دمشق - أ ف ب، رويترز، أ ب - رغم إصدار الحكومة حزمة مراسيم يقضي أبرزها بإلغاء حال الطوارئ في البلاد، اعتقلت السلطات السورية إحدى الشخصيات المعارضة في وقت عزلت رئيس قسم الأمن السياسي في بانياس التي شهدت أحداثاً دامية خلال الأسبوعين الماضيين، للتحقيق معه في حوادث مرتبطة بأعمال العنف في المدينة الساحلية. كما تواصلت التظاهرات الطالبية في درعا وحلب، ومعها الاستعدادات لتظاهرات الجمعة. وقال ناشطون إن نحو 4 آلاف من الطلاب الجامعيين في درعا والمناطق المحيطة بها تظاهروا قرب المسجد العمري. وأفادت وكالة «اسوشييتد برس» بأن العشرات تظاهروا في جامعة حلب في الشمال، مشيرين إلى وقوع اشتباكات بين طلاب مناهضين للنظام وآخرين مؤيدين له. وقال أحد سكان حمص وسط البلاد إن الاستعدادات جارية من أجل تظاهرة الجمعة، مشيراً إلى وجود أمني كثيف في المدينة، وتفضيل السكان البقاء في المنازل. وكان الناشط الحقوقي وسام طريف أفاد بأن احتجاجات نظمت في حي الزبداني في دمشق في وقت متقدم من ليل الثلثاء - الأربعاء. وأظهرت لقطات فيديو على موقع «يوتيوب» محتجين يرددون «الشعب يريد إسقاط النظام» الذي كان الهتاف الرئيسي خلال الثورتين التونسية والمصرية. كما تظاهر أكثر من ألفي شخص ضد النظام السوري في بانياس مساء الثلثاء متحدين حظر التظاهر، كما أفاد شهود. وأكد الشيخ أنس العيروط لوكالة «فرانس برس» في نيقوسيا عبر الهاتف أن التظاهرات في بانياس «ستستمر للمطالبة بالحرية». وتتواصل التظاهرات في وقت اعلن رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن لوكالة «فرانس برس» أن «دورية تابعة لفرع الأمن السياسي في مدينة حمص اعتقلت مساء الثلثاء المعارض السوري البارز محمود عيسى اثر حديث أدلى به لقناة الجزيرة الفضائية». وأوضح أن عيسى أجاب خلال اللقاء «على سؤال المذيع عن قضية استشهاد العميد عبدو خضر التلاوي وولديه وابن شقيقه في حمص على يد مجهولين، وأكد انه يعرف الضابط بشكل شخصي ويحترمه ولا يعرف من ارتكب هذه الجريمة، لكنه طالب الدولة بفتح تحقيق فوري واعتقال المجرمين». وأضاف عبد الرحمن أن عيسى سجين سياسي سابق بارز، واعتقاله بعد ساعات من الإعلان عن مشروع قرار لرفع حال الطوارئ، يستحق الشجب. وتابع أن رفع حال الطوارئ المفروضة منذ 48 عاماً تأخر كثيراً، لكن هناك مجموعة أخرى من القوانين يجب إلغاؤها، مثل تلك التي تعطي قوات الأمن حصانة من المحاكمة، والتي تعطي المحاكم العسكرية حق محاكمة مدنيين. وكانت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) أعلنت اول من امس خبر مقتل الضابط التلاوي وأفراد من عائلته والتمثيل بجثثهم على يد «مجموعات المجرمين المسلحة». ودعت وزارة الداخلية اثر ذلك في بيان السوريين إلى الامتناع عن القيام بأي مسيرات أو اعتصامات أو تظاهرات «تحت أي عنوان كان»، موضحة أنها تطلب ذلك من اجل «المساهمة الفاعلة في إرساء الاستقرار والأمن». وفي رد مباشر على ذلك، أصدر أهالي حمص بياناً أكدوا فيه استمرارهم بالتظاهر السلمي وتمسكهم بمطالبهم رداً على رواية السلطات السورية عن قيام «تنظيمات سلفية» ب «تمرد مسلح» في بانياس وحمص. وقال البيان: «نحن السوريين الحمامصة، لم نعلن تمرداً مسلحاً ولسنا سلفيين، ونعلن أننا ما زلنا على مطالبنا التي عرفتموها من خلال تظاهراتنا السلمية ومن خلال اعتصامنا السلمي البريء». وأضاف: «لا مطالب لنا إلا الحرية والديموقراطية والمجتمع المدني ورفع حال الطوارئ ومكافحة الفساد والتعددية الحزبية والسياسية ومحاسبة كل من تلطخت يديه بدماء السوريين وقام بإطلاق الرصاص على المعتصمين والمتظاهرين العزل والعدالة والمساواة على أساس المواطنة وإسقاط أي معيار آخر». عزل مسؤول امني في بانياس في غضون ذلك، قال رئيس المرصد السوري إن السلطات عزلت رئيس قسم الأمن السياسي في بانياس الرائد امجد عباس. ونقل عبد الرحمن تأكيد أهالي بانياس أن «الرائد ظهر في شريط الفيديو الذي بث في 12 نيسان (أبريل) وظهرت فيه قوات الأمن السورية وهي تعتدي على أهالي سكان البيضا» المجاورة لبانياس. كما اكد شهود من بانياس أن «السيارات التي أطلقت النار في مدينة بانياس فجر الأحد قبل الماضي كانت انطلقت من أمام مكتب الرائد رئيس القسم»، بحسب المرصد الذي رحب بعزل عباس بوصفه «خطوة إيجابية على الطريق الصحيح». وفي إطار رد الفعل على مشاريع المراسيم التي أعلنتها الحكومة في شأن رفع الطوارئ وإلغاء محكمة امن الدولة العليا وقانون تنظيم التظاهر السلمي، قلل الناشط الحقوقي والمعارض السوري البارز هيثم المالح من أهمية هذه المشاريع ما لم يتم رفعها فعلياً وفق الأصول الدستورية. وقال لوكالة «فرانس برس»: «لم يقر شيء لغاية الآن»، موضحاً أن رفع حال الطوارئ يتم عبر «إصدار الرئيس (بشار الأسد) مرسوماً جمهورياً بموجب المادة مئة وواحد من الدستور السوري أو بإقرار مجلس الشعب لها بعد عرضها عليه». وقال مدير منظمة «العفو» الدولية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مالكوم سمارت إن «التنازلات التي تقدمها الحكومة الآن تمت بثمن باهظ للغاية من أرواح الناس»، مضيفاً: «يجب أن توقف القتل. على الرئيس السوري أن يتخذ إجراء حاسماً الآن لوقف القمع الدموي الذي تقوم به قواته الأمنية وضمان محاسبة المسؤولين». وكشف مسؤول رفيع لصحيفة «الوطن» المقربة من السلطة أن المراسيم التشريعية الثلاثة التي أقر مشاريعها مجلس الوزراء اول من أمس، ستصدر عن رئاسة الجمهورية الأربعاء. واعتبرت صحيفة «تشرين» الحكومية «أن ما فعله الجناة في مدينة حمص هو الوجه الحقيقي الأسود للتطرف الديني الذي وضعت الولاياتالمتحدة أسسه النظرية، وتدريباته العملية في النصف الأول من سبعينات القرن الماضي». وأكدت صحيفة «الثورة» انه «لم يعد ما يجرى بحاجة إلى دليل أو إثبات على أن طباخين أميركيين، وآخرين عرباً مأجورين هم من حدد نوع الطعام المسموم الذي أرادوا وضعه على موائد السوريين». وأضافت أن «سورية اليوم أمام مشروع خارجي تدميري مخرب»، مشيرة إلى أنها «إذ لم تتراجع أبداً عن مشروعها الإصلاحي، فإنها بصدد مواجهة هذا المشروع كأولوية لا يمكن تأجيلها أو العبث بها». وقالت صحيفة «البعث» الناطقة باسم الحزب الحاكم إن «الواقع يبرهن على أن ما قامت به عصابات الفوضى والإجرام يهدف إلى اختطاف إرادة الشعب ومصالحه، كما يهدف إلى عرقلة مشروع الإصلاح والتغيير، وإلى إحباط أي مشروع سلمي وطني يطور العلاقة بين الدولة والمجتمع».