بدأت موسكو سحب جزء من قواتها في سورية، بعد الإعلان عن انتهاء العمليات العسكرية، بالتزامن مع بروز تحذيرات أمنية من احتمال «عودة إرهابيين» إلى روسيا خلال المرحلة المقبلة. وأعلن الجيش الروسي، أن أول مجموعة من القوات الروسية المنتشرة في سورية عادت إلى موسكو أمس، في أولى خطوات تنفيذ قرار الانسحاب الجزئي الذي أعلنه الرئيس فلاديمير بوتين خلال زيارته قاعدة «حميميم» قبل يومين. وافاد بيان عسكري إن «كتيبة من الشرطة العسكرية من المنطقة العسكرية الجنوبية (في روسيا) كانت منتشرة في سورية، عادت جواً عبر طائرتين عسكريتين إلى مطار محج قلعة (عاصمة داغستان). وبث التلفزيون الروسي صوراً للجنود وهم ينزلون من الطائرة على مدرج المطار في الجمهورية الصغيرة في شمال القوقاز الروسي. ولم تعلن موسكو تفاصيل عن حجم وجودها العسكري في سورية، لكن تقديرات خبراء أشارت إلى نشر نحو 5 آلاف من عناصر الشرطة العسكرية ومجموعات من سلاح المشاة والمظليين. وقال الخبير العسكري الروسي المستقل بافل فيلغنهاور لوكالة «فرانس برس» إن هناك ما يصل إلى عشرة آلاف عنصر ومتعاقد في سورية. وكانت قيادة القوات الروسية في سورية أعلنت أنه بموجب قرار بوتين سيتم سحب 23 طائرة مقاتلة ومروحتين، إضافةً إلى جزء من كتائب الشرطة العسكرية ومركز لنزع الألغام ومستشفى ميداني. إلى ذلك، أعربت أجهزة الاستخبارات الروسية أمس عن القلق من عودة مقاتلين من تنظيم (داعش) من سورية. وقال مدير الاستخبارات ألكسندر بورتنيكوف خلال اجتماع للجنة مكافحة الإرهاب في روسيا، إن «عودة مقاتلين سابقين ضمن جماعات مسلحة مخالفة للقانون في الشرق الأوسط يشكل خطراً حقيقياً، إذ يمكن أن يلتحقوا بعصابات إجرامية وخلايا أو حتى المشاركة في تجنيد مقاتلين آخرين». وأضاف بورتنيكوف أنه «مع تحرير المعاقل الأخيرة للتنظيم من قبل القوات الحكومية السورية بدعم من الجيش الروسي، فإن قياديي التنظيم ومقاتليه سيسعون إلى البحث عن سبل لمواصلة أنشطتهم الإرهابية على أراضي دول أخرى بما فيها روسيا». وكانت الاستخبارات اعلنت أن هناك حوالى 2900 متطرف روسي غالبيتهم من جمهوريات القوقاز حاربوا في العراق وسورية، إضافة إلى آلاف المقاتلين من دول آسيا الوسطى التي يقيم عدد كبير من مواطنيها في روسيا. وكان لافتاً إعلان الاستخبارات أمس توقيف ثلاثة عناصر مفترضين من «داعش» من آسيا الوسطى، كانوا يعدون لهجمات انتحارية في موسكو خلال احتفالات رأس السنة وفي الأرياف خلال الانتخابات الرئاسية المقررة في آذار (مارس) المقبل. كما أعلن الجهاز الأمني أن التحقيقات في موجة «الإرهاب التلفوني» التي اجتاحت روسيا قبل شهرين وتسببت بخسائر فادحة بسبب الاتصالات الكاذبة التي حذرت من وجود عبوات ناسفة في مراكز تجارية ومنشآت عامة كان مصدرها سورية، ما يعد مؤشراً إضافياً إلى التهديد المتوقع في حال نجح متشددين في العودة إلى روسيا مستقبلاً. برغم ذلك، أعلنت الخارجية الروسية أن العملية العسكرية للجيش الروسي في سورية، أتاحت فرصة لإبعاد التهديدات الإرهابية عن حدود روسيا الاتحادية وجيرانها. وقال أوليغ سيرومولوتوف، نائب وزير الخارجية الروسي، انه تمت تصفية الجزء الأكبر من الإرهابيين في سورية، الذين راهنوا على تصدير نشاطهم من الشرق الأوسط إلى روسيا ومناطق أخرى من العالم. سياسيا، اعتبر ألكسندر لافرينتيف، مبعوث الرئيس الروسي الخاص لسورية، أنه تجب إتاحة الإمكان للرئيس السوري بشار الأسد للترشح في انتخابات رئاسية مقبلة. وقال لافرينتيف إنه لا يرى ما يمنع الأسد من الترشح، أو ما يدل على أنه لن يترشح لولاية رئاسية جديدة. مضيفاً أن «القرار يعود إليه لا لغيره». إلى ذلك قللت موسكو من أهمية أنباء تحدثت عن دور محتمل لنائب الرئيس السوري فاروق الشرع في العملية السياسية التي تبلور روسيا ملامحها حالياً. وقال لافرينتيف إنه لم يتم التوصل بعد إلى تفاهم في شأن من سيتولى رئاسة مؤتمر الحوار الوطني السوري المتوقع عقده في مدينة سوتشي الروسية، مضيفاً أن جميع معايير المؤتمر المقبل لا تزال قيد الدراسة، ولا وضوح لحد الآن في شأن من سيترأسه.