تنقل الصحافية البريطانية المعروفة جين كوربن بعضاً من الصراع المستمر بين الاعلام الدولي والسلطات الايرانية، والذي ازدادت حدته بعد «الثورة الإيرانية الخضراء» في صيف عام 2009، وما تبعها من نتائج، تتعلق بعمل اجهزة الاعلام العالمية في ايران. وتكشف، وهي تمر امام السفارة الايرانية في لندن، أن ايران توقفت منذ «ثورة الانتخابات» تلك، عن منح تأشيرات دخول لجميع العاملين في مؤسسة «بي بي سي» البريطانية، وحتى عن الاشارة الى وصول اي طلبات من صحافيي الشبكة البريطانية اليها، الامر الذي يعقد اي محاولات للاقناع او التسويات. المنع لم يوقف الصحافية البريطانية التي كانت تنوي تحضير حلقة خاصة عن أبناء الثورة الايرانية الأخيرة لمصلحة البرنامج الإخباري الشهير «بانوراما»، من إعداد حلقة قوية، صوّرت في ثلاث دول أوروبية، وتتبعت مصائر مجموعة من الايرانيين الذين شاركوا في الثورة الايرانية الاخيرة، واضطروا بعد انتهائها الى الهرب الى دول مختلفة. الحلقة التي حملت عنوان «الحياة مع آية الله»، وعرضت ليل اول من أمس على شاشة «بي بي سي» الاولى، حصلت على تسجيل نادر لمجموعة من عائلات معتقلين ايرانيين، ينظمون منذ عام تقريباً لقاء شهرياً، غير مرخص به، للحديث عن ابنائهم وظروف اعتقالهم. من ضمن المجموعة التي ظهرت في ذلك التسجيل، صحافية ايرانية شابة، تحدثت عن ظروف اعتقال زوجها، الصحافي أيضاً، والذي يقضي حالياً عقوبة ستة اعوام في السجن بسبب اتهامه بالتآمر على الثورة الايرانية الاسلامية. واظهر التسجيل ايضاً، الجهود التي ما زال يبذلها بعضهم هناك، من اجل نقل ما يجري في الشارع الايراني الى العالم بطرق مختلفة، منها، مواقع التواصل الاجتماعي، الممنوعة في شكل رسمي في ايران، بسبب دورها اللافت في الثورة الاخيرة، وشعبيتها بين وسائل الاعلام الاجنبية التي اعتمدت عليها لنقل اخبار الشارع الايراني. وعدا ذلك التسجيل القصير من داخل ايران، تبقى الحلقة في «أمان» الدول الاوروبية، إذ قابلت بعض الذين تصدروا الاخبار اثناء الثورة الايرانية الاخيرة، ومنهم الصحافي الايراني المعروف مازيار بهاري الذي توجه في عام 2009 من مكان اقامته من لندن لتغطية الانتخابات الايرانية الاخيرة، قبل ان تلقي السلطات الايرانية القبض عليه، ليتحول بعدها الى احد وجوه الثورة الى درجة ان وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون طالبت وقتها السلطات الايرانية بالإفراج عنه. في المقابلة مع كوربن تحدث الصحافي الايراني الذي قضى حوالى 3 اشهر في السجون الايرانية، عن قناة «Press TV» الايرانية التي تبث باللغة الانكليزية، والتي ساعدت بالاشتراك مع الامن الايراني، في تسجيل اعتراف عن دوره مع قنوات اجنبية في اشاعة الفوضى في ايران. كما تحدث فنانون وشبان ايرانيون عاديون من تركيا التي توجه اليها آلاف الايرانيين بعد الثورة الخضراء، حول تفاصيل مرعبة عن عمليات اغتصاب وتعذيب تعرض اليها كثيرون بعد تلك الاحداث. كما حطت الحلقة في النروج لمقابلة احدى الناشطات الايرانيات التي هربت من ايران ايضاً خوفاً من الاعتقال، بسبب دورها في كشف عمليات الرجم التي ما زالت بعض النساء يتعرضن لها، بسبب ادانتهن بجرائم ذات طبيعة اخلاقية. لا تنقل الحلقة الكثير من الحراك الشعبي الايراني الحالي. فالايرانيون الذين تحدثوا من الخارج، هم مثل الصحافية البريطانية، يراقبون من بعد البلد الذي يحيط نفسه بمزيد من العزلة. في المقابل ركزت الحلقة على الجانب الانساني لإعلاميين وايرانيين عاديين، طمحوا الى التغيير، قبل ان تقذفهم اعاصير الثورة بعيداً كثيراً من بلدهم.