شهدت مدينة جدة السعودية، منذ ساعات فجر أمس (الثلثاء) وحتى نهاية اليوم أمطاراً رعدية، تركزت غزارتها على الأجزاء الشمالية والغربية منها. وفي مشهد أصبح يتكرر سنوياً، تسببت الأمطار الغزيرة في حالتي وفاة وغرق شوارع عدة، ومقار جهات حكومية ومستشفيات ومراكز صحية وعدد كبير من المنازل جراء السيول، فيما انطلقت صافرات الإنذار في المحافظة على إثر اشتداد الحالة المطرية التي تشهدها المناطق الغربية من المملكة. (للمزيد) وحولت الأمطار الشوارع الرئيسة في جدة إلى مجرى سيول، وأغلقت الطرق التي امتلأت بالمياه، وتحولت أنفاق المدينة إلى بحيرات مائية أغلقت بعد ارتفاع منسوب المياه فيها. وأصدر النائب العام الشيخ سعود المعجب توجيهاته إلى رئيس فرع النيابة العامة بمنطقة مكةالمكرمة ورئيس دائرة محافظة جدة وجميع فروع ودوائر النيابة بكل مناطق المملكة بأن تكون النيابة العامة بكامل جاهزيتها وعلى مدار الساعة لمباشرة ما يخصها نظاماً تجاه الظرفية الجزائية المصاحبة لحال السيول التي تعرضت لها محافظة جدة أخيراً، ولا سيما ما يتعلق بالمسؤولية التقصيرية وتبعاتها الجزائية، وأن يكون ذلك بشكل عاجل، آخذاً طابع الأولوية، والعمل الناجز. وأكد النائب العام على مسؤولي الفرع «أنه على ضوء صلاحيات النيابة المؤكد عليها بالتوجيهات الكريمة يتعين على مسؤوليها الاضطلاع بواجبهم النظامي على أكمل وجه مع أي كائن من كان، ولها صلاحية القبض والتحقيق والادعاء». وكانت الهيئة العامة للأرصاد وحمايه البيئة أعلنت أمس، أن كميات الأمطار، التي هطلت على جدة تراوح ما بين 25 و35 ملم، وحددت كميات الأمطار في حي بني مالك ب24 ملم وحي الرويس ب21 ملم وحي الجرهزة ب16 ملم ومطار الملك عبدالعزيز ب16 ملم، في الوقت الذي أكد مدير مركز التميز لأبحاث التغير المناخي بجامعة الملك عبدالعزيز الدكتور منصور المزروعي، أن كمية الأمطار التي هطلت حتى الآن في مرصد جامعة الملك عبدالعزيز هي 56.9 مليمتر. وأعلن مطار الملك عبدالعزيز الدولي في جدة تأخر أربع رحلات مجدولة صباح أمس، إذ صرح المتحدث الرسمي للمطار تركى الذيب إلى «الحياة» بأن سبب تأخر الرحلات الأربع هو تأخر وصول بعض المسافرين وقادة طائرات إلى المطار، بسبب إغلاق بعض الطرق، موضحاً أن الصواعق المصاحبة للأمطار أصابت جزءاً من الأجهزة الهوائية في مبنى الأرصاد التابع للمطار. وأشار الذيب إلى أن عمل مركز الأرصاد ما زال مستمراً في استقبال وإرسال التقارير المناخية، من دون خلل، عبر أجهزة بديلة، حتى إصلاح العطل. ورصد طيران الأمن من على ارتفاع 500 قدم، المناطق المتضررة من الأمطار التي هطلت على جدة، لتظهر صور وزعها طيران الأمن توزع معظم الأضرار على المناطق الشمالية والشمالية الشرقية والغربية من مدينة جدة. وأعلن مركز الأزمات في إمارة مكةالمكرمة إغلاق عدد من الأنفاق لارتفاع منسوب المياه، فيما تابع أمير منطقة مكةالمكرمة خالد الفيصل الحالة المطرية عبر مركز الأزمات والكوارث في إمارة مكة، كما نشرت الإمارة عبر حسابها على «تويتر» صوراً لأمير المنطقة في مركبته يتابع الحالة المطرية في عدد من شوارع مكةالمكرمة. وورد إلى مركز التحكم والتوجيه في الدفاع المدني بمدينة جدة 1425 بلاغاً، تباينت بين حالات احتجاز وتماس كهربائي، وحالات فردية، باشر الدفاع المدني منها 250 بلاغ تماس كهربائي، وعمليات إنقاذ 400 حالة احتجاز داخل مركبات ومنازل، كان منها أربعة اشخاص بوادي الأبواء تم إخراجهم من طريق الفرق. كما تم انقاذ شخصين بوادي تمايا، ووردت الدفاع المدني خمس حالات من صعق كهربائي باشرته وتسلمته الجهات ذات الاختصاص، منها حالتا وفاة؛ إحداها لطفل، وثلاث حالات مستقرة. وأعلنت المديرية العامة للدفاع المدني أن مراكز التحكم والتوجيه في مناطق (مكةالمكرمة، والمدينةالمنورة، وتبوك، والجوف) استقبلت من مساء أول من أمس (الاثنين) وحتى صباح أمس (الثلثاء) 1989 بلاغاً منها 1425 في مكةالمكرمة و542 في المدينةالمنورة و16 في تبوك و6 في الجوف، جراء الأمطار التي هطلت على تلك المناطق. وأوضح المركز الإعلامي في الدفاع المدني أن الجزء الأكبر من البلاغات تلقّاها مركز التحكم والتوجيه في منطقة مكةالمكرمة، مبيناً أنه تم إنقاذ 481 محتجزاً منهم 400 في مكةالمكرمة، و54 في المدينةالمنورة، و19 في تبوك، و8 في الجوف، مشيراً إلى أن أغلب الاحتجازات كانت داخل المركبات، إذ بلغ عدد المركبات التي تم إخراجها 41 مركبة، كما تم إخلاء وإيواء 10 أسر. ودعا المركز المواطنين والمقيمين إلى أخذ الحيطة والحذر وعدم البقاء في مواقع جريان السيول والأودية أو الخروج للنزهات البرية في المناطق المعرضة لسقوط أمطار غزيرة، والالتزام بتعليمات الدفاع المدني حفاظاً على سلامتهم. ولم تغب المشاهد الإنسانية عن المشهد، إذ أعاد آسيوي (فيليبيني الجنسية)، أنقذ مُسناً علقت سيارته وسط مياه الأمطار في جدة، أمس، إلى الأذهان صورة البطل الباكستاني فرمان، الذي توفي غرقاً، في سيولجدة عام 2009، بعد نجاحه في إنقاذ 14 شخصاً من الغرق. ووثق مواطن عبر مقطع فيديو قصير المشهد، حين كان رجال الدفاع المدني يحاولون إيصال سترة النجاة للمسن برميها إليه، فيما قفز الفيليبيني، عائماً وسط المياه، ووصل للمسن، وقام بحمله، وأوصله إلى سيارة الإنقاذ في الجهة المقابلة من الشارع الغارق بمياه الأمطار. في المقابل، وجّه وزير الداخلية السعودي الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف بفتح تحقيق عاجل مع رجلي الدفاع المدني اللذين تباطآ في إنقاذ المسن المحتجز. واعتذر الدفاع المدني السعودي عبر حسابه الرسمي على «تويتر»، لعدم سرعة تفاعل عناصره في التعامل مع تلك الحالة التي علق فيها مواطن بسيارته وسط السيول، إلى أن ساعده مقيم (فيليبيني الجنسية). وأكدت أن مثل تلك التصرفات فردية، ولا تمثل ما يقوم به رجال الدفاع المدني على الإطلاق من تضحيات وأعمال إنسانية كبيرة. وحظيت بطولة المنقذ الفيليبيني بإشادات واسعة لمغردين على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، مطالبين بتكريمه على عمله البطولي والشهم. إلى ذلك، حذّر المتحدث الرسمي للهيئة العامة للأرصاد وحماية البيئة حسين القحطاني من استمرار الأمطار حتى مساء اليوم.