لم يجد مدير مكتب صحيفة «الوطن» في المنطقة الشرقية حبيب محمود، جملة يلخص بها حال الكثير من الناطقين الإعلاميين، في الرد على استفسارات الزملاء الصحافيين، سوى الاستشهاد بشطر من بيت شعري «وجادت بوصل حين لا ينفع الوصل». وينتقد محمود «التعقيبات المتأخرة»، واصفاً إياها ب «عديمة الفائدة»، معتبراً إعاقة الوصول إلى المعلومة «خسارة في ذاتها، فلا يجوز، أن يدخل السؤال الصحافي في دهاليز البيروقراطية النمطية». وطالب حبيب الأجهزة الحكومية بأن «تحذو حذو وزارة الداخلية، في التعاطي مع المعلومة، بسرعة وشفافية»، في إشارة إلى ما يراه «التفاعل السريع»، من الناطقين الإعلاميين في الأجهزة الأمنية، سواءً من المتحدث الرسمي في الوزارة اللواء منصور التركي، أو الناطقين في الأجهزة الأمنية الفرعية. وأوضح أن من مهام الناطق الإعلامي تتلخص بالتفاعل بشكل سريع مع السؤال الصحافي، وتسهيل عملية تدفق المعلومة من المسؤول إلى السائل، مضيفاً أن «المعلومات الأمنية هي الأكثر حساسية، ومع ذلك؛ ومنذ إيجاد هذا المنصب خطت وزارة الداخلية خطوات كبيرة في تسهيل المعلومات إلى الإعلام، ومع وجود بعض الاستثناءات والعراقيل، إلا أنها تُعد أفضل بكثير من الجهات الحكومية المختلفة». واعتبر أن تصرفات بعض الناطقين الإعلاميين تنعدم فيها «الإيجابية»، مثل تأخير رد الجهات الحكومية المسؤولة، «مع أن المعلومة الصحافية مرتبطة بشكل كبير بالزمان والمكان، وإذا جاءت في وقت متأخر؛ فهي لا تنفع، خصوصاً في صحافة الخدمات والتظلم، أو الاستفسارات الطارئة». ويرى الصحافي عبيد السهيمي من صحيفة «الشرق الأوسط» أن من سليبات بعض الناطقين الإعلاميين «التعامل مع الاستفسارات الصحافية بمفهوم الصادر والوارد، ويحيل التساؤل إلى معاملة»، معتبراً تأخير الرد أمر «سلبي بكل تأكيد»، مستطرداً: ««حركة الصحف أسرع من حركة الموظف الحكومي، وفي غالب الأحيان لا تنتظره، فهي تحتاج أحياناً الرد مهما كان مستواه، لتثبيت حق الجهة الحكومية في الرد، وحين يتم التعامل من الجهاز الحكومي بهذا الأسلوب، فهذا يُعد قتلاً للمادة الصحافية». واتفق الناطق الإعلامي في قيادة حرس الحدود في المنطقة الشرقية العقيد محمد الغامدي، مع السهيمي، في أن «تأخير الردود هو أمر سلبي للجهة الحكومية». وقال: «يفترض أن يتعامل الناطق الإعلامي مع أي استفسار بصورة احترافية، من خلال الرد بالسرعة الممكنة، مع مراعاة السبق الصحافي بين الجهات الإعلامية المختلفة». بيد أنه أكد أن «المعلومة قد لا تكون متوافرة لدى الناطق. ما يستلزم البحث عنها في الإدارات المختلفة. وهذا الأمر يجب مراعاته من الإعلاميين». وطالب الغامدي بضرورة «مراعاة عدم امتلاك الناطق للمعلومات المطلوبة كافة، خصوصاً أن بعض الاستفسارات تتطلب إحصاءات، وهو أمر يحتاج إلى الكثير من الوقت، الذي لا يتناسب مع كثرة اتصالات الصحافيين». وأضاف: «ربما يفهم الناطق الإعلامي أن رده شرط لنشر المادة، لذلك قد يتلكأ في الرد، حتى يقتل الموضوع، أو حتى تجده الجهة مخرجاً ما، فالتأخير في الرد هو من مصلحة الجهة الحكومية بكل تأكيد». إلا أنه أكد أن بعض الإعلاميين «يمارس ضغوطاً لا داعي لها على الجهات الحكومية، فهو يريد رداً مباشراً من الناطق حول كل قضية». ويتسلم ناطق إعلامي آخر (فضل عدم ذكر اسمه)، دفة الحديث، من النقطة التي توقف عندها زميله الغامدي، «هناك صحافيون يمارسون نوعاً من الضغط على المتحدث الإعلامي بصورة بغيضة جداً. ولا يراعون أن الناطق قد لا يمتلك كل المعلومات في الحال (لحظة اتصال الصحافي)، أو ربما لا يمتلكها بدقة. لذا يسعى إلى البحث عنها في إدارات قطاعه. وهذا ربما يكون سبب التأخر في التعقيب على الاستفسارات الصحافية». ويؤكد تقديره للسبق الصحافي وأهميته، «لكن ليس على حساب المصلحة العامة. ونحن نسعى جاهدين لتوفير المعلومة، حتى وإن تأخرت. لكنها في النهاية ستكون منشورة بطريقة صحيحة ودقيقة، ويستطيع القارئ من خلالها معرفة الأمور المرتبطة في المادة المنشورة كافة».