استكمل أمس محققو النيابة المصرية التحقيقات مع الرئيس المخلوع حسني مبارك في مستشفى شرم الشيخ حيث يخضع للعلاج، واستمعوا إلى أقواله في شأن اتهامه بقتل متظاهرين، وفي قضية التعاقد على تصدير الغاز المصري إلى إسرائيل بأسعار متدنية، فيما قاد رئيس الوزراء الدكتور عصام شرف تظاهرات رفعت شعار «جمعة ردّ الجميل للجيش». وقرر النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود تمديد حبس مبارك لمدة 15 يوماً على ذمة التحقيقات التي تجرى معه بمعرفة النيابة، على أن يبدأ تنفيذها اعتباراً من نهاية حبسه السابق الخميس المقبل. وكشف الناطق باسم النيابة العامة المستشار عادل السعيد، أن محققين من مكتب النائب العام انتقلوا أمس إلى منتجع شرم الشيخ واستكملوا استجواب مبارك في مستشفى شرم الشيخ في حضور محاميه. وأوضح أنه «تمت خلال التحقيق مواجهة الرئيس السابق بما توافر خلال المرحلة الماضية من أدلة في شأن وقائع الاعتداء على المتظاهرين، وكذلك مواجهته بما شاب إجراءات التفاوض مع وزير البنية التحتية الإسرائيلي بنيامين بن إليعازر، الذي تعاقد معه على تصدير الغاز بسعر متدنٍّ يقل عن الأسعار العالمية، ما ترتَّب عليه الإضرار بمصلحة البلاد». وأشار إلى أن «النيابة العامة ستوالي استكمال التحقيقات في الوقائع المنسوبة إلى الرئيس السابق ونجليه وستعلن ذلك للرأي العام في حينه». وكانت النيابة العامة أمرت مساء أول من أمس، بحبس وزير البترول السابق سامح فهمي وبعض كبار المسؤولين السابقين في القطاع على ذمة التحقيق في صفقة تصدير الغاز إلى إسرائيل، كما أمر النائب العام بضبط صاحب شركة «شرق المتوسط»، واجهة تصدير الغاز، رجل الأعمال الفار حسين سالم، المقرب من مبارك. وتضمنت قائمة قيادات قطاع البترول المحبوسين على ذمة التحقيقات في القضية: نائب رئيس الهيئة العامة للبترول لمعالجة وتصنيع الغازات سابقاً محمود لطيف، ونائب رئيس الهيئة العامة للبترول للإنتاج سابقاً حسن عقل، ونائب رئيس الهيئة العامة للبترول للتخطيط سابقاً إسماعيل حامد كرارة، ورئيس مجلس إدارة الشركة المصرية القابضة للغازات سابقاً محمد إبراهيم يوسف طويلة، ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للبترول سابقاً إبراهيم صالح محمود. وأوضح الناطق باسم النيابة العامة، أن «التحقيقات في تلك القضية تناولت ما شاب إجراءات التفاوض مع وزير البنية التحتية الإسرائيلي في شأن تصدير الغاز من جريمة تشكل الإضرار بمصلحة البلاد وإهدار المال العام، وتمكين الغير من تحقيق منافع مالية، وذلك لقيامهم ببيع وتصدير الغاز إلى إسرائيل بسعر متدنٍّ لا يتفق والأسعار العالمية، وبشروط تعاقدية مجحفة، ما ألحق ضرراً بالمال العام يبلغ 714 مليون دولار، تمثل في الفارق بين سعر البيع والسعر العالمي وقت التعاقد، كما مكَّنوا المتهم حسين سالم من تحقيق منافع مالية من وراء هذا التعاقد». في غضون ذلك، قاد رئيس الحكومة تظاهرات امس في حي مدينة نصر (شمال شرق القاهرة) أطلق عليها «جمعة ردّ الجميل للجيش». ولم يُلقِ شرف كلمة أمام المتظاهرين، مثلما حدث في ميدان التحرير حين نزل في أول أيام توليه المسؤولية عقب إطاحة سلفه الفريق أحمد شفيق، بل اقتصر دوره على المشاركة مع المتظاهرين في ترديد الهتافات قبل أن يغادر المكان. وناشد الشيخ مظهر شاهين المجلس العسكري «عدم السماح لأي جهة خارجية بالتدخل في شؤون مصر»، مشيراً إلى أن «ثوار 25 يناير يرفضون أيَّ تدخل في الشؤون الداخلية للبلاد ويضعون كامل ثقتهم في رجال القوات المسلحة لإدارة دفة الحكم في البلاد». ودعا خلال خطبة «جمعة ردّ الجميل للجيش»، التي ألقاها أمام المتظاهرين، الجيشَ إلى «تشديد الحراسة على الوزراء والمسؤولين السابقين المحبوسين في سجن طرة والتفرقة بينهم في العنابر والزنازين»، مؤكداً أن «فلول النظام السابق لا تزال تعمل في شدة لإجهاض الثورة». ونبه إلى أن «فلول النظام السابق حاولت خلال الفترة الماضية دس الفتنة وإحداث وقيعة بين الجيش والشعب في محاولة لإجهاض الثورة، إلا أن رجال القوات المسلحة والثوار أدركوا ذلك المخطط البغيض وأجهضوه، واضعين مصلحة الوطن فوق أي اعتبار». وتزامن ذلك مع تنظيم مئاتٍ تظاهرةً في ميدان التحرير طالبوا فيها بإطلاق المعتقلين من المتظاهرين على أيدي الشرطة وقوات الشرطة العسكرية. وشارك الآلاف أمس في تظاهرات لإقصاء محافظي قناوالمنياوالإسكندرية المعينين حديثاً، واتهموا رئيس الوزراء بالموافقة على تعيين محافظين ينتمون إلى الحزب الوطني الديموقراطي الحاكم سابقاً وجهاز مباحث أمن الدولة، اللذين تم حلهما. وذكرت وكالة «رويترز» أن نحو ثلاثة آلاف متظاهر تجمعوا أمس أمام مقر القيادة العسكرية الشمالية في مدينة الإسكندرية مطالبين بإقصاء المحافظ الجديد عصام سالم. وردّد المتظاهرون هتافات تقول: «عصام سالم بره بره، اسكندرية حرة حرة» و «جبتو عصام سالم ليه، سجن طرة بينادي عليه» و «لا أستاذ ولا دكتور، عصام سالم دكتاتور» و «مش عايزينو مش عايزينو، فساد الجامعة بينا وبينو» و «مش عايزينو مش عايزينو، فصل الطلبة بينا وبينو». وقبل سنوات، عمل سالم رئيساً لجامعة الإسكندرية، ويقول أساتذة في الجامعة وأعضاء في «الإخوان المسلمين»، إن سالم يتحمل مسؤولية تزوير انتخابات لاتحادات الطلاب في الجامعة وانتخابات نادي أعضاء هيئة التدريس. ويرى ناشطون أنه يتحمل أيضاً المسؤولية عن فصل طلاب من كلياتهم بالتعاون مع جهاز مباحث أمن الدولة الذي تم حله. ورفع المتظاهرون لافتات تقول: «لا لا. عصام سالم من بقايا الحزب الوطني» و «لا لبقايا النظام... لا لا يا عصام»، في إشارة إلى رئيس الوزراء. وأشار متظاهرون إلى أن قيادة المنطقة الشمالية العسكرية تسلمت طلباً من المتظاهرين، ومعظمهم من «الإخوان»، بإبعاد المحافظ الجديد. وفي مدينة المنيا التي تبعد نحو مئتي كيلومتر جنوبي القاهرة، تجمّع مئات الأشخاص مطالبين برحيل المحافظ الجديد سمير سلام المنقول من محافظة الدقهلية بدلتا النيل، وردّدوا هتافات تقول: «من ضياء لسمير، الظلم دا علينا كتير»، في اشارة إلى المحافظ السابق اللواء أحمد ضياء الدين، الذي اتهمه سكان بجمع تبرعات إجبارية وسحب اختصاصات موظفين كبار، كما أنه متهم من مساعدين له في بلاغات رسمية بوقائع فساد. وردَّد المتظاهرون هتافاً يقول: «يا عصام يا عصام، احنا هنسقط النظام»، في اشارة الى رئيس الوزراء. وقال شهود عيان إن سلام خاطب المتظاهرين من داخل مبنى ديوان عام المحافظة عبر مكبر للصوت، لكنهم وضعوا أصابعهم في آذانهم، وطلب سلام من المحتجين دخول المبنى ليتحاور معهم، فأداروا ظهورهم للمبنى. وقال الناشط الحقوقي نادي عاطف: «لا نريد أحداً من الحزب الوطني أو لواء شرطة في المنيا مرة أخرى». وفي محافظة قنا، احتشد الآلاف في الميادين رفضاً لتعيين نائب مدير أمن الجيزة السابق اللواء عماد شحاتة ميخائيل محافظاً، وردّد المتظاهرون هتافات بينها: «يا شرف قول الحق، انت ظالمنا ولا لأ» و «يا حرية فينك فينك، ميخائيل بينا وبينك»، فيما استمر اعتصام المئات أمام شريط السكك الحديد. وفي محاوله لتدارك الموقف، أعلن مدير أمن قنا اللواء محمد أحمد إبراهيم، أن رئيس الوزراء سيزور المحافظة خلال أيام على رأس وفد من الوزراء، في إطار مسعى لإنهاء الاحتجاجات المتواصلة منذ الجمعة الماضي. وقال إبراهيم، في تصريحات أمس، إن شرف ووزراءه سيزورون قنا عقب جولته الخليجية التي ستبدأ غداً الأحد، فيما كتب شرف في صفحته على موقع «فايسبوك»: «أتمنى أن يقبلني أهلي في قنا ضيفاً عليهم لنتحاور ونصل إلى حل يرضيهم». على صعيد آخر، عرضت الهند على مصر تقديم خبرات إلكترونية في إدارة عملية الانتخابات، ومن ضمنها تجهيزها بمعدات رخيصة الكلفة تستخدم في الاقتراع، لاستخدامها في الانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها في أيلول (سبتمبر) المقبل. وأبدى مسؤولون مصريون اهتمامهم بمحاكاة النموذج الانتخابي الهندي. وغادر القاهرة أمس رئيس لجنة الانتخابات في الهند شهاب الدين قريشي، بعد زيارة استمرت ثلاثة أيام، أجرى خلالها لقاءات مع عدد من كبار المسؤولين أطلعهم خلالها على النظام المتبع في الهند في ما يتعلق بإجراء الانتخابات المختلفة، وعرض خلالها التعاون في تطوير تقنية محلية لتصنيع المعدات الإلكترونية الخاصة بالاقتراع وتزويد مصر بهذه الأجهزة حتى يتم تصنيعها. وقبل مغادرته، أعلن قريشي «استعداد الهند لإطلاع الجانب المصري على كل خبراتها الانتخابية، وفي مقدمها الاقتراع الإلكتروني، من خلال ماكينات صغيرة الحجم وسهلة التقنية لا يتجاوز ثمنها 200 دولار، تتيح للناخبين، خصوصاً الأميين منهم، الإدلاء بأصواتهم في سهولة ويسر، إضافة الى تقليص الفترة الزمنية اللازمة لفرز الأصوات، بحيث لا تتعدى 12 ساعة مقارنة بثلاثة أيام في حالة التصويت الورقي». وأوضح أن بلاده «تستخدم هذه التقنية البسيطة للتصويت الإلكتروني منذ العام 1998 بكل نجاح، وتنعدم معها الشكاوى من عمليات التزوير وغيرها من المشاكل المرتبطة بالاقتراع»، مشيراً إلى أن «نجاح التجربة الهندية في الانتخابات، رغم ظروف الهند السكانية، يرجع إلى سببين أساسيين: أولهما وجود برامج لتوعية الناخبين، والثاني استخدام أحدث ما توصل إليه العلم والتكنولوجيا في مجال الانتخابات، مثل خدمة الرسائل القصيرة لمتابعة الانتخابات، وتقارير الأحزاب السياسية وتقارير المراقبين ونظم تحديد مواقع الدوائر ومواقع الناخبين وحركتهم وغيرها». وأكد أن بلاده «ستُطلع الجانبَ المصري على كل هذه الخبرات وغيرها في ضوء العلاقات المتميزة بين الجانبين». وأشار إلى أنه التقى والوفدَ المرافق له مسؤولين كثيرين لمناقشة هذا الأمر خلال الزيارة التي جاءت بدعوة من مصر «لمشاطرتها في خبرات الهند الانتخابية المتميزة التي تمتد لأكثر من ستين عاماً». وفي سياق متصل، أعلن رئيس «حزب الوفد» السيد البدوي، أنه قدّم «مذكرات عدة إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة تطلب إجراء انتخابات مجلس الشعب المقبلة بالنظام المختلط، الذي يجمع بين القائمة النسبية والنظام الفردي، ووضع حد أدنى للأجور، وإطلاق مجموعة من التشريعات لمكافحة الفقر وتحسين الدخل ودفع عجلة التنمية والاستثمار»، كما طالب المجلس «بتشكيل هيئة مستقلة من قضاة المحاكم الاقتصادية، لإقرار برنامج زمني لوضع حل للمطالب الفئوية، إضافة إلى التزام الحكومة بأن يكون تعيين المحافظين بنظام الانتخاب». أما في ما يتعلق بالانتخابات الرئاسية المرتقبة قبل نهاية العام، فأكد رئيس «حزب الكرامة» الصحافي حمدين صباحي، الذي أعلن خوض المنافسة على المقعد الرئاسي، أنه يسعى إلى «بناء الجمهورية الثالثة في تاريخ مصر، التي تقوم على 3 أسس، تشمل: الديموقراطية، وصيانة الحريات والحقوق الاقتصادية والاجتماعية المتساوية، واستقلال القرار السياسي». وقال خلال مؤتمر جماهيري عقده في مدينة منيا القمح (دلتا النيل)، ضمن جولته الانتخابية، إن «التعليم هو الأساس لنهضة الأمم، لذلك لا بد من تطوير التعليم المجاني ابتداء من الحضانة حتى الجامعة، لأنه حق وليس سلعة، وإقامة نظام تعليمي قادر على تنمية الشباب وإعطائهم فرصة للنقد والتعبير عن الرأى وممارسة الديموقراطية»، مشيراً إلى أنه سيعمل على «أن يلبّي التعليم حاجات سوق العمل، وأن يكون اختيار القيادات الجامعية بالانتخاب». وأوضح أنه يأمل في «أن يضمن الدستور الجديد حقوقاً اقتصادية واجتماعية متساوية وعادلة لجميع المصريين في ثروة بلادهم، التي تشمل حق السكن والعلاج والغذاء والتعليم والعمل والأجر العادل والرعاية والتأمين الاجتماعي الشامل والبيئة النظيفة»، لافتاً إلى أنه «لا قيمة للحرية والديموقراطية من دون نيل هذه الحقوق، لأن الشعب يريد الخبز والكرامة معاً». وشدّد على أنه سيلتزم «بكل الاتفاقات والمعاهدات الدولية التي وقّعتها مصر، لكن في الوقت نفسه سأوقف على الفور تصدير الغاز لإسرائيل، وأنهي حصار غزة، وأفتح معبر رفح في شكل دائم». وأشار إلى أنه يسعى إلى «أن تعود مصر قائداً للأمة العربية ورائداً لقارتها الأفريقية ومنارة للشعوب الإسلامية»، منوِّهاً بأنه سيعمل على «بناء قومية عربية جديدة تقوم على فتح الحدود وحرية التنقل والاستثمار والعمل، إلى جانب التعاون مع دول أفريقيا لحماية مياه النيل، إضافة إلى السعي نحو التلاحم والتواصل بين العرب وتركيا وإيران، لأنهم قلب العالم الإسلامي».