يدلي ملايين الأوكرانيين اليوم بأصواتهم لاختيار رئيس جديد بعد عزل الرئيس الموالي لروسيا فيكتور يانوكوفيتش نهاية شباط (فبراير) الماضي، في ظل أسوأ أزمة سياسية تشهدها البلاد منذ أشهر، وأوصلتها إلى حافة التقسيم والحرب الأهلية. ويخوض السباق الرئاسي 21 مرشحاً أبرزهم البليونير بيترو بوروشينكو ورئيسة الوزراء السابقة يوليا تيموتشينكو، وكلاهما مقربان من الغرب. وفي حال لم يحصل أحد المرشحين على غالبية 50 في المئة من أصوات الناخبين، ستنظم دورة إعادة، علماً بأن استطلاعات الرأي رجحت نيل بوروشينكو نسبة 40 في المئة من الأصوات، في مقابل تدهور غير مسبوق لشعبية تيموتشينكو التي لم تتجاوز نسبة تأييدها 8 في المئة. واستدعي أكثر من 33 مليون أوكراني للمشاركة في الاقتراع الذي يتوقع أن يشهد إقبالاً جيداً وسط البلاد وغربها، بخلاف الشرق المضطرب والذي سيشهد مقاطعة كبيرة خصوصاً في منطقتي دونيتسك ولوغانسك اللتين أعلنتا انفصالاً من جانب واحد عن كييف إثر استفتاء نظِّمَ في 11 الشهر الجاري. واقتحم مسلحون مراكز اقتراع في محيط دونيتسك أمس، كما سقط قتيلان في تبادل للنار بين الجيش الأوكراني وانفصاليين عند نقطة تفتيش غرب دونيتسك. ولم يبدِ رئيس الوزراء الأوكراني آرسيني ياتسينيوك قلقاً من خطط الانفصاليين مقاطعة الانتخابات، ودعا إلى مشاركة الناخبين بكثافة ل «الدفاع عن أوكرانيا» مؤكداً أن الاقتراع سيكون «نزيهاً وديموقراطياً». كما طالب موسكو ببذل جهدٍ إضافي لإنجاح الانتخابات التي وصفها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأنها «خطوة في الاتجاه الصحيح»، لكنه ربط تسوية الأزمة بفتح حوار شامل مع مناطق الشرق يفضي إلى تشكيل دولة فيديرالية تحترم حقوق كل الفئات. إلى ذلك، دعا الرئيس الأوكراني بالوكالة أولكسندر تورتشينوف مواطنيه للتوجه إلى مكاتب الاقتراع ل «منح البلاد سلطة شرعية، وعدم السماح بأن تصبح قطعة من امبراطورية ما بعد الامبراطورية السوفياتية». وفيما تنظر روسيا بارتياب إلى زعماء أوكرانيا وسياساتهم المؤيدة لأوروبا، دعا بوتين على هامش المنتدى الاقتصادي الدولي في سان بطرسبورغ، الاتحاد الأوروبي إلى دعم بناء أنابيب غاز لا تمر بأراضي أوكرانيا، محذراً من التهديد الذي يمثله «المتطرفون» الأوكرانيون على أنابيب الغاز التي تعبر بلدهم. وقال: «كانت روسيا دائماً مزوداً مسؤولاً لأوروبا بالغاز، لكن الوضع في أوكرانيا يؤكد مجدداً صحة مبادراتنا لاستخدام طرق مباشرة لتصدير محروقاتنا إلى أوروبا، خصوصاً عبر خط ساوث ستريم» الذي يلتف حول أراضي أوكرانيا، ويمر تحت البحر الأسود إلى بلغاريا وصربيا وهنغاريا، ومنها إلى دول أوروبا الغربية. ولا يزال الاتحاد الأوروبي متردداً في دعم بناء خط «ساوث ستريم»، علماً بأن شركة «غازبروم» الروسية دشنت عام 2011 خط «نورث ستريم» الذي يمر تحت الماء في بحر البلطيق قبل أن يصل إلى أوروبا الشمالية. إلى ذلك، أكد بوتين «استحالة» عزل روسيا عن الاقتصاد العالمي على رغم ضغوط الغرب بسبب أزمة أوكرانيا. ونفى سعي موسكو إلى إعادة إحياء الاتحاد السوفياتي، فيما استبعد اندلاع حرب باردة جديدة بين روسيا والغرب بسبب أزمة أوكرانيا، مؤكداً أن موسكو تراعي مصالح باقي الدول ولا تقبل إلا التعامل معها بالمثل.