في أول إقرار من نوعه، أكد قيادي كبير في «تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي» أن التنظيم حصل على أسلحة من ليبيا التي غرقت في الفوضى طوال ثمانية شهور من المعارك بين الثوار وقوات النظام السابق. وقال أمير «كتيبة الملثمين» خالد أبو العباس (المختار بلمختار) إن الثورة التي أطاحت حكم معمر القذافي «لم تصل إلى المرجو منها، وهو إقامة المنهج الإسلامي الراشد». وصدر موقف بلمختار الذي تُلقبه الصحافة الجزائرية ب «الأعور» كونه فقد إحدى عينيه في أفغانستان مطلع تسعينات القرن الماضي، في مقابلة أجرتها معه «وكالة نواكشوط للأنباء» الموريتانية الخاصة ونشرت فيها صوراً له ولعدد من مقاتلي كتيبته التي تُعتبر جزءاً من الفرع الصحراوي ل «القاعدة». وكان بلمختار أميراً لمنطقة الصحراء في «الجماعة السلفية للدعوة والقتال» التي تحوّلت إلى فرع «القاعدة» المغاربي في العام 2007، لكن حلّ محله أمير جديد في ذلك العام هو يحيى جوادي. وسُئل أمير «كتيبة الملثمين» عن الأنباء التي تتحدث عن استفادة «القاعدة» من الأسلحة من ليبيا وعن مشاركة عناصرها في القتال ضد قوات معمر القذافي، فرد بأن «المجاهدين في تنظيم القاعدة كانوا عموماً من أكبر المستفيدين من ثورات العالم العربي، لأن هذه الثورات كسرت قيود الخوف وحاجز الرعب الذي سلطته هذه الأنظمة العميلة للغرب في عمومها». وأضاف: «أما عن استفادتنا من السلاح فهذا أمر طبيعي في مثل هذه الظروف، ولكن الأهم من ذلك بالنسبة لنا هي تمكن الشعب الليبي عموماً وتمكن شباب الحركة الإسلامية خصوصاً من هذا السلاح». وتابع: «إنني أحذّر إخواني المسلمين في ليبيا من الانسياق وراء دعاوى ومشاريع نزع السلاح، فهو والله عزهم وضمان أمنهم بإذن الله ... أما عن مشاركتنا في قتال القذافي بمفهوم المشاركة الميدانية فلا». ودأب النظام الليبي السابق خلال الشهور الماضية على اتهام الثوار بأنهم «إسلاميون متطرفون» أو «مرتبطون بالقاعدة»، في إشارة إلى انتماء جزء من الثوار إلى تيارات جهادية على رأسها «الجماعة الإسلامية المقاتلة» التي حلّت نفسها قبل سنوات. ونفى قياديون سابقون في «المقاتلة» مزاعم نظام القذافي، وأكدوا أنهم كانوا على اختلاف مع منهج «القاعدة» منذ أيام أفغانستان. وكان لافتاً أن بلمختار قال في مقابلته مع الوكالة الموريتانية إن «الثورات (العربية) عموماً ومنها الثورة الليبية لم تصل إلى المرجو منها - وهو إقامة المنهج الإسلامي الراشد الشامل لكل نواحي الحياة - من خلال هذه الهبّة التاريخية والتضحيات الجسيمة ... لأنه في نظرنا ما زالت نفس المنظومة الفكرية والسياسية (العلمانية) هي سيّدة الموقف». وعن الارتباط بين «القاعدة» والثوار الليبيين، قال: «لا يخفى على كل ذي بصر لمجريات أحداث الثورة في ليبيا أن شباب الصحوة الإسلامية والجهادية خصوصاً كانوا أول من واجه كتائب النظام بصدورهم العارية وكانوا الشرارة الأولى التي أعطت دفعة قوية للشعب الليبي في انتفاضته الشاملة. أما ارتباطهم فكرياً وتنظيمياً بنا فهذه ليست تهمة في حق المسلم مع أخيه المسلم بل هي مفخرة وشرف لنا ولهم». وقال بلمختار إن «القاعدة» لم تدخل «في حرب مباشرة مع الجيش الموريتاني بالمفهوم التقليدي للحرب، بل عملياتنا مع جيش موريتانيا كانت محدودة إلى حد ما. لأن ليس من سياستنا ولا من أولويات تنظيم القاعدة استهداف هذه الجيوش ابتداء، بل إن إستراتيجية القاعدة المعلنة هي مواجهة الغرب الصليبي واليهودي لأنه هو الحاكم الفعلي لبلاد المسلمين». ونفى أن تكون مجموعته التي اقتحمت ثكنة لمغيطي الموريتانية عام 2005 قامت بذبح الجنود الأسرى. وقال: «عملية لمغيطي لم تكن إعلان حرب على موريتانيا». واعترف بأن لجوء «القاعدة» لاحقاً إلى ذبح جنود موريتانيين كان «خطأ» لم يجب الوقوع فيه وأن أمير «القاعدة» أبو مصعب عبدالودود أمر بعدم تكرار هذا التصرف. واتهم نظام الرئيس محمد ولد عبدالعزيز بمهاجمة مواقع «القاعدة» في مالي نيابة عن الفرنسيين. وشدد على نفي مزاعم عن علاقة بين «القاعدة» وشبكات تهريب المخدرات في دول الساحل، مؤكداً «أن حرمة المخدرات أو الاتجار بها من قريب أو بعيد ولو إلى بلاد الكفار من أوضح المحرمات في شرع الله تعالى».