حدد اتفاق القاهرة الأخير المرحلة الأولى من اتفاق المصالحة بأربعة أشهر لكن المسؤولين في الجانبين يقولون إنها قد تمتد أربع سنوات. وقسم الاتفاق عملية المصالحة وإنهاء الانقسام الى مرحلتين، الأولى، وهي الأكثر سهولة، يجري فيها تمكين الحكومة من ممارسة صلاحياتها في غزة خلال فترة اربعة أشهر، والثانية، التي تضم القضايا الكبرى مثل اجراء انتخابات عامة، وإعادة تشكيل المجلس الوطني، وإعادة بناء منظمة التحرير، وتشكيل حكومة وفاق وطني وغيرها، يجري التفاوض عليها في لقاء وطني موسع في العاصمة المصرية القاهرة في الحادي والعشرين من الشهر المقبل. وتشمل المرحلة الأولى، تسلم الحكومة الوزارات والدوائر الحكومية والمعابر، وإيجاد حل لمشكلة الموظفين المدنيين والعسكريين الذين عينتهم حكومات حركة «حماس»، وعددهم اكثر 40 ألف موظف، منهم 23 ألف موظف في القطاعات المدنية، و17 ألف موظف في اجهزة الشرطة والأمن. واتفق على ان يجري تعيين لجنة إدارية وقانونية لبحث قضايا الموظفين المدنيين، وعلى ذهاب قادة اجهزة الأمن في الضفة الى غزة والالتقاء مع نظرائهم للبحث في كيفية اعادة بناء اجهزة الأمن والشرطة من جديد. وتسلمت الحكومة، رسمياً، المؤسسات والدوائر الحكومية قبل اكثر من اسبوعين، لكنها لم تبدأ بعد ممارسة عملها بصورة فعلية على الأرض. ويقول مسؤولون في الحركتين ان تطبيق المرحلة الأولى من الاتفاق سيستغرق وقتاً اطول بكثر من الوقت المتفق عليه، وهو ما ينعكس على الجولة الثانية من الحوار التي ستنطلق في القاهرة في الحادي والعشرين من الشهر المقبل. وقال مسؤول في حركة «حماس»: «حتى الآن لم يحدث اي شيء على الأرض». وأضاف: «وصل الوزراء والمسؤولون لكنهم لم يمارسوا فعلياً مهماتهم». ويقر المسؤولون في الحركتين بوجود فجوة كبيرة بين مواقف الجانبين من قضايا المرحلة الأولى. فحركة «حماس» تطالب بدمج الموظفين الجدد الذين عينتهم حكوماتها، مع الموظفين القدامى الذين عينتهم السلطة. اما حركة «فتح» فتقول إنه لا يمكنها قبول اجهزة الأمن التي عينتها «حماس» لأنها، والحال هذه، ستحكم السلطة من خلال نفوذها في الجهاز الأمني. وقال مسؤول رفيع المستوى في «فتح»: «حركة حماس تريد ان تترك الحكومة، لكنها تريد أن تواصل الحكم من خلال عناصرها وضباطها الذين تريد ان تزرعهم في اجهزة الأمن والشرطة». وهناك خلافات ايضاً حول موظفي الجهاز المدني. فحركة «حماس» تطالب ببقاء جميع موظفيها في القطاع العام، بينما حركة «فتح» تقول إنه يجب البحث عن حلول اخرى، مثل احالة العدد الأكبر منهم على تقاعد خاص يتولى صندوق دولي، وليس السلطة، تمويل مستحقاتهم المالية. وهناك أيضاً خلاف على المعابر، إذ تطالب «فتح» بتسلم السلطة الفلسطينية المعابر كاملة، بينما تطالب «حماس» ببقاء موظفيها او عدد منهم في مواقعهم في هذه المعابر، اضافة الى بقاء مكاتب اجهزة الشرطة والأمن. وظهرت خلافات جدية بين الجانبين على السطح في الأيام الاخيرة، ووصلت حد اعلان مسؤول كبير في «حماس» ان «المصالحة في خطر». وقال رجل «حماس» القوي في غزة يحيى السنوار في كلمة له امام النقابات المهنية في غزة ان اسرائيل والإدارة الأميركية تضغطان على السلطة الفلسطينية لعدم اتمام المصالحة. وأضاف: «إسرائيل غير راضية عن إتمام المصالحة، وإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تريد مصالحة على مقياسها» في اشارة الى المطلب الأميركي عدم ضم «حماس» الى الحكومة والمنظمة الا بعد ان تعترف بإسرائيل وتنبذ العنف وتحل جهازها العسكري. ودعا السنوار القوى الفلسطينية الى مؤازرة «حماس» في مساعيها. وقال: «عليكم الاستعداد لدفع الضريبة الوطنية من أجل التصدي لكل من يحاول تخريب جهود المصالحة الوطنية، وأقول لكم، إن هناك متضررين من المصالحة الوطنية، وهي في خطر». وفي الضفة الغربية، اصدر القيادي في حركة «حماس» حسن يوسف أول من أمس بياناً، قال فيه: «إن المصالحة لا تزال في الإعلام فقط»، مشيراً الى عدم إلغاء «العقوبات» التي اتخذتها السلطة في غزة مثل تقليص الكهرباء، ورواتب الموظفين وغيرها، ومواصلة اعتقال النشطاء في حركته في الضفة. وقال يوسف: «أن تأخير التنفيذ على الأرض يجعل منسوب الشكوك وعدم الثقة في إنجاز المصالحة مرتفعاً جداً»، محذراً من «أن أي فشل هذه المرة ستكون له تبعات ثقيلة، ونتائج قد لا تحمد عقباها». واعتبرت السلطة ان المصالحة لها استحقاقات في مقدمها عودة «حماس» الى دورها حركة سياسية الى جانب الحركات السياسية الفلسطينية. وطالب الرئيس محمود عباس حركة «حماس» بإيجاد حل لجناحها العسكري، مشيراً، في مقابلة صحافية أخيرة، الى انه لن يقبل بوجود «ميليشيات مسلحة» في غزة. وأوضح عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الدكتور احمد مجدلاني، في مقابلة مع محطة تلفزيون فلسطين، ان القيادة الفلسطينية لا تقبل المعادلة التي تحاول «حماس» فرضها، في غزة ومفادها أن السيطرة فوق الأرض للسلطة، وتحت الأرض لحركة «حماس». ويقول مراقبون ان مفاوضات طويلة منتظرة بين الجانبين حول قضايا المرحلة الأولى من المصالحة، قبل الانتقال الى المرحلة التالية التي من المؤكد ان تستغرق وقتاً اطول بكثير من قضايا المرحلة الأولى. وقال الكاتب هاني المصري: «فعلياً لم يتفق الطرفان على اي شيء، والمفاوضات حول تطبيق المرحلة الأولى ستستغرق فترة طويلة». وأضاف: «ربما يستغرق انهاء الانقسام فترة من الوقت تساوي ما استغرقه الانقسام نفسه، اي عشر سنوات».