في محاولة للاستفادة من دروس الماضي – البعيد والقريب - في صناعة الحاضر والمستقبل في ما يتعلق بالمشروعات النهضوية والتي شهدتها مصر والمنطقة العربية وتفاوتت في نجاحاتها وإخفاقاتها؛ نتيجة لأسباب وعوامل عدة، وكان للعوامل الخارجية – القادمة من الشرق والغرب على السواء - الدور الأكبر في ذلك، وهي عوامل تداخلت فيها الأسباب العسكرية والسياسية والاقتصادية والدينية وغيرها، ووفق د. أيمن فؤاد سيد رئيس الجمعية المصرية للدراسات التاريخية، فإنه في إطار ما تعيشه المنطقة من مخاضات ثورية تهدف إلى إحداث نهضة شاملة، تعود العوامل الخارجية لتلعب أدواراً سلبية مباشرة أحياناً، وغير مباشرة في أحيان أخرى، لا سيما مع وجود «إسرائيل»، من هنا كان لزاماً أن يتناول المؤتمر السنوي للجمعية «النّهْضَة والتّحَدّيات الخارِجِيّة في العالَم العَرَبي عَبْرَ العُصُور» هذه القضية بالبحث والدراسة في مؤتمرها السنوي الرابع عشر من خلال ثلاث مراحل تاريخية أساسية هي: فترة التاريخ القديم، وفترة التاريخ الإسلامي الوسيط، وفترة التاريخ الحديث والمعاصر. وأشار مقرر المؤتمر د. أحمد زكريا الشلق الى أنه تم اختيار الدكتور أحمد مختار العبادي مؤرخاً لهذا العام، ومُنح درع الجمعية تقديراً له، كما نال الباحثون: عبدالرازق محمد علي جائزة (أحمد عزت عبدالكريم)، سماح رجب عبد الصمد جائزة (محمد شفيق غربال)، إيناس نور الدين رمضان جائزة (رأفت عبدالحميد)، جهاد جمال محمود جائزة (عبدالحميد العبادي)، محمود عبدالباسط عطية السيد جائزة (عبدالعزيز صالح)، أزهار سيد توفيق جائزة (علي محمد الغمراوي)، محمد رجب زكي تمام جائزة (السفير محمد نعمان جلال)، وأضاف الشلق أن مؤتمر العام المقبل سيتناول «اسهامات المؤرخين المصريين في دراسة التاريخ منذ إنشاء الجامعة المصرية». وقد ناقش المؤتمر (24) بحثاً على مدار يومين حيث استعرض عبدالحميد صبحي ناصف «دور الاستشراق الالماني في تلبية الرغبات الاستعمارية»، وتساءل هل من دور للاستشراق الالماني في تلبية الرغبات الاستعمارية؟ لافتاً الى أنه ما زالت الغالبية من المهتمين بالدراسات الاستشراقية تعتقد ببراءة الاستشراق الالماني وبخاصة الاستشراق المؤسسي - من الانحياز الى الاستعمار في مقابل باقي المدارس الاستشراقية الاخرى (الانكليزية والفرنسية والهولندية والاميركية وغيرها من المدارس) والتي كانت دوماً عاملاً مكملاً ومساعداً لتلك القوى والبلدان في فرض هيمنتها على تلك الشعوب الشرقية والعربية المستعمرة. وتناول د. جمال شقرة أستاذ التاريخ المعاصر ومدير مركز بحوث الشرق الأوسط في بحثه «برنارد لويس ومخطط تقسيم الوطن العربي» مخطط تفتيت الوطن العربي كما ورد في كتابات برنارد لويس، والتي تُعد امتداداً للمخططات التي طرحت في النصف الأول من القرن العشرين بعد مؤامرة سايكس-بيكو، من ذلك مشروع جابوتسكي 1937 ومشروع بنجوري1957. ويأتي مشروع لويس ليؤكد أن مقاومة مشاريع توحيد الوطن العربي مستمرة، حيث بنى فكرته المحورية حول تفكيك البلاد العربية والإسلامية وخلق الصراعات الدموية بين العرب والأتراك والأكراد والإيرانيين ودفعهم للصدام المسلح. وناقشت د. منى منازع «الاستشراق اليهودي من أواخر القرن التاسع عشر حتى منتصف القرن العشرين»، حيث حصرت موضوعات الاستشراق اليهودي في: دراسة وترجمة المصادر الأساسية للإسلام وأمهات الكتب الإسلامية من خلال دراسة وترجمة القرآن الكريم والسنّة النبوية الشريفة باعتبارهما المصدرين الأساسيين للإسلام دراسة اللغة العربية وآدابها، دراسة المجتمعات الإسلامية وحركات (الإسلام السياسي) الناشطة بها وعلى رأسها حركة الإخوان المسلمين من خلال إلقاء الضوء على دراسة كتابات حركة الإخوان المسلمين في مصر، ودراسة الطوائف والفرق الإسلامية وبخاصة الشيعة، ودراسة قضايا الصراع العربي – الإسرائيلي، وفي طبيعة الحال كانت فلسطين بتاريخها وآثارها هي مركز اهتمام الدراسات الاستشراقية اليهودية، وكان الهدف من وراء ذلك هو محاولة إعادة كتابة وتفسير تاريخ المنطقة العربية وفلسطين ومدينة القدس خصوصاً في شكل يؤصل للوجود اليهودي المستمر في المنطقة العربية منذ أقدم العصور. وفى بحثه «المشروع البريطاني لتوطين اليهود في منابع النيل الاستوائية 1903-1905 نموذجاً»، أشار د. أحمد عبدالدايم محمد حسين - معهد البحوث والدراسات الافريقية - جامعة القاهرة الى أنه يمكن توظيف ورقة النيل في ضرب أي مشروع نهضوي يجرى إعداده في مصر عبر التحكم في الأحباس العليا من المنابع حيث وظفت المنابع الأثيوبية عبر التاريخ لتكون خنجراً مصوباً الى خاصرة مصر من ناحية الجنوب مراراً وتكراراً، وحينما جاء الاستعمار البريطاني محتلاً لغالبية دول حوض النيل في نهاية القرن ال19، راح يبحث عن توظيف للمنابع الاستوائية لتكون ورقة ضغط جديدة مشابهه للورقة الاثيوبية. وتعتمد الدراسة على 39 وثيقة من وثائق الخارجية البريطانية، تؤرخ للمراسلات التي تمت بين مسؤولين بريطانيين وقيادات يهودية، تفضح المخطط البريطاني بإنشاء مستوطنة لليهود في منابع النيل الاستوائية. كما ناقش المؤتمر الأبحاث الآتية: «النهضة المصرية والتحدي الهلليني ماض يتجدد» فايز علي، «بعض ملامح النهضة المصرية والتحديات التي واجهتها خلال العصر اليوناني-الروماني» أحمد خفاجة رحيم، «آثار الحكم البطلمي على بنية الثقافة المصرية في مواجهة الثقافة الهللينيستية» عماد محمد علي الكاشف، «الصراع الفارسي- المصري أواخر العصر الفرعوني» أحمد رفعت عبدالجواد، «الغزو المغولي للعراق وآثاره السياسية والثقافية» أمال سليمان عبدالحميد، «المستشرقون الروس ورؤيتهم لمصر إبان فترة حكم محمد علي باشا/ 1805-1848م» أشرف محمد مؤنس، «التجار الشوام في دمياط في عصر محمد علي» راضي محمد جودة، «فرنسا ومشاريع النهضة العربية في مصر وتونس في القرن التاسع عشر» يحيي محمد محمود، «أثر الإنكليز في إجهاض مشروع محمد علي والخديوي إسماعيل» خلف عبدالعظيم الميري، «مشروع بنك مصر وأثر التحديات الأوروبية على الاقتصاد المصري» حسن مرسى سيد عطية، «الصراع الانغلو-أميركي وأثره علي العالم العربي» محمود متولي، «موقف الولاياتالمتحدة من بناء السد العالي» محمد عبدالوهاب سيد أحمد، «تأميم قناة السويس والتحديات الغربية» محمد يوسف، «كشف حساب اتفاقيتي كامب ديفيد» اماني كمال توفيق، «مشروعات الغاز الطبيعي والتحديات الأجنبية في مصر» محمد عبدالرحمن عريف، «مشروع النهضة المصرية وإستراتيجية السياسة الخارجية» محمد نعمان جلال.