وصف وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، قبولَ إسرائيل وقف النار مع حركة «حماس» في قطاع غزة بأنه «خطأ خطير»، وقال إنه على إسرائيل عدم السماح ل «حماس» بإملاء شروط اتفاق لوقف اطلاق النار، معتبراً انه على تل أبيب ان تسعى الى إسقاط نظام «حماس» في القطاع. وفي غضون ذلك يتوقع أن يوجه القضاء الإسرائيلي إلى ليبرمان اليوم اتهامات بالفساد. وقال ليبرمان للإذاعة الإسرائيلية أمس، إن «الهدف الذي وضعناه بإعادة الهدوء خطأ فادح، لأن ذلك سيسمح لحماس بتعزيز قوتها، على نموذج حزب الله». لكنه أضاف أن حزبه اليميني المتطرف «إسرائيل بيتنا» لن يفتعل أزمة حكومية على هذه الخلفية، إلا أنه سيطالب حزب «ليكود» الحاكم باحترام الاتفاق الائتلافي الموقَّع بينهما، في إشارة إلى البند القاضي بأن «تقويض حكم حماس في القطاع هو هدف إستراتيجي لإسرائيل». وثمة بند آخر يقول إن «الحكومة ستعمل بصرامة وبمثابرة ضد تنظيمات الإرهاب التي تهدد إسرائيل وتقوم بكل ما مطلوب من أجل دحرها». ويعقد حزب «إسرائيل بيتنا» مؤتمره العام غداً الأربعاء، وسط توقعات بأن يطلق دعوة الى حزب «ليكود» وزعيمه رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو، بأن تبحث الحكومة المصغرة للشؤون الأمنية تطبيقَ الاتفاق الموقع والقاضي بإسقاط حكم «حماس». ويأتي كلام ليبرمان هذا في أعقاب عناوين صحف أمس التي تحدثت عن تفاهمات ضمنية بين إسرائيل و «حماس» للتهدئة، ووسط توقعات المعلقين في الشؤون العسكرية، بأن «الجولة الحالية من التصعيد انتهت، في انتظار الجولة المقبلة». وسارعت أوساط سياسية إسرائيلية رفيعة المستوى إلى التوضيح بأن إسرائيل لا تقر بوجود تفاهمات مع «حماس» حول التهدئة في قطاع غزة. وكررت ما قاله نتانياهو في اليومين الأخيرين، أن «على حماس ان تكف أولاً عن إطلاق القذائف الصاروخية على جنوب إسرائيل، وبعد ذلك توقف الدولة العبرية عملياتها العسكرية في غزة». كما رفضت هذه الأوساط تأكيد أو نفي نبأ قيام ممثل الأمين العام للأمم المتحدة روبرت سيري بدور الوساطة بين إسرائيل وحماس» لاحتواء التصعيد. وبحسب مصدر أمني إسرائيلي كبير، فإن إسرائيل و «حماس» تعودان الآن إلى أصول «اللعبة القديمة»، أي الحفاظ على التهدئة وعدم القيام بأي هجمات متبادلة، مع التحذير من أن خلايا مسلحة قد تقوم بعمليات بالقرب من السياج الحدودي بين قطاع غزة وإسرائيل. وعزت مصادر أمنية إسرائيلية قبول «حماس» بالتهدئة إلى «الضائقة الشديدة التي تعيشها، في أعقاب الضربات المؤلمة التي تلقتها من الجيش الإسرائيلي وأسفرت عن مقتل عدد من قادة الجناح العسكري، فضلاً عن انزعاجها من النجاح الكبير لمنظومة «القبة الحديد» لاعتراض القذائف الصاروخية». من جهتها، أعلنت قيادة «الجبهة الداخلية» في الجيش الإسرائيلي مساء الأحد، عودةَ الحياة إلى طبيعتها في جميع البلدات المحاذية لقطاع غزة. وبدأت ملامح هدنة بين «حماس» وإسرائيل ترتسم منذ الاحد حول قطاع غزة، حيث لم يُقتل أيُّ فلسطيني لليوم الاول منذ الخميس، كما حصل تراجع كبير في عدد الصواريخ التي يتم اطلاقها من القطاع على جنوب اسرائيل. وقبل ذلك، قُتل 18 فلسطينياً نصفهم من المدنيين، وأُطلق اكثر من 140 صاروخاً من قطاع غزة باتجاه جنوب اسرائيل خلال قصف متبادل هو الاعنف بين الجانبين منذ نهاية عملية «الرصاص المصبوب» الإسرائيلية على قطاع غزة في كانون الثاني (يناير) 2009. من جهة أخرى، أفادت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أن إسرائيل وجهت رسالة احتجاج شديدة اللهجة إلى روسيا بسبب وصول صواريخ مضادة للدبابات من طراز «كورنيت» الروسية الصنع إلى حركة «حماس»، التي أصاب أحدها حافلة إسرائيلية كانت تقل طلاباً. واعتبرت إسرائيل أن هذه الصواريخ تخل بالتوازن العسكري القائم بينها وبين «حماس»، واتهمت سورية وإيران بتهريبها. في غضون ذلك، توقعت مصادر صحافية إسرائيلية أن يعلن المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية يهودا فاينشتاين اليوم لائحة اتهام ضد ليبرمان تتضمن بنود الاحتيال وتبييض الأموال و»خيانة الثقة». وسيُمنح ليبرمان «جلسة استماع»، يتوقع أن تتم بعد أشهر، لعرض دفوعه قبل أن يقدم المستشار اللائحة رسمياً إلى المحكمة. وفي حال أعلن ليبرمان أنه يريد عقد جلسة الاستماع فإنه لن يكون مضطراً إلى الاستقالة من منصبه الوزاري، أما في حال إعلانه التنازل عن حقه هذا فإن الأمر قد يؤدي إلى هزة حكومية باعتبار حزبه الشريك الأبرز لحزب «ليكود» في الائتلاف الحكومي. وكانت الشرطة الإسرائيلية أوصت المستشار قبل أشهر بتقديم ليبرمان إلى القضاء بتهم الفساد والرشوة والتحايل وتبييض الأموال وتشويش مجرى العدالة. ويشتبه بأن ليبرمان تلقى ملايين الدولارات من شركة وهمية عندما كان وزيراً في حكومات سابقة.