يلتقي رئيس الوزراء الباكستاني شاهد خاقان عباسي اليوم (الخميس)، مع قادة الجيش النافذين لبحث كيفية الرد على السياسة الأميركية الجديدة حيال أفغانستان والتي تشمل ممارسة ضغوط أكبر على إسلام أباد لكبح جماح المتشددين. ووبخ الرئيس الأميركي دونالد ترامب باكستان على إيواء «عناصر تشيع الفوضى» وتوفير ملاذ آمن لجماعات متشددة تشن تمرداً على الحكومة المدعومة من الولاياتالمتحدة في أفغانستان، وحضها على تغيير نهجها على الفور. وذهب مسؤولون في البيت الأبيض إلى أبعد من ذلك وهددوا بخفض المساعدات المالية والعسكرية فضلاً عن إجراءات أخرى لإجبار باكستان على التعاون ووضع حد للحرب المستمرة منذ 16 عاماً. ولم يرد عباسي بعد على تصريحات ترامب لكن وزير الخارجية خواجة آصف قال إنه يجب على واشنطن ألا تستخدم باكستان «كبش فداء» لإخفاقاتها في أطول حرب تخوضها حتى الآن. وتنفي باكستان إيواء مسلحين. وكما هي الحال غالباً في باكستان، يعود القرار النهائي في كيفية التصرف إلى الجيش، الذي حكم البلاد لحوالى 35 عاماً، وهو الذي يحدد التوجه في ملفات رئيسة في السياسة الخارجية بما في ذلك العلاقات مع الولاياتالمتحدةوأفغانستانوالهند. والتقى أمس قائد الجيش قمر غويد باغوا، الذي سيشارك في اجتماع مجلس الأمن القومي اليوم، مع السفير الأميركي ديفيد هيل وأبلغه إن إسلام اباد تريد ثقة الولاياتالمتحدة وتفهمها أكثر من أموالها. ويشعر المسؤولون الباكستانيون بالانزعاج حيال ما يرونه عدم احترام من واشنطن لتضحيات البلاد في مجال الحرب على التشدد ونجاحاتها في مكافحة جماعات مثل القاعدة وتنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) أو حركة «طالبان». وتقول باكستان إن 70 ألفاً سقطوا ضحية هجمات المتشددين منذ انضمامها إلى الحرب الأميركية على الإرهاب في أعقاب هجمات 11 أيلول (سبتمبر) 2001 على الولاياتالمتحدة. وقال رئيس لجنة الدفاع في مجلس الشيوخ الباكستاني مشاهد حسين اليوم: «نشعر أن الإدارة الأميركية بقيادة الرئيس ترامب متحيزة تماماً وتجور على باكستان ولا تقدر أو تعترف بكون باكستان لاعباً رئيساً... في الحملة على الإرهاب». وأثار ترامب غضب المسؤولين الباكستانيين عبر مناشدته الهند لعب دور في إعادة إعمار أفغانستان، وحذروا من أن اضطلاع الهند بدور أكبر في أفغانستان قد يمثل خطرا على السلام بالمنطقة. ويخشى المحللون أن تدفع الضغوط باكستان إلى توثيق التعاون مع الصين، جارتها الشمالية التي تستثمر حوالى 60 بليون دولار في مشاريع بنى تحتية. وقال حسين: «تغيرت الأمور منذ 11 سبتمبر (أيلول) 2001». وأضاف: «لدى الولاياتالمتحدة اليوم نفوذ وتأثير أكبر بكثير في المنطقة ولدينا مساحة استراتيجية وخيارات أكبر في سياستنا الخارجية». وشهدت العلاقات بين باكستان وأميركا فترات من التوتر البالغ في السنوات الأخيرة وخصوصاً بعدما توصلت قوات خاصة أميركية إلى مكان زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن في باكستان وقتلته العام 2011. إلى ذلك، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مؤتمر صحافي، إن موسكو ترى أن رهان واشنطن على استخدام القوة في استراتيجية الرئيس ترامب الجديدة لأفغانستان سيواجه «طريقاً مسدودة». من جهته، قال قائد القوات الأميركية في أفغانستان الجنرال جون نيكولسون اليوم إن الاستراتيجية الجديدة للرئيس ترامب هي مؤشر على التزام طويل الأمد بما بات فعلاً أطول حرب تخوضها الولاياتالمتحدة ودعا المقاتلين في حركة «طالبان» إلى الموافقة على الانخراط في مفاوضات سلام. وقال نيكولسون للصحافيين في العاصمة الأفغانية كابول: «لا يمكن طالبان أن تفوز في أرض المعركة. حان الوقت بالنسبة إليهم للانضمام إلى عملية السلام». وأضاف: «لن نخفق في أفغانستان. إن أمننا القومي يعتمد على ذلك أيضاً». وفي شباط (فبراير) الماضي قال نيكولسون للكونغرس إنه يحتاج إلى «بضعة آلاف» من الجنود الإضافيين في أفغانستان لتقديم المشورة إلى الجنود الأفغان الذين يقاتلون «طالبان» وتنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) والمتمردين المتشددين. ووافق ترامب على تمديد الوجود الأميركي في أفغانستان، لكنه لم يقدم هو أو قادته العسكريون معلومات مفصلة عن عدد الجنود أو الأطر الزمنية للمهمة. ويبلغ عدد الجنود الأميركيين في أفغانستان حالياً في إطار مهمة الدعم وتقديم المشورة حوالى 8400 شخص. وقال نيكولوسون إن الخبراء العسكريين الجدد سيزيدون المهمات التدريبية في المدارس العسكرية المتخصصة ويوسعون القوات الجوية الأفغانية والقوات الخاصة. وأثنى على قرار ترامب عدم فرض مهل «تعسفية» لإنهاء المهمة القتالية الأميركية في أفغانستان. وقال: «الإعلان عن هذه السياسة.. هو برهان على استمرار التزامنا». ويخشى المسؤولون الأميركيون في مجال الجيش والاستخبارات أن يتيح نصر جديد ل«طالبان» المجال أمام تنظيم «القاعدة» والجماعات الموالية لتنظيم «داعش» في المنطقة بأن تؤسس قواعد في أفغانستان.