بعد أيام على إطلاق السلطات الباكستانية زعيم جماعة الدعوة الإسلامية المتطرفة حافظ سعيد، المتهم بتخطيط اعتداءات بومباي عام 2008 والتي أسفرت عن 160 قتيلاً، ما استدعى رد فعل غاضباً من البيت الأبيض، أجرى وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس، خلال توقف قصير في إسلام آباد، محادثات مع رئيس الوزراء الباكستاني شهيد خاقان عباسي وقائد الجيش الجنرال قمر جاويد بجوا. وفي طريقه إلى باكستان، أكد ماتيس أنه لن يستخدم تكتيك الضغط على إسلام آباد لحضها على مزيد من التحرك ضد الملاذات الآمنة للمتمردين في مناطق القبائل المحاذية للحدود مع افغانستان، والتي يطلقون منها هجمات على قوات الحلف الأطلسي (ناتو) في البلد المجاور، بل سيبادر إلى «الإصغاء». وقال: «لا أعتمد هذه الطريقة. اعتقد بأننا نعمل جدياً لأيجاد أرضية مشتركة تمهيداً للتعاون، وهذا ما أريده». وخلال اللقاء، قال رئيس الوزراء الباكستاني شهيد خاقان عباسي إن «البلدين الحليفين متفقان على الأهداف، ونؤكد أننا ملتزمون الحرب على الإرهاب، ونشدد على لا أحد يريد سلاماً في أفغانستان أكثر منا». وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، حدد في آب (أغسطس) الماضي الإطار العام لإستراتيجيته الجديدة للحرب في أفغانستان، منتقداً باكستان بسبب مزاعم عن دعمها للمتشددين في أفغانستان، ما أغضب إسلام آباد. ثم شهدت العلاقات بين الجانبين مزيداً من التأزم بعدما أمرت محكمة باكستانية نهاية الشهر الماضي بإنهاء الإقامة الجبرية لسعيد، ما استدعى رد فعل غاضباً من البيت الأبيض الذي يرصد منذ 2012 مكافأة مقدارها عشرة ملايين دولار لقاء معلومات تقود إلى توقيفه. وأفاد المكتب الإعلامي للرئيس ترامب بأن «إطلاق سعيد يدحض ادعاءات باكستان بأنها لن تؤمّن ملاذاً لإرهاببين». وتابع: «إذا لم تعتقل باكستان سعيد وتوجه إليه اتهامات بالجرائم التي ارتكبها، سيؤدي ذلك الى تداعيات على العلاقات الثنائية وعلى سمعتها دولياً». وكان ترامب اتهم إسلام آباد بإيواء «عناصر تزرع الفوضى، وقد تهاجم قوات الناتو التي تقودها الولاياتالمتحدة في أفغانستان. وأعقب ذلك عقد اجتماعات ديبلوماسية اميركية– باكستانية رفيعة المستوى، لكن إسلام آباد لم تبدِ أي تجاوب ملحوظ في شأن تقديم تنازلات لواشنطن. وطالما اتهمت واشنطن وكابول الحكومة الباكستانية بإيواء متطرفين أفغان بينهم عناصر في «طالبان» يعتقد بأنهم مرتبطون بالمؤسسة العسكرية الباكستانية التي تحاول استخدامهم درعاً اقليمية لمواجهة العدو اللدود الهند. والأسبوع الماضي، أقرّ قائد القوات الأميركية وقوات الحلف الأطلسي في أفغانستان الجنرال الأميركي جون نيكولسون بأن باكستان «منخرطة في قتال شرس جداً ضد المتشددين داخل أراضيها»، لكنه استدرك أنه لم يرَ تغييرات مهمة من إسلام آباد. وتنفي باكستان باستمرار الاتهامات بتواطئها مع متشددين، وتشدد على أنها تتواصل معهم فقط لمحاولة إقناعهم بإجراء محادثات سلام، في حين تبدي غضبها من سعي ترامب إلى إعطاء الهند دوراً أكبر في إعادة إعمار أفغانستان. وقالت مديحة أفضل من معهد «بروكينغز: «لم تعد هناك عصا فاعلة إذ لم تعد باكستان تعبأ بالمساعدات الأميركية التي تتقلص في ظل حصول إسلام آباد على الأموال التي تحتاجها من مصادر أخرى، لذا يجب أن تعاملها واشنطن باحترام ويقدموا لها مكافآت فعلية حين تنفذ عملاً جيداً».