لا تزال قضية عدم مشاركة المرأة في الانتخابات البلدية تثير الجدل بشكل يومي، خصوصاً مع عدم اعتماد تصريح موحد يبرر سبب المنع ويحترم عقلية الراغبات في المشاركة. جاءت تصريحات المسؤولين لتؤكد أن قرار اللجنة العامة للانتخابات بمنع المرأة من المشاركة كناخبة ومرشحة، كان قراراً متسرعاً وغير مدروس، وأن السبب المصرح به لم يكن إلا حجة يصعب تصديقها. هذا هو الإحساس العام الذي اتضح جلياً في الأسابيع القليلة الماضية، حين أكد أمين منطقة الرياض الأمير عبدالعزيز بن عياف أن المنطقة جاهزة لاستقبال طلبات الترشيح وانتخاب المرأة، بينما أوضح رئيس لجنة الإشراف المحلية لانتخابات أعضاء المجالس البلدية في المنطقة الشرقية ضيف الله العتيبي أن استبعاد المرأة قرار سياسي. كما صرح وزير الشؤون البلدية عندما سئل عن بيان الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان أن منع المرأة من الانتخابات مخالف للاتفاقات الدولية حين قال: «لا تسألوني واسألوا لجنة الانتخابات» التي شدد رئيسها أن مشاركة المرأة غير واردة! كان السبت الماضي يوم بدء التسجيل للانتخابات البلدية، يوماً مميزاً، على رغم الاستبعاد الرسمي للمرأة. يوم تصدرت عناوين صحفه المحلية الإقبال الخجول لتسجيل الناخبين بوجود النساء في مختلف المدن الرئيسة والذي تفوق على عدد الذكور المسموح لهم بالانتخاب والترشيح. ذهبت الطبيبة السعودية هبة البتيري، وصديقتها ممثلة العلاقات العامة فرح الشريف، إلى مدرسة ابن سينا الثانوية بالخبر، مستلهمتان الفكرة من دعوة «حملة بلدي» للتوجه لمراكز التسجيل في اليوم الأول من بدء عملية تسجيل الناخبين، لاستخراج بطاقة ناخب. وقالت البتيري للمسؤول: «أنا مواطنة سعودية، مقيمة في الخبر، وهذه بطاقة أحوالي، وعمري فوق 21 عاماً، وأرغب في التسجيل، ولقد اطلعت على شروط التسجيل ووجدت أني أستوفيها، وإن رغبت في موافقة ولي الأمر فيمكنني أن أحضرها لك». بهذه الكلمات استطاعت إقناع المسؤول، على حسب ما اعتقدت، بالتسجيل لهما وأخذ بياناتهما كأول ناخبتين يتوجهن لمركز التسجيل في ذلك اليوم. وبالطبع لم تكونا هما الشابتان الوحيدتان اللتان خاضتا هذه التجربة، إذ وجدت مجموعات من عضوات فريق «بلدي» وغيرهن من المهتمات أمام بعض المقرات الانتخابية في جدة ومكة والمدينة والرياض والدمام والقطيف خلال الأسبوع، محاولات التسجيل واستخراج بطاقة ناخب، ولكنهن غادرن من دون نتيجة، مؤكدات أنهن قد يعدن مرة أخرى للمحاولة! قد لا تعني عملية التسجيل الكثير، وقد يخرج المسؤول الذي أخذ بيانات الشابتين في الأيام المقبلة ويكذب الخبر، وربما يكون قد وجد أياً من المبررات لتفسير استضافته للشابتين، كما أفادت أخريات توجهن للموقع نفسه في اليوم التالي على الموقع الاجتماعي «تويتر» بأن تسجيل الشابتين كان مسرحية لإرضائهن وانتهت، وقد يتم تقطيع طلبهن وكأن شيئاً لم يكن. وأيضاً يمكن تجاهل وجود عضوات حملة بلدي في مختلف المراكز الانتخابية في بعض مدن المملكة، وقد لا يعني وجودهن الكثير لوزراة الشؤون البلدية، ولا يغير من أو يؤثر على قرار لجنتها في الوقت الحالي. لكن ما لا يمكن تجاهله إصرار النساء على رفض الإقصاء، مطالبات بتطبيق النظام الذي يسمح للمواطن بالترشيح والانتخاب ولا يستثني المرأة. لا يمكن تجاهل إصرار الشابتين على أنهن جزء من المجتمع ولو بطريقة رمزية بتأسيسهن مجموعة أخرى تحاكي حملة بلدي. لا يمكن تجاهل اجتهاد والتزام عضوات حملة بلدي بوجودهن ابتداءً من اليوم الأول من بدء التسجيل ليثبتن أن الحملة قامت على أسس جادة وحقيقية لإشراك المرأة في العملية الانتخابية بشكل خاص وفي المجتمع بشكل عام. ما لا يمكن تجاهله أن هناك سيدات وشابات متفتحات، وراغبات، وقادرات، وحريصات على المشاركة في العمل الوطني والاجتماعي. خرجن من مواقعهن وصفحاتهن على «الانترنت» ليقلن إن المرأة موجودة تعي حقها وتطالب به ولن تتنازل عنه. خرجن ليوصلن رسالة بسيطة تقول «احترم عقلي» فأنا لن أقبل بمبرر غير حقيقي يتحجج بعدم الجاهزية، ولا بأي مبرر يهضم الحقوق ويتجاهلها، ولو رغبت اللجنة في السماح للنساء بالمشاركة لوجدت الوسيلة. [email protected]