أكدت الأجهزة الأمنية الروسية أمس، مقتل الأردني خالد العميرات الملقب ب«مهند»، أبرز قادة الحرب العرب في شمال القوقاز، و«موفد» تنظيم «القاعدة» الى المنطقة، مشددة على أن «تصفيته» أحبطت مخططاً لتهريب أفواج من المقاتلين إلى المنطقة عبر أراضي جورجيا المجاورة. وأفاد موقع «قوقاز سنتر.كوم» القريب من الانفصاليين بأنه حصل «من الشيشان على تأكيد لمقتل المتطوع العربي مهند»، مشيراً الى أنه قاتل في البوسنة وكوسوفو والفيليبين وأفغانستان. وقال رمضان قديروف الذي عينه الكرملين رئيساً للجمهورية السوفياتية السابقة: «بدأت الفئران تخرج من الخزائن الخشبية. سيتم اعتقال كل منهم أو تدميره». وكانت المعطيات تباينت بشدة حول هوية القائد الميداني المقتول، والذي عثرت القوات الخاصة الشيشانية على جثته بعد معركة مع ستة مقاتلين، ساعدت المصادفة في رصد تحركاتهم في منطقة شالي جنوب الشيشان. وأسفر الاشتباك عن مقتل ثلاثة متشددين، أمكن لاحقاً التعرف الى جثة «مهند» بينهم. وكانت الداخلية الشيشانية أعلنت في البداية أن القتيل سعودي الجنسية، من دون أن تؤكد العثور على أوراق ثبوتية معه. لكن الرئيس الشيشاني رمضان قاديروف كشف لاحقاً إنه خالد يوسف محمد العميرات، من مواليد عام 1969. وأفاد بيان لأجهزة الأمن الروسية بأن العميرات أردني من مدينة الزرقاء، خدم في سلاح الجو الأردني، ثم لوحق في قضية جنائية قبل انتقاله الى الشيشان عام 1999. وكان «مهند» انضم فور التحاقه بالمقاتلين، الى ما عُرف باسم «مجموعة القائد خطاب»، الزعيم العربي الذي قُتل عام 2002، ثم عمل مع خليفته «أبو الوليد» الذي قتله الروس في عام 2004. وفي 2005، أصبح «مهند» أبرز زعماء الحرب العرب في القوقاز، بعد مقتل «أبو حفص الأردني»، أُعلن بعدها أن «مهند» بات يتولى قيادة «كتيبة المجاهدين العرب». ومع إعلان «إمارة القوقاز» عام 2007، أصبح نائباً للأمير دوكو عمروف، وهو موقع بقي يشغله حتى دبّ خلاف بين الرجلين العام الماضي. وقال المسؤول في لجنة مكافحة الإرهاب نيكولاي سينتسوف: «بعد تصفية خطاب عام 2002، ثمّ خلفه أبو الوليد عام 2004 وأبو حفص عام 2005، أصبح مهند في حكم الأمر الواقع الضامن الرئيس لتمويل التمرّد من الخارج». وشكلت إزاحة «مهند» الذي شغل الأجهزة الأمنية لسنوات، وكان يُعدّ خلال السنتين الماضيتين المطلوب الرقم واحد لديها، ضربة قوية لجزء كبير من الفصائل المسلحة المتشددة في شمال القوقاز، خصوصاً أن السلطات الروسية كانت تعتبره مسؤول الاتصال الأساسي بتنظيم «القاعدة»، والمتحكّم الأول بالمساعدات المالية المُرسلة إلى المقاتلين. وأعلنت لجنة مكافحة الإرهاب في الاستخبارات الروسية، مقتل «متمرد أمكن التعرّف إليه بوصفه موفد تنظيم القاعدة الإرهابي الدولي»، لافتة الى أن «مهند» كان زعيم حرب نافذاً «شارك في شكل مباشر في التحضير لكلّ العمليات الانتحارية تقريباً التي حدثت في روسيا في السنوات الماضية». ولفت مصدر أمني إلى أن مقتل «مهند» سيعني تجميد خطة كان يشرف على تنفيذها، وفق المعطيات الاستخباراتية الروسية، تقضي بإدخال أفواج من المقاتلين الجدد إلى القوقاز عبر أراضي جورجيا، بين الربيع ونهاية الصيف المقبل، لفرض سيطرته التامة على التمرد في شمال القوقاز. مصدر تحدث إلى «الحياة»، لم يستبعد أن تكون الانشقاقات التي حدثت في آب (أغسطس) الماضي داخل معسكر الانفصاليين في القوقاز، دفعت إلى وضع خطة لزيادة وجود المقاتلين العرب، من أجل تعزيز مواقع «مهند» بوصفه «أميراً» على المجموعات المتشددة الناشطة في المنطقة، علماً أنه كان انشق خريف العام الماضي عن دوكو عمروف «أمير القوقاز»، بعد خلاف بينهما على أسلوب إدارة الصراع. وكان عمروف، الذي بقي قائداً للتنظيم بمساندة من مجموعات أخرى إسلامية في المنطقة، قد وجّه عبر الإنترنت رسالة مسجّلة إلى مَن وصفهم ب «الإخوة العرب»، في إشارة إلى «القاعدة»، اتهم فيها «مهند» بالخروج عن الجماعة والشورى ومحاولات بثّ الفتنة، طالباً منهم مساعدة المقاتلين على الصمود. وأشار «مركز القوقاز» - على موقعه الإلكتروني أمس - إلى أنه على رغم تطابق المصادر التي أكدت مقتل مهند، إلا أن ثمة اضطراباً في شأن المكان الذي دارت فيه المعركة، ففيما تقول أجهزة الأمن الروسية إنها دارت الى الشرق من قرية سيرجن - يورت، أكد مركز القوقاز أن المعركة حدثت قرب قرية نيكهات. وفي خريف 2010 حدث خلاف بين قادة «الجهاد»، بعدما قرر ثلاثة منهم - أحدهم مهند - الانسحاب من طاعة «أمير إمارة القوقاز» دوكو أبوعثمان، فعمد الأخير إلى اصدار قرار خفض فيه رتبة مهند إلى جندي عادي. وكانت مصادر ديبلوماسية روسية رجحت أن مهند هو في الغالب أردني، وليس سعودياً كما تردد. وعززت ما ذهبت إليه بالإشارة إلى أن «الأمير» السابق للمقاتلين العرب في الشيشان «أبو حفص الأردني» اسمه الحقيقي فارس يوسف العميرات، وكان قُتل في عام 2006، وتولى بعده القيادة مهند الذي يكنى أيضاً «أبو أنس»، وأنهما قد ينتميان إلى العائلة نفسها.