اكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في المنتدى الاقتصادي بمدينة سان بطرسبورغ أمس، ان بلاده «ستحترم خيار الشعب الأوكراني»، في الانتخابات الرئاسية المقررة غداً، فيما اعلنت كييف مقتل 4 انفصاليين موالين لروسيا ومتطوع ينتمي الى «كتائب» الجيش الأوكراني في معارك قرب قرية كارليفكا على الطريق المؤدية الى شمال غربي دونيتسك (شرق). وكان الجيش الأوكراني تكبد خلال اليومين الماضيين أسوأ خسائره منذ بداية العملية العسكرية شرق البلاد في 13 نيسان (ابريل) الماضي، بمقتل 18 من جنوده. وقال الرئيس الروسي: «وفق الدستور، لا يمكن اجراء انتخابات كون فيكتور يانوكوفيتش هو الرئيس الحالي. لكن في نهاية المطاف نريد عودة الهدوء الى اوكرانيا، وسنعمل مع السلطات الجديدة». وأوضح أن قلق روسيا الأهم من أزمة اوكرانيا «هو امكان انضمام الجمهورية السوفيتية السابقة الى الحلف الأطلسي (ناتو)، تمهيداً لنشر نظام أميركي مضاد للصواريخ على اراضيها»، علماً انه صرح الشهر الماضي بأن ضم روسيا شبه جزيرة القرم جنوباوكرانيا ارتبط جزئياً بمخاوفها من توسع الحلف الذي اكد رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية الجنرال فاليري جيراسيموف أن موسكو «ستتخذ خطوات للرد على نشاطه المتزايد الذي يشمل استعدادات للقتال وتنفيذ عمليات قرب حدود روسيا». وكرر بوتين اعتقاده بأن الفوضى أفسحت الطريق امام انزلاق اوكرانيا الى حرب أهلية، وقال: «اندلعت الأزمة لأن يانوكوفيتش ارجأ اتفاق شراكة مع الاتحاد الأوروبي. وأعقب ذلك انقلاباً بدعم من الأميركيين، والنتيجة كانت فوضى وحرباً اهلية حقيقية واسعة». واتهم الاتحاد الأوروبي بالاكتفاء بإطلاق شعارات في ما يخص بانضمام اوكرانيا إلى الشراكة الانتسابية معه، وقال: «لم تستطع روسيا حتى اليوم توقيع اتفاق شراكة كامل مع الاتحاد الأوروبي، وفي النهاية اقترح الاتحاد علينا عقد مشاروات حول إمكان انضمام اوكرانيا لاتفاق الشراكة الانتسابية، وحتى اليوم لم تحصل مشاورات، ولا وجود إلا لشعارات». ورأى ان «نموذج العالم الآحادي القطب فشل»، والجميع يرى ذلك اليوم، حتى الذين يحاولون التحرك بطريقة اعتيادية والاحتفاظ بالاحتكار وإملاء قواعد اللعبة في السياسة والتجارة والمال، وفرض معايير ثقافية وسلوكية». الى ذلك، طالب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الغربيين ب «استخلاص العبرة الجيدة من أزمة اوكرانيا، والانتقال بسرعة الى تطبيق مبادىء المساواة في مجال الأمن الأوروبي - الأطلسي». وأضاف: «أزمة اوكرانيا نتيجة منطقية لتطور الوضع في اوروبا منذ 25 سنة»، في اشارة الى تفتت الاتحاد السوفياتي عام 1991، و«بدلاً من ان يغتنم الأوروبيون فرصة تاريخية لبناء قارة كبيرة بلا خطوط تقسيم، فضل شركاؤنا الغربيون منطقهم المألوف الذي يقضي بأن يوسعوا نحو الشرق مجالهم الجيوسياسي الخاضع لسيطرتهم، ما يعني استمرار سياسة احتواء روسيا في شكل هادئ». وأعلنت وزارة الخارجية الروسية انها تملك إجراءات رد «قيد الكتمان» على العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على موسكو بسبب أزمة اوكرانيا. وقال أليكسي ميشكوف، نائب وزير الخارجية: « قطاع الأعمال هو أقل القطاعات مصلحة في قطع العلاقات أو فرض عقوبات، لأن الوضع الاقتصادي الحالي في اوروبا لا يزال صعباً، ومن الطبيعي أن يأتي توسيع العلاقات والتواصل واستحداث مشاريع جديدة بالمنفعة على الروس والأوروبيين». وأكد ميشكوف ان روسيا معنية بصدق بتهدئة التوتر وتطبيع الأوضاع في اوكرانيا، علماً ان نائب وزير الدفاع اناتولي انتونوف اكد ان موسكو ستسحب «خلال ايام قليلة» كل قواتها من المناطق المجاورة للحدود مع اوكرانيا. وقال: «سيرون ذلك مئة في المئة. لن نترك شيئاً خلفنا». في كلمة مقتضبة متلفزة، دعا الرئيس بالوكالة اولكسندر تورتشينوف كل مواطن الى التوجه الى اقلام الاقتراع الأحد لإعطاء البلاد «سلطة شرعية». وقال: «لن نسمح بان يحرمنا أحد حريتنا واستقلالنا، أو ان تصبح اوكرانيا قطعة من امبراطورية تلي الأمبراطورية السوفياتية»، مؤكداً ان السلطات بذلت «كل ما تستطيع» لإجراء انتخابات، علماً انها نشرت 55 الف شرطي و20 الف متطوع لتأمين الحماية الأمنية. دولياً، طالبت المستشارة الألمانية انغيلا مركل التي تعتبر الانتخابات مرحلة اساسية لتثبيت الاستقرار في اوكرانيا، الرئيس الروسي بوتين بالاعتراف بتقويم منظمة الأمن والتعاون الأوروبية حول الانتخابات ومراقبيها الدوليين الألف. وقالت: «تنتمي روسيا الى المنظمة، لكنها رفضت مع الأسف ارسال مراقبين في بعثة المنظمة، رغم دعوتها إلى فعل ذلك».