسم الملك السعودي الراحل فهد بن عبدالعزيز، يطبع أول نسخة له قبل نحو 30 عاماً، حتى تطورت طموحات المشرفين عليه، فراحوا يطبعون الترجمات، ويسجلون التلاوات، صوتية ومرئية وبلغة الإشارة، وبصيغة الجوال. وإذا كان المجمع نظم ندوات عدة عن بحوث القرآن ورسمه وقراءاته والاستشراق، فإنه في حسبان القائمين عليه، أراد أن يعود مجدداً إلى شق «الخط»، فلئن كان قراء المصحف الذي لا يخلو بلد في العام من نسخه، «يرونه أحسن ما يمكن أن يكون، فإن الإبداع الإنساني لا يتوقف عند حد، فمن يدري لعل من بين 280 خطاطاً، رجل أو امرأة أو حتى طفل، يبدع ما لم يسبق له مثيل، فيسعد ملايين المسلمين بتزيين أحرف القرآن بأعذب ما جادت به أنامله». وبدأت التحضيرات للملتقى قبل أشهر من إقامته، جعلت مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف الذي ينظمه، يضرب في إقامة الملتقى بأسهم عدة، عندما أكد أن الملتقى جاء ل «تقدير جهود أمهر خطاطي المصحف الشريف، وتكريمهم والاحتفاءِ بهم، وتجليةِ تجارِب أبرع الخطاطين في كتابة المصحف، وبيان مناهجهم في ذلك للإفادة منها، وإبراز الرسالة التي يحملها خطاط المصحف الشريف، والعمل على إيجاد ضوابط مَرْعيَّة في زخرفة المصاحف، ودرس سبل التوفيق بين خطوط الخطاطين والحاسب الآلي، خدمةً للخط العربي، ومحاولة الوصول إلى توافق وتقارب في مصطلحات الخط العربي، وعرض نماذج بخط الخطاطين من المصاحف المكتوبة بالروايات المشهورة والقراءات المتواترة، واكتشاف طاقات واعدة من خطاطي المصحف الموهوبين، وتشجيع التواصل بين خطاطي المصاحف، والمهتمين والمختصين في دراسة الخط العربي». وأقام المجمّع معرضاً مصاحباً ضمّ نحو 600 لوحة من روائع الخط والزخرفة، كما جاءت الفعاليات في عرض تعريفي بمشروع مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف للخطوط الحاسوبية المطابقة والموافقة لنص مصحف المدينة النبوية، ومحاضرة عن تاريخ كتابة المصاحف ومراحلها، وإلقاء الضوء على المعجم الذي يعدّه المجمع عن كتاب المصحف الشريف وأشهر الخطاطين له عبر العصور، وعرض تجارب شخصية لبعض مهرة الخطاطين في رحلتهم مع كتابة المصحف الشريف، وعقد ورشة عمل في موضوع مهم حول مشكلات كتابة المصاحف وضبطها، وتقديم دورة تعريفية عن رسم المصاحف وضبطها ومصطلحاتهما وعن الخط العربي.