أعاد الاعتداء على مسجد الروضة الصوفي التابع للطريقة الجريرية الصوفية في منطقة بئر العبد شمال سيناء، الهجمات التي تعرضت لها «الصوفية» في مصر إلى الواجهة، إذ أرجع محللون اختيار العناصر المرجح انتماؤها إلى تنظيم «داعش» الإرهابي ذلك المسجد خصيصاً إلى تحذيرات سابقة من التنظيم للصوفية في شمال سيناء، ومحاولات هدم أضرحة تخصهم. ويعتبر التنظيم المتشدد التصوف «كفراً وبدعاً»، وسبق أن ذبح عناصره القطب الصوفي سليمان أبو حراز، ثم توعدهم التنظيم بالقتل قبل عام، مشيراً بوجه خاص إلى الطريقة الجريرية. وتتمركز الطريقة الجريرية الأحمدية في شمال سيناء، حيث يتحدر مؤسسها الشيخ عيد أبو جرير، ولها أتباع في محافظة الشرقية (دلتا النيل)، انضموا إليها حين انتقل شيخها إليها عقب الاحتلال الإسرائيلي سيناء، وهي إحدى الطرائق المنبثقة من منهج القطب الصوفي الشهير السيد البدوي. وقال الباحث المختصّ بالطرائق الصوفية مصطفى زايد أن «الطريقة الجريرية لها باع كبير في جهاد العدو، لكنه مشروط بالتحرك تحت لواء الدولة، عكس تيارات دينية أخرى. وبرز دورهم خلال احتلال سيناء حيث رصد الاحتلال آنذاك مكافأة مالية لقتل شيخها عيد أبو جرير، ونفذ مريدوها عمليات فدائية عدة، ونال 100 من أعضائها نوط الامتياز من القوات المسلحة لدورهم في حرب أكتوبر». وأضاف: «ثم تجدد دور الطريقة في مواجهة الجماعات التكفيرية، عبر لعب دور بارز في الإرشاد عن العناصر التكفيرية والتعاون مع قوات الجيش والشرطة»، مشيراً إلى أن «غالبية سكان قرية الروضة من المتصوفة المنتمين إلى الطريقة الأحمدية». وغالباً ما تعرضت الصوفية في مصر لاعتداءات، لم تنجح أي منها في تغيير الطابع المسالم للمنتظمين داخل الطرائق (78 طريقة صوفية رسمية). وبلغت ذروة تلك الاعتداءات عقب ثورة كانون الثاني (يناير) عام 2011، في ظل حال من الفراغ الأمني، بهجمات شنها سلفيون وأعضاء من جماعة «الإخوان المسلمين»، المصنفة إرهابية في مصر، على أضرحة لطرائق صوفية، خصوصاً في المحافظات. وكان أقصى تحركات الصوفية تشكيل «لجان شبابية» لحماية الأضرحة، خصوصاً في أوقات تتوقع فيها هجمات. ويغلب الطابع الشعبي على الحالة الصوفية المصرية عكس الحالة العراقية التي نظمت الصوفية فيها صحوات مسلحة، فيما تبرز الصوفية في مصر كأسلوب تعبدي ذات تأثير واسع، خصوصاً لدى البسطاء في القرى والنجوع. وعلى رغم ذلك، فشلت الطرائق في لعب دور محوري في دعوات رسمية أطلقتها الدولة لتجديد الخطاب، وظلت منزوية في جلسات الذكر والحضرات وموالد الأولياء.