بروكسيل، باريس – رويترز، أ ف ب – احتفظت احزاب يمين الوسط بسيطرتها على البرلمان الاوروبي، في الانتخابات التي انتهت ليل اول من امس، وشهدت نسبة اقبال منخفضة قياسية لم تتجاوز 43 في المئة، وهي ظاهرة مستمرة منذ عام 1979. وكسب الحزب الشعبي الاوروبي 267 من اصل 736 مقعداً، بتراجع 21 مقعداً فقط عن العدد الذي شغله ممثلوه في البرلمان السابق، في مقابل 159 مقعداً للاشتراكيين الذين سينضم اليهم 20 نائباً من الحزب الديموقراطي الايطالي. وسيحتفظ بالتالي بقدرته على تحديد جدول الاعمال في برلمان يشرع قوانين كثيرة في الاتحاد الاوروبي ويحدد موازنته. ولم يطرأ تغيير على المقاعد الاوروبية التي يشغلها الليبراليون وعددها 81 مقعداً، فيما فاز الخضر ب 8 مقاعد اضافية، ما رفع عدد نوابهم من 43 الى 51. وفي المانيا التي تملك عدد المقاعد الاكبر في البرلمان الاوروبي (99)، نال محافظو المستشارة الالمانية انغلا مركل وحلفاؤهم على نسبة 37.9 في المئة من الاصوات، ما جعلهم يتقدمون بفارق كبير على الاشتراكيين الديموقراطيين الذين منوا بهزيمة تاريخية ( 20،8 في المئة). وفي فرنسا، فاز حزب «الاتحاد من اجل حركة شعبية» الذي ينتمي اليه الرئيس نيكولا ساركوزي ب 27.89 في المئة من الاصوات، متقدماً على الاشتراكيين (16 في المئة) ودعاة حماية البيئة، بزعامة زعيم الطلاب عام 1968 دانييل كوهين بنديت، والذين حصلوا على نسبة الاصوات ذاتها، ما شكل مفاجأة. واشاد الرئيس ساركوزي بفوز حزبه في الانتخابات الاوروبية، معلناً تمسكه بمواصلة الاصلاحات، واتخاذه في الايام المقبلة مبادرات تفتح ورشات جديدة. واعلن قصر الاليزيه الرئاسي في بيان ان «فوز الغالبية الرئاسية تؤكد امتنان الفرنسيين للعمل الذي انجز خلال الرئاسة الفرنسية الدورية الاخيرة للاتحاد الاوروبي، ودعمهم للجهود التي تبذلها الحكومة من اجل الخروج من الازمة الاقتصادية العالمية غير مسبوقة». وتابع البيان: «يدرك الرئيس تطلعات الفرنسيين، وهذا الفوز يحتم الذهاب الى ابعد. يجب ان تتغير اوروبا وان تتواصل الاصلاحات. وهو سيستقبل جميع قادة الاحزاب الممثلة في برلمان ستراسبورغ قبل عقد المجلس الاوروبي المقبل في 18 و19 الشهر الجاري». وفي ايطاليا، فاز حزب رئيس الوزراء سيلفيو برلوسكوني، لكن من دون ان يحقق هدفه في نيل نسبة 40 في المئة من الاصوات، مكتفياً ب 35.6 في المئة. وفي اسبانيا، تقدم اليمين على الاشتراكيين في حزب رئيس الوزراء خوسيه لويس ثاباتيرو. وسجل اليمين في البرتغال، بلد رئيس المفوضية الاوروبية جوزيه مانويل باروسو، فوزاً غير متوقع على اشتراكيي رئيس الوزراء جوزيه سوكراتيس. وفي بريطانيا، مني حزب رئيس الوزراء العمالي غوردن براون بهزيمة نكراء بحصوله على نسبة 15 في المئة من الاصوات، وانتقل الى المرتبة الثالثة بعد المحافظين (29 في المئة) وحزب «يوكيب المشكك» في جدوى انشاء الاتحاد الاوروبي (17 في المئة). وعلى غرار اسبانيا وبريطانيا، دفعت الاحزاب الحاكمة في ايرلندا ولاتفيا واليونان والمجر وبلغاريا ثمناً باهظاً لتأثرها بالازمة الاقتصادية العالمية، في وقت يرى ناخبون كثيرون ان الاتحاد الاوروبي لم يفعل شيئاً لمعالجة هذه الازمة، على رغم ان موافقته على خطة للحفز المالي انفقت بموجبها مبالغ كبيرة لانعاش الاقتصاد الاوروبي. ولن تواجه الاحزاب الحاكمة التي هزمت في الانتخابات الاوروبية عواقب مباشرة، لكنها قد تعاني من ضغوط متزايدة من اجل تغيير سياستها او ممثليها. وتقدم المشككون في النمسا، حيث حصلوا على نسبة 18 في المئة، على غرار لائحتي اليمين المتطرف الذي انتزع اربعة مقاعد في هولندا ومقعدين في كل من بريطانيا ورومانيا، وواحد في كل من المجر وسلوفاكيا. لكن المتطرفين ما زالوا يفتقدون قدرة التأثير على القرارات، «لأنهم لا يشكلون كتلة متماسكة». ويفترض ان يؤمن فوز المحافظين اعاة انتخاب باروزو لولاية جديدة على رأس المفوضية الاوروبية لمدة خمس سنوات، علماً ان قادة معظم الدول ال27 الاعضاء في الاتحاد ايدوا اعادة انتخابه. واستبعد يواكين المونيا مفوض الاتحاد الاوروبي للشؤون الاقتصادية والنقدية حدوث صعوبات كبيرة في عملية صنع القرار، «لأن هذا البرلمان لم يختلف كثيراً عن السابق». وفي سياق التعليقات على تدني نسبة المقترعين والتي سجلت اكبرها في سلوفاكيا وسلوفينيا وتشيخيا ورومانيا وبولندا بنسبة تجاوزت 70 في المئة، طالب الرئيس البرلمان الاوروبي المنتهية ولايته الالماني هانس غيرت الاحزاب السياسية ووسائل الاعلام ببحث الوسائل التي تكفل تحسين طريقة مواكبة رسالة الاتحاد الاوروبي. وقال: «انني مقتنع بأن نسبة المشاركة ستكون افضل عام 2014»، موعد الانتخابات الاوروبية المقبلة. وحمّل رئيس المفوضية باروسو القادة السياسيين في الاتحاد مسؤولية ضعف اهتمام مواطنيهم باوروبا. وقال: «يجب ان يعطي السياسيون الذين تتمحور مناقشاتهم غالباً حول مسائل وطنية، انطباعاً بأنهم وطنيون واوروبيون». واضاف باروسو: «بدءاً من اليوم، تدين اوروبا للناخبين اثبات انها تستطيع ان تحقق نتائج في مواجهة الازمة الاقتصادية، وبذل قصارى جهدها لمصلحة الفقراء في المجتمع، خصوصاً الذين يواجهون البطالة».