في كل أسبوع جمعة، وفي كل جمعة تظهر جموع المتظاهرين إلى الشوارع وتُفعّل أجهزة الأمن آلة القتل، وتتحرك الفضائيات لتنقل لنا ما يجري في هذه الدولة أو تلك فيتقاطر الكذّابون ليدافعوا عن هذا النظام أو ذاك وكل حسب مصلحته. قبل أن يستقيل نائبا محافظة درعا ومفتيها احتجاجاً على الدم الدَّرعاوي المسفوح في شوارع المحافظة، كنت أتابع نشرة الأخبار على الفضائيات فخرج على إحداها عضو مجلس الشعب السوري عن محافظة درعا خالد العبود ليكذّب كل الصور والتقارير والأفلام التي تنقلها القناة ويقول إنها صور مفبركة. الدم يسيل في درعا والصنمين وسعسع وازرع وجبلة وبانياس وحمص والبيضا وتلبيسه ودير الزور وحماة وحلب والقامشلي ودوما وحرستا والتل ودمشق والرقة، والأخ العبود يكذّب الدم البريء وينفيه، فيما الفضائية السورية تقول إن من خرجوا للشوارع كانوا يحتفلون بالمطر، أي تخلّف إعلامي هذا الذي يمارسه التلفزيون السوري؟ وأي حماقة يرتكبها خالد العبود في حق أبناء شعبه؟ أية عبودية هذه يا خالد العبود؟ أي نوع من النكران للأهل الذين انتخبوك يا خالد؟ أمن أجل لوحة سيارة ومرتّب تقاعدي لا يتجاوز مئتي دولار، تكذّب الكاميرا وتصف المطالبين بحقوقهم بأنهم مندسين، النساء اللواتي خرجن من بانياس ليقطعن الطريق الدولي إلى طرطوس بعد أن اقتادت قوى الأمن أزواجهن وآباءهن وإخوانهن، لم يكنّ متظاهرات، بل خرجن لتفادي هتك أعراضهن بعد أن استباح الشبيحة بيوت أهالي بانياس ياخالد!. هل ترضى أن يستبيح أحد بيت عائلتك في الصنمين؟ أنت لست دَرعاوياً. أهالي درعا وكذا أهل سهل حوران أناس شرفاء لا يرتضون الضيم والإهانة. الذين خرجوا في الأسبوع الفائت في بانياس الحرة كانوا يهتفون: «بالروح بالدم نفديك يا درعا»، وأنت يا ابن درعا تكذّب الأفلام والصور التي أظهرت الشبيحة وهم يدوسون على رؤوس شباب بانياس المقيدين، أين أنت يا خالد من صرخة البانياسية الحرة أم أحمد وهي تستغيث عبر الفضائيات: «لقد دخل الشبيحة بيوتنا». أمثال خالد العبود كثيرون، ومنه انتقل إلى مفتي سورية أحمد بدر الدين حسون. كان أحمد حسون إماماً «سلفياً» لأحد مساجد مدينة حلب التي ينتمي إليها. من هناك وبمساعدة آخرين جيّش الشباب ودرّبهم، وخصوصاً الخليجيين منهم، للقتال في العراق. عقد صلحاً مع الجماعات الإسلامية في العراق وأصبحت له اليد الطولى داخلهم إلى أن تمكّن من استدراج المعارض السوري خالد سليمان «أبو الغادية» الذي كان حينها يشغل منصب الذراع العسكري لجماعة أبو مصعب الزرقاوي في العراق، ولما تمكّن حسون وبمساعدة آخرين أيضاً، من تصفية أبو الغادية، كانت مكافأته عضوية مجلس الشعب السوري. حسون خرج بعد إتمام دورته في مجلس الشعب «صوفياً» أقرب إلى «التشيّع الصفوي» منه إلى «الصوفية المعروفة بتسامحها»، ليكافأ بعد ذلك أن عيّن مفتياً للديار السورية.هذا المتلوّن زار الصنمين وخطب بأهلها وقال لهم: «إنهم الرجال... الرجال»، وهو لا يعرف من الرجولة إلا اسمها. من حقّ بشار الأسد أن يدافع عن نظامه، لكن إذا كان الرجال الذين من حوله من شاكلة «الطبلين» خالد العبود وأحمد حسون، فعليه أن يفكّر ألف مرة، قبل أن يقمع شبان سورية. السوريون يا فخامة الرئيس، هم أحفاد إبراهيم هنانو (كردي) وسلطان باشا الأطرش (درزي) والشيخ صالح العلي (علوي) والشيخ عبيد الغبين (زعيم قبلي) والشيخ دهام الهادي (زعيم قبلي رفض تقسيم سورية ونفاه الفرنسيون إلى خارج البلاد لعدة أعوام) وهؤلاء كلهم شاركوا في تحرير سورية من الاستعمار الفرنسي. أين خالد العبود وأحمد حسون من ابراهيم هنانو الذي باع أثاث منزله ليسلح الثوار وقال قولته الشهيرة عندما سألته زوجته – وهي في الأسبوع الأول من زواجها – كيف تبيع أثاث منزلنا – فقال لها: «لعن الله بيت اكتمل أثاثه وتنقصه الكرامة».