طوت سورية نحو 50 عاماً من حال الطوارئ امس عندما أقر الرئيس بشار الاسد حزمة مراسيم تشريعية، من بينها «إنهاء العمل بحال الطوارئ»، و«إلغاء» محكمة أمن الدولة العليا، و«تنظيم حق التظاهر السلمي»، إضافة الى تعيين محافظ جديد لمدينة حمص. ورغم هذه المراسيم، إلا ان الاستعدادات تواصلت لتظاهرة «الجمعة العظيمة» التي دعا اليها ناشطون عبر مواقع على الانترنت، في وقت أعلنت واشنطن انها «تراقب الوضع عن كثب لرؤية كيفية ترجمة هذه الأفعال على الأرض». وكان الاسد أصدر ظهر امس «المرسوم التشريعي الرقم 161 القاضي بإنهاء العمل بحال الطوارىء» المطبقة منذ العام 1963، و«المرسوم التشريعي الرقم 53 القاضي بإلغاء محكمة امن الدولة العليا»، و«المرسوم التشريعي الرقم 54 القاضي بتنظيم حق التظاهر السلمي بوصفه حقاً من حقوق الانسان الاساسية التي كفلها الدستور السوري». ويقضي هذا المرسوم بحق التظاهر وفق نواظم إجرائية تقتضي حصول من يرغب بتنظيم تظاهرة على موافقة وزارة الداخلية للترخيص بتنظيمها، كما يحق للوزارة أن تطلب من اللجنة المنظمة إنهاء التظاهرة «إذا تجاوزت حدود الترخيص الممنوح لها». كما اصدر الرئيس السوري مرسوماً يقضي بأن تختص الضابطة العدلية أو المفوضون بمهامها، باستقصاء جرائم محددة في قانون العقوبات وجمع أدلتها والاستماع إلى المشتبه بهم «على ألا تتجاوز مدة التحفظ عليهم سبعة أيام قابلة للتجديد من النائب العام وفقاً لمعطيات كل ملف على حدة، وعلى ألا تزيد هذه المدة على ستين يوما». واصدر الاسد المرسوم الرقم 159 القاضي بتعيين غسان مصطفى عبد العال محافظاً جديداً لمدينة حمص خلفاً للمحافظ الذي أُقيل استجابة لأحد مطالب المحتجين في المحافظة الواقعة شمال دمشق. وفي اطار ردود الفعل على اصدار المراسيم، اعلنت وزارة الخارجية الاميركية انها «تراقب الوضع عن كثب لرؤية كيفية ترجمة هذه الأفعال على الأرض»، مكررة دعوة الحكومة السورية الى «تطبيق اصلاحات واسعة سريعا، وملاقاة تطلعات الشعب السوري»، ومشيرة الى أنها اطلعت على تقارير «تشير بأن القانون الجديد يشترط حيازة اذن بالتظاهر من وزارة الداخلية... وهذا التشريع الجديد قد يعني تقييداً بمستوى قانون الطوارئ الذي حل محله». من جانبه، رحب رئيس المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن في تصريح لوكالة «فرانس برس» ب «رفع حال الطوارئ وإلغاء العمل بمحكمة أمن الدولة السيئة السمعة والصيت»، معتبراً أنها «خطوة ايجابية». الا انه اضاف: «سنراقب في الايام المقبلة عمل الاجهزة الامنية وما اذا كانت ستقوم بانتهاك القوانين النافذة في سورية». ونقلت وكالة «رويترز» عن المعارض السوري البارز هيثم المالح وصفه مرسوم الغاء قانون الطوارئ بأنه عديم الجدوى ما لم يكن هناك قضاء مستقل ومساءلة للاجهزة الامنية. وطالب بكف يد الاجهزة الامنية عبر «إلغاء العمل بالمرسوم 14 للعام 1969 الذي يحصن العناصر الامنية من المثول امام القضاء»، لافتاً الى «التعذيب الذي يجري في الفروع الامنية والسجون ويبقى بلا عقاب او محاسبة». كما طالب «بإلغاء العمل بالمادة الثامنة من الدستور» التي تنص على ان «حزب البعث العربي الاشتراكي هو الحزب القائد في المجتمع والدولة» ورفع رقابة الحزب على النقابات والمنظمات الشعبية، والغاء القانون الرقم 49 القاضي بإنزال عقوبة الاعدام على الاشخاص الذين ينتمون الى جماعة «الاخوان المسلمين». ميدانياً، عاد الهدوء الحذر الى مدينة حمص بعد انتشار الجيش السوري في المدينة، في وقت طلبت وزارة الداخلية من المواطنين امس «إنهاء العمل» باللجان الشعبية التي تشكلت اخيراً. تزامن ذلك مع تجدد الدعوات عبر موقع التواصل الاجتماعي على الانترنت «فيسبوك» الى التظاهر في ما أسموه «الجمعة العظيمة». كما دعت مجموعة «الثورة السورية» الى التظاهر في «الجمعة العظيمة من اجل نيل الحرية». وتُبين صورة الدعوة للمرة الاولى بشكل واضح جرس الكنيسة بين قبتي مسجد، وذلك تأكيداً لنص الدعوة الذي يحض السوريين بطوائفهم المختلفة الى التظاهر، ويقول: «معا نحو الحرية، قلب واحد، يد واحدة، هدف واحد». ونقلت وكالة «رويترز» عن شاهد قوله ان قوات امن انتشرت في حمص باللباس الرسمي والمدني تحسباً للتظاهرات بعد صلاة الجمعة، مضيفاً ان «الجو متوتر. هناك خطط ليوم آخر من الاضرابات غدا» الجمعة. كما نقلت الوكالة عن مدير منظمة انسان المعنية بالدفاع عن حقوق الانسان وسام طريف قوله ان «لناس في حمص خائفون وغاضبون» مضيفا أن «جود الشبيحة وقوات الامن في الشوارع واضح وهم يحملون بنادق كلاشنيكوف وأسلحة أخرى» وتابع ان قوات الامن منتشرة بكثافة في ميدان الساحة الجديدة. وفي الحسكة، اكد ناشط حقوقي وشاهد لوكالة «فرانس برس» ان «نحو 150 شخصاً اعتصموا امام كلية التربية في المدينة تضامنا مع محافظات درعا وبانياس وحمص، ورددوا شعارات تضامنية تدعو الى الوحدة الوطنية» من دون «تدخل القوى الامنية لتفريق المعتصمين».