أبرزت انتخابات الرئاسة في أوكرانيا أمس، انقساماً في البلاد قد يصعب رأبه، إذ انتظرت صفوف طويلة للاقتراع في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة الموقتة، فيما أرهب الانفصاليون الموالون لروسيا ناخبي الأقاليم الشرقية التي بدت وكأنها دولة أخرى (للمزيد). في الوقت ذاته، زار رئيس الوزراء الروسي ديمتري مدفيديف ثانية شبه جزيرة القرم، بعد ضمّها إلى بلاده في «استفتاء» في آذار (مارس) الماضي. مدفيديف الذي اعتبرت كييف زيارته «استفزازاً متعمداً هدفه زعزعة الاستقرار في أوكرانيا، في يوم الانتخابات»، وزّع جوازات سفر روسية على السكان. ورجّحت استطلاعات للرأي فوز البليونير بيترو بوروشينكو، الملقب بملك الشوكولا، بغالبية 56 في المئة، في مقابل 8 في المئة فقط ليوليا تيموشينكو، بطلة الثورة البرتقالية الموالية للغرب عام 2004. وقال بوروشينكو بعد إدلائه بصوته في كييف، إنه «مقتنع بأن الانتخابات يجب أن تجلب السلام إلى أوكرانيا أخيراً، وتوقف الانفلات الأمني والفوضى وإرهاب العصابات في الشرق». واعتبر أن انفصاليي الشرق يريدون «صوملة» تلك الأقاليم، مشدداً على وجوب أن «يغادر المسلحون الشوارع والبلدات». أما تيموشنكو التي اقترعت في مسقط رأسها دنيبروبتروفسك، فاعتبرت أن «الوقت حان لتنظيم استفتاء على الانضمام إلى الحلف الأطلسي، لاستعادة السلام في أوكرانيا». وأعربت عن اقتناعها بأن أوكرانيا يمكنها أن تكون «قوية وسعيدة ومزدهرة، إذا أصبحت عضواً في الاتحاد الأوروبي». رئيس الوزراء الموقت أرسيني ياتسينيوك رأى أن انتخاب رئيس جديد سيُخرج أوكرانيا من «المنطقة الرمادية للفوضى والظلام»، مرجّحاً «فشل جهود روسيا والإرهابيين الذين تموّلهم، لعرقلة الانتخابات». وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تعهد «احترام خيار الشعب الأوكراني» والعمل مع الفائز في الانتخابات، لكن عرقلة الاقتراع في الأقاليم الشرقية قد تدفع موسكو إلى التشكيك في شرعية الرئيس المنتخب، علماً أن الانتخابات تُنظّم بعد 3 اشهر على إطاحة الرئيس الموالي لروسيا فيكتور يانوكوفيتش. وثمة 36 مليون ناخب، بينهم 5 ملايين في منطقتَي دونيتسك ولوغانسك اللتين أعلنتا «استقلالهما» ، وتعهدتا عرقلة الاقتراع. وفي المناطق الخاضعة لسيطرة سلطات كييف، شكّل الناخبون صفوفاً طويلة للإدلاء بأصواتهم. وقال رجل الأعمال فيكتور سيبشينكو: «أصوّت من أجل أطفالي ومستقبلهم، وأتمنى أن نستطيع التحرّر من ماضينا المروع». لكن إدارة منطقة دونيتسك أعلنت أن اقل من 18 في المئة من مكاتب الاقتراع فتحت أبوابها، فيما سجّلت اللجنة الانتخابية المركزية نشاطاً في ثلث المناطق الانتخابية فقط في لوغانسك ودونيتسك حيث كانت الشوارع شبه مقفرة وسيّر مسلحون دوريات، مطلقين رصاصاً في الهواء، على وقع هتافات لآلاف الأشخاص تعتبرهم «أبطالاً». وجال انفصاليون على مراكز تصويت في دونيتسك، للتأكّد من أنها مغلقة، كما حطّموا صناديق اقتراع أمام كاميرات وسائل الإعلام. وفي موسكو، أدلى عدد ضئيل من الأوكرانيين بأصواتهم في الاقتراع، يشكّل 2 في المئة من 27 ألف أوكراني مسجلين في القنصلية، علماً أن عددهم في روسيا يناهز 1.6 مليون.