قصفت إسرائيل فجر أمس، مستودعات أسلحة يُعتقد أنها مرسلة من إيران إلى «حزب الله» اللبناني قرب مطار دمشق الدولي، في مؤشر إلى الاستمرار في سياستها لمنع وصول صواريخ مطورة إلى الحزب الذي يحارب إلى جانب القوات النظامية السورية. واعترفت دمشق بحصول الضربة واعتبرتها «في سياق دعم فصائل المعارضة»، في حين اكتفى الكرملين بالقول إنه «يجب على كل الدول تحاشي أي عمل من شأنه تصعيد التوتر في المنطقة واحترام السيادة السورية» (للمزيد). وقد يُفسّر هذا الموقف بأن الرئيس فلاديمير بوتين يريد القول إنه يعارض الضربة الإسرائيلية، لكنه لا يستطيع منعها كونها تأتي في إطار «الخطوط الحمر» لدى إسرائيل في خصوص صواريخ إيران المرسلة إلى «حزب الله». وقال رئيس الاستخبارات الإسرائيلية إسرائيل كاتس من واشنطن إنه يعمل من أجل دعم إدارة الرئيس ترامب لمنع «وجود عسكري دائم» لإيران في سورية. وبالتزامن مع الضربة الإسرائيلية، أرسل بوتين مبعوثه الخاص إلى سورية ألكسندر لافرينتيف إلى طهران حيث قابل مسؤولين معنيين بالملف السوري وعرض عليهم «تصورات» الرئاسة الروسية في خصوص تطورات الأزمة و «آلية» التعاطي معها، من دون أن ترشح معلومات عن ماهية الأفكار التي حملها. لكن زيارته جاءت بعد يوم من محادثات روسية- سعودية تناولت في جزء منها الأزمة السورية وبرز خلالها تباين في شأن مصير الرئيس بشار الأسد في مستقبل بلاده. وقال أمين مجلس الأمن القومي الإيراني علي شمخاني الذي كان أحد مستقبلي لافرينتيف، إن إيران ملتزمة الحل السياسي لإنهاء الأزمة في سورية و «نعتقد أن استخدام الحل العسكري يكون مؤثراً فقط لمواجهة الجماعات التي لا تتخلي عن السلاح». إلي ذلك، عقد أمس في موسكو الاجتماع الثاني المشترك لوزراء الدفاع الإيراني حسين دهقان، الروسي سيرغي شويغو والسوري فهد جاسم الفريج، للبحث في الأوضاع السورية وتأكيد تعاون البلدان الثلاثة «لمحاربة الإرهاب». ووفق المصادر الإيرانية، فإن الوزراء الثلاثة دانوا «الاعتداء الأميركي علي سورية (قصف قاعدة الشعيرات) والدعم الصارخ للجماعات الإرهابية». وعلى صعيد الضربة الإسرائيلية، قالت مصادر في المعارضة السورية وفي أجهزة استخبارات، إن القصف أصاب مستودعاً للأسلحة يديره «حزب الله» قرب مطار دمشق، حيث تنقل طائرات تجارية وطائرات شحن عسكرية السلاح بانتظام من طهران. وأكد «مصدر عسكري» سوري في بيان نقلته وسائل الإعلام الحكومية «تعرّض أحد المواقع العسكرية جنوب غربي مطار دمشق الدولي فجر اليوم (أمس) إلى عدوان إسرائيلي بصواريخ عدة أطلقت من داخل الأراضي المحتلة». وأضاف: «إن هذا العدوان... محاولة يائسة لرفع معنويات المجموعات الإرهابية». وقال إسرائيل كاتس وزير الاستخبارات الإسرائيلي في تصريحات إلى راديو الجيش من الولاياتالمتحدة حيث يلتقي مسؤولين أميركيين: «بوسعي التأكيد أن الواقعة التي حدثت في سورية تتماشى تماماً مع سياسة إسرائيل بالتحرك لمنع إيران من تهريب الأسلحة المتطورة لحزب الله عبر سورية». وقال مصدر كبير في الاستخبارات في المنطقة طلب عدم كشف اسمه، إن المستودع المستهدف يتعامل مع كميات كبيرة من الأسلحة التي ترسلها إيران جواً وتُسلّم إلى مجموعة من الفصائل على رأسها «حزب الله». وفي باريس (رويترز)، أثار مساعد بارز لمارين لوبان، مرشحة أقصى اليمين في الانتخابات الرئاسية في فرنسا، شكوكاً أمس إزاء تقرير للاستخبارات الفرنسية اتهم القيادة السورية بشن هجوم بغاز سام، وهو موقف عارضه في شكل مباشر منافسها المرشح الوسطي إيمانويل ماكرون. وقال نائب زعيمة حزب الجبهة الوطنية فلوريان فيليبو لراديو فرنسا الدولي: «أعتقد أن المجتمع الدولي بإمكانه أن يرتاب في التقرير، لأنه لم يتم بعد إجراء تحقيق دولي برعاية الأممالمتحدة». وقال ماكرون الأربعاء، إنه سيدعم مزيداً من الضربات الجوية ضد منشآت الأسلحة الكيماوية التي لدى قوات الأسد. وفي نيويورك أكدت الأممالمتحدة أن إجبار المدنيين على إخلاء مناطقهم في سورية يتعارض مع القانون الدولي، في إشارة الى «اتفاق البلدات» الأربع ونقل سكانها بموجبه. وقال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ستيفن أوبراين خلال جلسة لمجلس الأمن أمس إن إخلاء السكان المدنيين في سورية «لا يتم بالتشاور معهم، وهم ينقلون الى مناطق غير آمنة بعدما أجبروا على ترك منازلهم»، داعياً الى إعلان هدنة إنسانية عاجلة في سورية. جاء ذلك في جلسة حول الوضع الإنساني في سورية أجمعت فيها الدول الغربية في مجلس الأمن على رفض الاتفاقات الأخيرة بنقل السكان في سورية وهو ما اعتبره ديبلوماسيون تخوفاً من «تكرار سيناريو تهجير السكان في الغوطة». وقالت السفيرة الأميركية في الأممالمتحدة نيكي هايلي إن الضغوط «يجب أن تتركز على روسيا، لأن أي ضغط آخر على دمشق وسواها لم يجد سابقاً، وروسيا هي الحامي الوحيد للنظام الدكتاتوري في سورية». وأضافت هايلي في جلسة لمجلس الأمن حول الوضع الإنساني في سورية آمس إن «روسيا تواصل استخدام الفيتو، والأسد يتمتع بهذه الحصانة لأنه يعلم أنه روسيا ستحميه، ولكن ذلك لن يوقفنا عن الاستمرار في التحرك بغض النظر إن استمرت روسيا في استخدام الفيتو أم لا». وقالت إن على روسيا تلبية تعهداتها بالضغط على دمشق لاحترام وقف الأعمال القتالية، ووقف مصادرة المواد الطبية والسماح بمرور المساعدات. ورد المندوب الروسي بيتر ليتشيف، معتبراً أن الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا «لم تقم بأي تحرك فعلي للضغط على الجماعات المسلحة سواء المعتدلة أو غير المعتدلة، فيما تؤدي روسيا دورها مع الضامنين الآخرين تركياوإيران لتثبيت وقف النار». وأبدى ليتشيف «الاستغراب حيال التهجم على اتفاق البلدات الأربع، على رغم أنه ساهم في حماية المدنيين».