سادت توقعات متواضعة أمس، من الحوار المقرر أن تبدأه فصائل وشخصيات فلسطينية في القاهرة صباح اليوم، لمدة ثلاثة أيام، بسبب ما أظهره تطبيق المرحلة الأولى من بنود المصالحة، تحت عنوان «تمكين الحكومة» في قطاع غزة، من اتساع الهوة بين مواقف حركتي «فتح» و «حماس» في شأن قضايا خلافية تتناول أجهزة الأمن وعقيدتها، ومستقبل الموظفين المدنيين الذين عينتهم «حماس» وترتيبات إدارة معبر رفح. وتطالب «حماس» باستيعاب قوى الأمن والموظفين الذين عينتهم خلال السنوات العشر الماضية، في المؤسسات المدنية والأمنية الحكومية، وتذهب إلى حد المطالبة بتبني أجهزة الأمن في غزة عقيدة أمنية مختلفة عنها في الضفة الغربية حيث يتم تنسيق أمني كامل بينها وبين أجهزة الأمن الإسرائيلية. وأظهرت «حماس» تردداً في تسليم مؤسسات مهمة في غزة، مثل سلطة الأراضي، ورفضت التراجع عن إجراءات مثل منح أراضي دولة لعدد من الموظفين بدلاً من مستحقاتهم المالية. وظهرت أيضاً مشكلات أخرى تتعلق بدفع رواتب الموظفين الذين عينتهم «حماس» خلال سنوات الانقسام، وعددهم عشرة آلاف موظف. ورأى مسؤولون فلسطينيون أنه ما لم يتوافر دعم مالي دولي فإن الحكومة الفلسطينية لن تكون قادرة على دفع الرواتب. وعلمت «الحياة» أن رئيس جهاز الاستخبارات العامة الفلسطينية اللواء ماجد فرج الذي قام بزيارة مفاجئة وخاطفة إلى غزة الجمعة، حاول إقناع «حماس» خلال لقائه لثلاث ساعات رئيسها في القطاع يحيى السنوار، بعدم البحث في القضايا المدرجة على أجندة الحوار الوطني في القاهرة، إلا أن الأخير رفض ذلك تماماً. وعزا فرج رغبته في إرجاء الحوار في هذه الملفات إلى «عدم جاهزية القيادة الفلسطينية (الرئيس محمود عباس) لمناقشتها». واعتبر السنوار أن عدم مناقشة هذه الملفات والاتفاق عليها «سيُدخل شعبنا في أزمات كثيرة وكبيرة، لا أحد يستطيع تحمل نتائجها». وكشفت المصادر أن فرج أبلغ السنوار بأن السلطة الفلسطينية «تسعى إلى ضم الأذرع العسكرية لفصائل المقاومة، بما فيها حركتا حماس والجهاد الإسلامي، إلى الجيش الوطني الفلسطيني المنوي تشكيله في المستقبل، شريطة عدم استخدام سلاح المقاومة نهائياً إلى أن يتم تشكيله». وأضافت أن فرج «طلب مساعدة» حركة «حماس» لحكومة التوافق الوطني الفلسطيني في تسهيل سفر الفلسطينيين عبر معبر رفح الذي فتحته السلطات المصرية السبت الماضي لثلاثة أيام، ومُدِد فتحه حتى غد الأربعاء. ونقلت وكالة الأنباء الرسمية «وفا» عن الأحمد أن «الهدف من الاجتماع أن تكون الفصائل شريكة فعلياً، وليست مراقبة لطي صفحة الانقسام في شكل نهائي». واعتبر أن «من يطالب بتنفيذ بنود اتفاق المصالحة دفعة واحدة، يريد وضع العصي في الدواليب». وقال رئيس الحكومة رامي الحمدالله أمس، إن حكومته لم تتسلم فعلياً المؤسسات الحكومية وأجهزة الأمن، وإن الأخيرة ما زالت كلياً تحت إدارة «حماس». وأضاف: «تسلمنا المؤسسات والمعابر في غزة سيبقى منقوصاً وغير مجدٍ، ما لم يتم تمكين الحكومة في شكل فعلي وتسلمها المهمات الأمنية كاملة». وأكد في مؤتمرٍ في أريحا أن «الحكومة لا تستطيع العمل إلا ببسط سيطرتها وولايتها القانونية الكاملة في غزة، وبحلول جذرية للقضايا الأمنية والمالية والمدنية والإدارية الناجمة عن الانقسام». ويرى مراقبون أن وجود عدد كبير من ممثلي الفصائل والشخصيات المستقلة في حوار القاهرة مؤشر إلى عدم قدرة المتحاورين على التوصل إلى اتفاق تفصيلي. وفي نيويورك، رحبت الأممالمتحدة باتفاق القاهرة، مشددة على ضرورة إعادة قطاع غزة الى السيطرة الكاملة للسلطة الفلسطينية بجانبيها المدني والأمني. وقال منسق الأممالمتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف، خلال جلسة لمجلس الأمن أمس ان تحسين استلام السلطة الفلسطينية السيطرة الكاملة في القطاع «قد تكون خطوة في اتجاه جعل الحركة من والى القطاع طبيعية»، مشيراً في الوقت نفسه الى أن سكان غزة «لم يشهدوا أي تحسن في ظروفهم المعيشية حتى الآن»، مشيراً بصورة خاصةالى استمرار أزمات الكهرباء والمياه والصرف الصحي والإمدادات الطبية. وأكد ملادينوف ضرورة وقف إسرائيل «الأنشطة الاستيطانية غير المشروعة» في الضفة الغربية وقال «انها تقوض حل الدولتين».