تلقيت في 23 شباط (فبراير) الماضي رسالة بالبريد الإلكتروني مرسلة من شخص يزعم أنه صلاح أبو محمد الناطق الإعلامي باسم تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي. كانت الرسالة موجّهة أيضاً إلى وسائل إعلام عالمية، وتضمنت بيان مساندة من فرع القاعدة المغاربي لثورة الشعب الليبي ضد نظام العقيد معمر القذافي. نشرت وقتها وكالات أنباء عالمية بيان «القاعدة» الذي أرسله «مسؤولها الإعلامي»، أو من ادّعى هذه الصفة. على مدى أسابيع تلت صدور ذلك البيان، دأب نظام العقيد القذافي على اتهام الثوار الليبيين بأنهم «قاعدة». ثم صدرت اتهامات مماثلة من أجهزة الأمن الجزائرية التي تحدثت عن تمكّن «القاعدة» من الحصول على أسلحة، بما في ذلك صواريخ أرض - جو، من معسكرات للجيش الليبي سقطت في يد الثوار في شرق البلاد. كما صدر هذا الاتهام بشكل مباشر على لسان الرئيس التشادي إدريس دبي الذي أشار إلى حصول «القاعدة» على صواريخ أرض - جو من ليبيا. إزاء هذه المزاعم، كان لا بد من محاولة استيضاح رأي «القاعدة» نفسها. فأرسلت بضعة أسئلة إلى من أرسل بيان القاعدة الأول في شأن ليبيا والذي لم يتم نفيه على رغم مرور قرابة ستة أسابيع على صدوره ونشره في وكالات عالمية. بعد يومين، بعث مرسل البيان الأول بأجوبته وقال فيها إن موقف فرع القاعدة المغاربي مما يجري في ليبيا هو الموقف الذي عبّر عنه الدكتور أيمن الظواهري الذي كان قد أصدر للتو بياناً حذّر فيه من مجيء الأميركيين وقوات حلف «الناتو» إلى ليبيا، داعياً المسلمين إلى مقاتلتهم إذا جاؤوا. كما تضمنت أجوبة «صلاح أبو محمد» المزعوم انتقادات للمجلس الوطني الانتقالي، قائلاً إن المجاهدين الذين يقاتلون على الأرض لا يمثّلهم هذا المجلس. كما تضمنت أيضاً إشادة بما وصفه إقامة «إمارات إسلامية» في مناطق الثوار بشرق ليبيا، وتأكيده حصول القاعدة على أسلحة من ليبيا. بعد يوم واحد من نشر أجوبة الناطق الإعلامي المزعوم باسم «القاعدة»، أصدر التنظيم بياناً نفى فيه صحة ذلك، قائلاً إن الحوار «مفبرك» ولم يدل به صلاح أبو محمد. وجاء في النفي أن كل ما ورد في الحوار «لا يلزمنا ولا نقول به ولا يعبّر عن موقف التنظيم». وتابع: «نتهم صراحة الاستخبارات الجزائرية المتعاونة مع استخبارات القذافي بالوقوف وراء فبركة وتزوير هذا الحوار لأدلة نملكها، وهي أدلة تظهر يوماً بعد يوم لتُثبت بوضوح مدى قذارة الدور الشرير» الذي يلعبه النظام الجزائري، بحسب ما جاء في البيان، لدعم حكم العقيد القذافي. ومعلوم أنه سبق للجزائر أن نفت تهمة تقديمها مساعدات لنظام القذافي. وأضاف رد فرع «القاعدة» المغاربي: «نؤكد مواقفنا من ثورات المسلمين: إننا ننصرها ونساندها ونحرّض عليها وفي الوقت نفسه لا ندّعي الوصاية عليها ولا نزعم أننا نقف وراءها، فما نحن إلا جزء بسيط من أمة الإسلام نساهم كما يساهم غيرنا من أبناء الحركة الإسلامية وشرفاء الأمة وأحرارها في أي جهد من شأنه رفع الظلم والعبودية التي فرضت على الشعوب المسلمة».