شنت قوات الأمن في السودان حملة على السوق السوداء للعملة لكبح السوق الموازية التي قوضت النظام المصرفي، في حين توقف بعض المستوردين عن ممارسة نشاطهم نتيجة تقلص المعروض من الدولار. ونزل الجنيه السوداني كثيراً بسبب نقص العملة الأجنبية مسجلاً 27 جنيها للدولار الأسبوع الماضي، مع لجوء الشركات التي ترفض البنوك تمويلها إلى السوق السوداء. ويأتي الضغط على الجنيه بعد أسابيع من رفع الولاياتالمتحدة عقوبات اقتصادية فرضت على السودان قبل 20 عاماً، وهو ما قد يفتح البلد الذي عانى من العزلة طويلاً أمام مزيد من الاستثمار الأجنبي، إلا أنه يؤدى في الوقت ذاته لزيادة الطلب على العملة الأجنبية من تجار يريدون الاستفادة من الأسواق الخارجية. وشهد وسط الخرطوم وجوداً أمنياً مكثفاً أمس (الثلثاء)، حول المناطق التجارية التي غالباً ما تشهد تعاملات في السوق السوداء. وقال شاهد ومتعاملون إن التجار اختفوا إلى حد كبير من الأماكن التي يتواجدون فيها عادة خارج البنوك والشركات حيث تجرى صفقات العملات. وقال متعامل بالسوق السوداء: «توقفنا عن العمل خشية القبض علينا. تشن قوات الأمن حملات مكثفة.. لكننا سنعاود نشاطنا الأسبوع المقبل على الأرجح.. لا توجد دولارات في البنوك والسعر هناك ليس حقيقياً لذا سيعود الناس إلينا». أول من أمس، ذكر بيان صادر عن مكتب النائب العام أنه سيبدأ في مكافحة السوق السوداء وسيوجه للتجار اتهامات بتمويل الإرهاب وغسل الأموال وتخريب الاقتصاد. ويبقي البنك المركزي سعر الصرف الرسمي للعملة عند 6.7 جنيه مقابل الدولار، ولكن إلى حد كبير لا يحصل على الدولار بهذا السعر سوى مستوردي السلع الأساسية مثل القمح والوقود، وهو ما يوجد طلباً كبيراً على الدولارات في السوق السوداء. وسعياً لوقف الاتجاه النزولي للعملة، أعلنت الحكومة إجراءات طارئة أول من أمس وفرضت قيوداً على استيراد السلع الفاخرة ووضعت سقفاً لتحويلات العملة وأعلنت عقوبات قانونية علي تجارة الدولار في السوق السوداء. وبعد يوم واحد من هذه الإجراءات، ارتفعت العملة إلى 23 جنيهاً مقابل الدولار من 24 بحسب متعاملين. وأوقفت بعض الشركات أنشطتها منذ الأسبوع الماضي بسبب حال عدم اليقين التي تكتنف سعر الصرف. وقال مدير شركة تستورد معدات زراعية: «توقفنا عن البيع منذ الخميس الماضي.. سنعاود البيع حين يستقر سعر الصرف نسبياً». وذكر بعض رجال الأعمال أنه لا يوجد خيار أمام السودان سوى تعويم الجنيه، وهي خطوة يقولون إنها ستسد الفجوة بين سعري الصرف الرسمي وغير الرسمي وتعيد الدولار للنظام المصرفي الرسمي. وقال الناطق باسم «اتحاد أصحاب العمل» أمين عباس: «الحل الجذري هو تعويم العملة وترك سعر الصرف لقوى السوق. قد يسبب ذلك مشاكل على المدى القصير ولكن في الأجل الطويل سيحقق استقراراً للسعر ويعيد الموارد للبنوك». وساهم ضعف الجنيه في ارتفاع الأسعار في البلد الذي يعتمد على الواردات، وبلع معدل التضخم 33.08 في المئة في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي على أساس سنوي.