هدد النواب الأكراد بمقاطعة جلسة التصويت على الموازنة الاتحادية إذا خفضت حصتهم، وواصلوا حملة استنكار ل «تجاهل» رئيس الوزراء حيدر العبادي ذكر قوات «البيشمركة» في خطاب «النصر» على «داعش»، في وقت تصاعدت في الإقليم الحملات الرامية إلى مقاضاة المتهمين بملفات الفساد وكشف مصير واردات النفط، وسط تحذيرات من عجز الحكومة عن تأمين رواتب الموظفين. واستهجن الأكراد عدم ثناء العبادي على دور قواتهم في خطابه الذي أشاد فيه ب «منع محاولة التقسيم»، في إشارة إلى طرد «البيشمركة» من المناطق المتنازع عليها في وقت تواجه جهود الوساطة لإطلاق المفاوضات بين أربيل وبغداد عقبات في ظل تمسك الأخيرة بشروط يعتبرها الأكراد «تعجيزية». وتظاهر مئات من طلاب الجامعات وسط أربيل أمس للتنديد بموقف العبادي وطالبوه بالاعتذار، ورفعوا لافتات تشيد بدور «البيشمركة» في محاربة الإرهاب، فلا «العبادي ولا غيره يستطيع إنكار دورها وبطولاتها». ونددت نقابة المحامين في كردستان ب «المواقف العدائية» للعبادي تجاه الأكراد، وقال النقيب بختيار حيدر خلال مؤتمر صحافي إن «العبادي يتجاهل دعوات الإقليم المتكررة للبدء بالحوار وقد كشف عداءه للإقليم في خطابه، وهو يعلم أنه لولا البيشمركة لربما كانت سقطت بغداد بيد داعش»، وأضاف: «ما يؤسف له أنه اعتبر سيطرة حكومته على كركوك والمناطق المتنازع عليها نصراً مكملاً على الإرهاب، ونقول له إن هذا الموقف لا يصبّ في مصلحة استقرار البلاد». ودعا رئيس كتلة «الاتحاد الوطني الكردستاني» آريز عبدالله، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع محافظ حلبجة عثمان علي عقب اجتماع الكتل الكردية في البرلمان الاتحادي أمس، إلى «إجراء تعديلات على مسودة مشروع الموازنة قبل المصادقة عليها، لأنها تتجاوز حقوق الشعب الكردي ولا تذكر محافظة حلبجة، وحتى السنة يعترضون على صيغتها الحالية لأنها لا تلحظ مخصصات للمحافظات المدمرة»، وهدد بأن «الكرد لن يصوتوا لمصلحة إقرار الموازنة في حال المساس بحصة الإقليم». وتفيد المصادر بأن حكومة العبادي «ترفض التخلي عن إكمال فرض سيطرتها على معابر الإقليم الحدودية مع كل من تركيا وسورية والمطارات، وستزيد ضغوطاتها على الأكراد سياسياً وعسكرياً بعدما أعلنت رسمياً القضاء على داعش». وحذر مستشار «مجلس أمن الإقليم» مسرور بارزاني خلال اجتماع مع السفير الألماني في بغداد، من أن «الخيار العسكري لحل الخلاف مع الإقليم ما زال متاحاً لدى أصحاب القرار والنفوذ في بغداد، لأنهم يتهربون من المفاوضات، وهذا مؤشر خطير يهدد استقرار المنطقة»، وجدد «رغبة الإقليم في الحوار». وأعلن القائد في قوات «البيشمركة» جعفر شيخ مصطفى، أن «قوة من الحشد الشعبي وصلت إلى ناحية جلولاء (تابعة لمحافظة ديالى) وأقامت نقاط تفتيش وسيطرات، وبدأت ارتكاب انتهاكات بحق المدنيين الأكراد». وفي المقابل، قال صرح نائب رئيس هيئة «الحشد» أبو مهدي المهندس خلال ندوة حوارية أقامتها وزارة الخارجية بأن «قوات الحشد منعت سقوط محافظ اربيل بيد داعش». ودعا نائب رئيس الجمهورية أسامة النجيفي، خلال لقائه السفير التركي في بغداد فاتح يلدزر، إلى «إطلاق حوار صريح وشامل بين بغداد واربيل للبحث في المعوقات والتجاوزات التي حصلت والتوصل إلى حل نهائي تحت سقف الدستور». وحذر من أن «استمرار الخلاف ليس في مصلحة البلاد»، كما أكد خلال اجتماع مع المبعوث الأممي يان كوبيتش أن «الاستفتاء كان خطأ تاريخياً، وموضوع الاستيلاء على المناطق المتنازع عليها أمر غير مقبول، لكن بعد صدور قرار المحكمة الاتحادية ببطلان نتائجه، فإن الأمر أصبح من الماضي ولا بد من إجراء حوار صريح شامل للبحث في المشاكل كافة وحلها تحت سقف الدستور، لأن التأخير في هذا المجال يؤثر سلبياً ويخلق فجوات نحن في غنى عنها»، وفق ما أفاد في بيان. من جهة أخرى، تتصاعد الحملات الداعية إلى مقاضاة المتهمين بملفات الفساد وكشف مصير عائدات النفط في كردستان، وأثارت تصريحات نائب رئيس حكومة الإقليم قباد طالباني حول وجود «فراعنة الفساد» وفشل محاولات مقاضاتهم، موجة غضب ومطالبات بكشف الملفات والمتورطين فيها. وأعلن النائب، من حركة «التغيير»، علي حمه صالح أن «30 نائباً رفعوا طلباً إلى رئاسة البرلمان لمساءلة وزير الثروات الطبيعية آشتي هورامي حول مصير الأموال في ظل الأزمة المالية الخانقة، باعتباره مسؤوالاً عن إبرام عقود النفط والأموال المودعة في البنوك الخارجية»، وشدد على أن «هناك توجهاً لاستضافة رئيس الحكومة نيجيرفان بارزاني ونائبه، لأن الفساد منتشر في رأس السلطة». ويتبادل قادة في حزب «الاتحاد الوطني» الاتهامات قبل المؤتمر الرابع للحزب المرجح نهاية الشهر الجاري، وشن عضو المكتب السياسي محمود سنكاوي خلال ندوة للكوادر في منطقة جومان شمال شرقي اربيل، هجوماً على قباد طالباني ووصفه بأنه «حامل حقيبة نيجيرفان»، وقال: «قمنا بتعيين قباد في الحكومة ليكون ممثلاً للحزب، لكنه ممثل ضعيف وأصبح موظفاً تحت الطلب». وعقدت حكومة الإقليم أمس اجتماعاً للبحث في إدارة الأزمة المالية ووضع آلية لتأمين رواتب الموظفين التي تم خفضها قبل أكثر من عام إلى أقل من النصف، وتراجع الواردات نتيجة الحظر الذي فرضته بغداد على المطارات وسيطرتها على حقول النفط في كركوك، ووضع الخطة البديلة تحسباً لاستمرار الخلافات مع الحكومة الاتحادية خلال الأشهر الستة المقبلة. وألغى نيجيرفان عقب انتهاء الاجتماع مؤتمراً صحافياً كان مقرراً أن يعقده لإعلان نتائج الاجتماع والتطورات في ملف الخلافات مع بغداد، من دون توضيح الأسباب.