أعربت المملكة العربية السعودية عن استنكارها إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارتها إليها، في وقت يرى فيه الفلسطينيون محاولة فرض «صفقة القرن» عليهم. وقال مسؤول فلسطيني رفيع ل «الحياة»: «قرار ترامب خطير ومقلق جداً، لكن القلق الأكبر هو من الخطوة التالية، وهي محاولة فرض حل سياسي يستثني القدس، ومعها نصف مساحة الضفة الغربية، وإقامة دويلة فلسطينية في قطاع غزة وأجزاء من الضفة». وأصدر الديوان الملكي فور إعلان قرار ترامب مساء أول من أمس (الأربعاء)، بياناً في ما يأتي نصه، بحسب وكالة الأنباء السعودية: «تابعت حكومة المملكة العربية السعودية، بأسف شديد، إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارتها إليها. وقد سبق لحكومة المملكة أن حذرت من العواقب الخطيرة لمثل هذه الخطوة غير المبررة وغير المسؤولة، وتعرب عن استنكارها وأسفها الشديد لقيام الإدارة الأميركية باتخاذها، بما تمثله من انحياز كبير ضد حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية والثابتة في القدس، والتي كفلتها القرارات الدولية ذات الصلة، وحظيت باعتراف وتأييد المجتمع الدولي». وأضاف البيان: «إن هذه الخطوة، وإن كانت لن تغير أو تمس الحقوق الثابتة والمصانة للشعب الفلسطيني في القدس وغيرها من الأراضي المحتلة، ولن تتمكن من فرض واقع جديد عليها، إلا أنها تمثل تراجعاً كبيراً في جهود الدفع بعملية السلام، وإخلالاً بالموقف الأميركي المحايد، تاريخياً، من مسألة القدس، الأمر الذي سيضفي مزيداً من التعقيد على النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي. وتأمل حكومة المملكة العربية السعودية في أن تراجع الإدارة الأميركية هذا الإجراء، وأن تنحاز للإرادة الدولية في تمكين الشعب الفلسطيني من استعادة حقوقه المشروعة، وتجدد التأكيد على أهمية إيجاد حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية، وفقاً للقرارات الدولية ذات الصلة، والمبادرة العربية، ليتمكن الشعب الفلسطيني من استعادة حقوقه المشروعة، ولإرساء الأمن والاستقرار في المنطقة». ويؤكد المسؤول الفلسطيني: «معلوماتنا أن الإدارة الأميركية تُعد خطة لحل سياسي لضم القدس وأجزاء واسعة من الضفة الغربية لإسرائيل، وإقامة دولة فلسطينية في قطاع غزة ونصف الضفة الغربية فقط، في صفقة القرن». وأضاف: «يبدو أن خيار المواجهة قادم لأننا إذا لم نلجأ إليه الآن فإنه سيفرض علينا غداً». وقال: «المؤكد أننا سنرفض مثل هذا الحل، لكن المؤكد أيضاً أنهم سيحاولون فرضه علينا بالقوة». وشهدت الضفة الغربية أمس إضراباً شاملاً، وأغلقت المدارس، ونُظّمت مسيرات غضب ومواجهات في مختلف المدن الرئيسة، أصيب فيها عشرات. وقال مسؤولون فلسطينيون إن اقتراحات عدة تُدرَس الآن تمهيداً لمناقشتها في المجلس المركزي واتخاذ قرار في شأنها، منها الشروع في مواجهة سياسية مفتوحة مع الإدارة الأميركية وإسرائيل. والتقى الرئيس محمود عباس بالملك الأردني عبدالله الثاني في عمان وتباحثا في شأن القرار، وشددا على أن اعتراف الرئيس الأميركي بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلاده إليها يشكل خرقاً للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية. وجدد الملك عبدالله الثاني دعم الأردن الكامل للأشقاء الفلسطينيين في الحفاظ على حقوقهم التاريخية والقانونية في مدينة القدس، وفي مساعيهم الرامية إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدسالشرقية. ويعقد مجلس الأمن اليوم جلسة خاصة بالوضع في القدس والتسوية الفلسطينية- الإسرائيلية، في تحرك عاجل قررته سبع دول أعضاء رداً على قرار ترامب. ومن المقرر أن يفتتح الجلسة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ليجدد تأكيد موقفه «الرافض الإجراءات الأحادية الجانب التي يمكن أن تقوض التوصل إلى تسوية على قضايا الحل النهائي» وبينها القدس، وفق ما كان أعلن عقب كلمة ترامب. من جهة أخرى، يعقد وزراء الخارجية العرب ولجنة مبادرة السلام العربية اجتماعين طارئين غداً السبت في مقر جامعة الدول العربية في القاهرة للنظر في التطورات الخاصة بالقدس في ضوء القرار الأميركي الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل مقر السفارة الأميركية إليها. وأعلن الأزهر الشريف عقد مؤتمر عالمي عاجل حول القدس وأن الاتصالات والترتيبات في شأنه ستتم لاحقاً. وفي بروكسيل، تعقد وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني اجتماعاً مع وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي صباح اليوم. وأكدت موغيريني رفض دول الاتحاد الأوروبي الثماني والعشرين موقف ترامب. وكان وزراء الخارجية الأوروبيون أبلغوا نظيرهم الأميركي ريكس تيلرسون بموقفهم الثلثاء في بروكسيل. وجددت موغيريني تمسك الاتحاد الأوروبي بحل الدولتين والوفاق الدولي القائم بشأن مدينة القدس. وطالب النواب أعضاء لجنة العلاقات مع فلسطين، الممثلة السامية الأوروبية بالرد على موقف ترامب باعتراف الدول الأوروبية بالدولة الفلسطينية. وطالب النواب بإدراج موضوع القدس في جدول أعمال البرلمان الأوروبي يوم الثلثاء المقبل. ورأى النواب أن قرار ترمب «لا يتضمن جديداً سوى الاعتراف بواقع الاحتلال»، وشددوا على أنه «ينتهك القانون الدولي ويهين الشعب الفلسطيني». إلى ذلك، استنكرت مملكة البحرين ودولتا الكويت وقطر قرار الرئيس الاميركي المتعلق بالقدس، واعتبرته مخالفاً للوضع القانوني والتاريخي للمدينة. وقالت مصادر رئاسية تركية (رويترز) إن الرئيس رجب طيب أردوغان والبابا فرنسيس اتفقا خلال اتصال هاتفي أمس، على ضرورة تجنب أي محاولة لتغيير وضع القدس، وأوضحت أن «الرئيس أردوغان والبابا فرنسيس أقرا بوجوب تجنب أي محاولة لتغيير وضع مدينة القدس، مؤكدَين أنها مقدسة لليهود والمسيحيين والمسلمين».