بدأ عملياً أمس، العد العكسي لإغلاق معتقل قاعدة غوانتانامو العسكرية الأميركية في كوبا، مع نقل أول نزلائه التنزاني أحمد غيلاني الى الولاياتالمتحدة، ومثوله أمام محكمة مانهاتن الفيديرالية في مدينة نيويورك التي ستنظر في 286 تهمة موجهة إليه ترتبط بمشاركته في تفجير سفاراتي الولاياتالمتحدة في تنزانيا وكينيا عام 1998، حين قتل 224 شخصاً، في حين افيد انه سيتم «قريباً جداً» نقل ثلاثة معتقلين آخرين احدهم جزائري. وأعلن وزير العدل الأميركي اريك هولدر ان وزارته تملك تاريخاً طويلاً في توفير الاحتجاز الآمن والمحاكمات الناجحة لمشبوهين بالإرهاب، علماً ان جيلاني أقرً خلال جلسة عقدتها محكمة عسكرية في غوانتانامو العام 2007 بتوفيره معدات استخدمت في تفجير السفارة الأميركية في تنزانيا، لكنه أوضح انه لم يعلم أن هذه الأشياء ستستخدم في العملية. ويشكل مثول غيلاني الذي اعتقل في باكستان العام 2004، ونقل الى غوانتانامو في 2006، أمام محكمة فيديرالية أميركية أحد خمسة خيارات تدرسها إدارة الرئيس باراك أوباما منذ مطلع السنة، في إطار خطتها لإغلاق غوانتانانامو مطلع 2010. ويكرر ذلك سيناريو واشنطن في التعامل زكريا الموسوي، الذي خضع لمحاكمة داخلية بتهمة التورط باعتداءات 11 أيلول (سبتمبر) 2001، والطالب المصري في جامعة فلوريدا يوسف مجاهد الذي نظرت محكمة أميركية في قضية حيازته متفجرات العام 2007. ويشمل الخيار الثاني بت المحاكم العسكرية الاستثنائية في غوانتانامو بقضايا المعتقلين الذين انتهكوا قوانين الحرب، بعد إصلاح نظامها على صعيد رفض استخدام أدلة انتزعت تحت التعذيب. ويلحظ الخيار الثالث الإفراج عن معتقلين جرت تبرئتهم سابقاً، والذين يبلغ عددهم 21 حالياً. والرابع احتجاز بعضهم خارج الولاياتالمتحدة (حوالى 50 معتقلاً). أما الخيار الخامس فيتعلق بالسجناء الذين لا يمكن محاكمتهم باعتبارهم مصدر خطر دائم على الأمن القومي الأميركي، مثل خالد الشيخ محمد العقل المدبر المزعوم لاعتداءات 11 أيلول (سبتمبر) 2001. ويرغب أوباما في وضع إطار شرعي للمعتقلين ذي «الخطر الدائم»، تمهيداً لنقلهم الى سجون فيديرالية أميركية مخصصة لمرتكبي الجرائم الكبيرة والتي تخضع لإجراءات أمن مشددة. وأكد مسؤول في وزارة العدل الأميركية ل «الحياة» أن القرارات الخاصة بمراجعة ملفات المعتقلين والبت في مصيرهم ستتفاوت استناداً الى درجة تهديدهم للأمن الأميركي ونوع التهم الموجهة إليهم، مشيراً الى أن إدارة أوباما تلقى تعاوناً «مشجعاً» من أطراف دولية لمواصلة تطبيق خططها الخاصة بإغلاق معتقل غوانتانامو مطلع 2010. وانتقد الجمهوريون قرار نقل غيلاني، واتهم زعيمهم في الكونغرس جيم بونر إدارة الرئيس أوباما «باستيراد الإرهابيين الى الأراضي الأميركية». ويحاول الجمهوريون اللعب على مخاوف الأميركيين في هذه القضية، خصوصاً أن معظم السجون التي يرجح أن تستقبل المعتقلين موجودة في ولايات محافظة مثل كنساس ومونتانا وكارولاينا الجنوبية. وقالت مصادر قريبة من ملف المعتلقين انه سيتم «قريباً جداً» نقل ثلاثة معتقلين احدهم الجزائري صابر الاحمر (39 عاما) الذي برأه قاض فيديرالي في تشرين الثاني (نوفمبر) 2008 بعدما امضى سبعة اعوام ونصف العام في غوانتانامو، سيتوجه الى البوسنة.