أبلغ الرئيس دونالد ترامب أمس عدداً من زعماء الشرق الأوسط، عزمه نقل سفارة الولاياتالمتحدة من تل أبيب إلى القدس، متعهداً مقابل ذلك بمواصلة العملية السياسية وصولاً إلى حل سياسي. وتحدث ترامب هاتفياً أيضاً مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في شأن مستجدات الأوضاع في القدس. وقال الملك سلمان لترامب، إن نقل السفارة إلى القدس خطوة خطيرة تستفز مشاعر المسلمين، مؤكدا أن أي إعلان في شأن القدس يسبق التسوية سيضر بمفاوضات السلام. كما شدد خادم الحرمين على دعم المملكة المتواصل لحقوق الشعب الفلسطيني التاريخية. واتصل الرئيس الاميركي مع العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لإبلاغهما قراره. وقال مسؤولون فلسطينيون إن عباس رفض الموقف الأميركي ومبرراته، فيما أفاد الديوان الملكي الأردني في بيان بأن الملك عبدالله الثاني حذر ترامب من «خطورة اتخاذ أي قرار خارج إطار حل شامل يحقق إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدسالشرقية»، مؤكداً أن «القدس هي مفتاح تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة والعالم» (راجع ص4). وكان مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السعودية عبر أمس عن قلق المملكة العربية السعودية البالغ والعميق، مما يتردد في وسائل الإعلام في شأن عزم الإدارة الأميركية الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارتها إليها. وأكد المصدر «موقف المملكة الثابت من القدس، ووقوفها الراسخ والدائم إلى جانب الشعب الفلسطيني، لينال حقوقه المشروعة وإقامة دولته الفلسطينية وعاصمتها القدسالشرقية»، محذراً من أن خطوة الاعتراف بالقدس عاصمةً لإسرائيل «ستكون لها تداعيات بالغة الخطورة». وفي تحذير يعكس توقعات أميركية بقرار ترامب إما بنقل السفارة إلى القدس أو الاعتراف بها عاصمة لإسرائيل، بعثت الخارجية الأميركية ببرقية إلى سفاراتها حول العالم طالبةً زيادة الاحتياطات الأمنية عشية القرار. ونقلت صحيفة «بوليتيكو» أن الخارجية الأميركية بعثت ببرقيتين سريتين إلى سفاراتها في أنحاء العالم الأسبوع الماضي، دعت فيهما إلى زيادة الإجراءات الأمنية، محذرةً من أعمال عنف بعد قرار ترامب المتوقع إعلانه في خطاب له اليوم أمام جامعة الدفاع الوطنية. وقال مسؤول أميركي للصحيفة: «إعلان القدس يثير قلقاً كبيراً من أعمال عنف ستطاول السفارات... وأتمنى أن أكون على خطأ». ورفض البيت الأبيض والخارجية الأميركية التعليق رداً على سؤال ل «الحياة» حول قرار ترامب المرتقب، فيما قال المبعوث السابق إلى عملية السلام دنيس روس ل «الحياة»، إن اللغة التي سيستخدمها ترامب هي الأهم لناحية ما إذا كان الإعلان عن «نية بنقل السفارة» أو نقلها فوراً. وفي رام الله، قال مسؤول رفيع المستوى ل «الحياة»: «أبلغ ترامب الرئيس عباس بقراره، وقال له إن القرار جاء بناء على تعرضه لضغوطات من الكونغرس، وإنه مضطر لهذه الخطوة، وإنه سيعمل في المقابل على رعاية عملية سياسية مثمرة بين إسرائيل والفلسطينيين، ينتج منها ما سمّاه صفقة القرن، ورد عليه الرئيس عباس قائلاً إن مثل هذا الموقف غير مقبول على الإطلاق، وإنه سيعتبر نهاية للعملية السياسية». وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة: «إن الرئيس عباس حذر من خطورة تداعيات مثل هذا القرار على عملية السلام والأمن والاستقرار في المنطقة والعالم». وأضاف: «يؤكد الرئيس مجدداً موقفنا الثابت والراسخ بأن لا دولة فلسطينية من دون القدسالشرقية عاصمةً لها وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية». وتابع أبو ردينة: «سيواصل الرئيس اتصالاته مع قادة وزعماء العالم من أجل الحيلولة دون اتخاذ مثل هذه الخطوة المرفوضة وغير المقبولة». وقال مسؤول فلسطيني رفيع المستوى إن الرئيس عباس أجرى عقب الاتصال الهاتفي سلسلة اتصالات مع قادة الدول العربية والإسلامية، حضهم فيها على تحرك عربي وإسلامي واسع لمواجهة الخطوة الأميركية. من جهة ثانية، أجرى عباس اتصالاً هاتفياً مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، جرى خلاله مناقشة اتصالات الرئيس الفرنسي وجهوده مع نظيره الأميركي في شأن الخطوة الأميركية المرتقبة. وكان مكتب الرئيس الفرنسي قال في بيان بعدما تحدث ماكرون مع ترامب هاتفياً: «عبر الرئيس الفرنسي عن قلقه من إمكان أن تعترف الولاياتالمتحدة في شكل أحادي بالقدس عاصمة لإسرائيل». وأكد العاهل الأردني عبدالله الثاني أن اتخاذ قرار نقل السفارة ستكون له انعكاسات خطرة على الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، وسيقوض جهود الإدارة الأميركية لاستئناف العملية السلمية، ويؤجج مشاعر المسلمين والمسيحيين. وفي السياق، أجرى الملك الأردني اتصالاً هاتفياً مع الرئيس الفلسطيني أكد خلاله دعم الأردن الكامل للأشقاء الفلسطينيين في الحفاظ على حقوقهم التاريخية الراسخة في مدينة القدس، وضرورة العمل يداً واحدة لمواجهة تبعات هذا القرار، والتصدي لما يقوض آمال الشعب الفلسطيني في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدسالشرقية. وحذرت دولة الإمارات العربية المتحدة من خطورة الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. وأكد مساعد وزير الخارجية والتعاون الدولي لشؤون حقوق الإنسان والقانون الدولي أحمد عبدالرحمن الجرمن، أن الإقدام على هذه الخطوة يعد إخلالاً كبيراً بمبدأ عدم التأثير في مفاوضات الحل النهائي ويخالف القرارات الدولية التي أكدت حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية والراسخة في القدس، والتي لا يمكن المساس بها أو محاولة فرض أمر واقع عليها.