استبشرت وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة، بتعيين الناطقين الرسميين في بعض الأجهزة الحكومية والأهلية. واعتقد القائمون على وسائل الاعلام، أن ذلك سيسهل مهمة التواصل مع الأحداث ومواكبتها، وحرية الوصول إلى المعلومة والتأكد من الحقائق وكشفها للرأي العام، اعتمادا على مصادرها الاصلية الموثوقة. لكن البشرى ما لبثت ان تبخرت، ولم تكتمل فرحة الاعلاميين بسبب عدم تفاعل الناطق الرسمي في كثير من القطاعات والدوائر الحكومية، مع الصحف ووسائل الإعلام. وقد حدا هذا الواقع اللافت كثيرا من الاعلاميين الى اطلاق وصف (الناطق الصامت) على تلك الظاهرة الغريبة.. وعلى جانب آخر؛ بقي كثير من الاجهزة والقطاعات على الحال القديمة، دون الاهتمام بمسألة تعيين ناطق رسمي للتواصل مع وسائل الاعلام، والرد على استفساراتها. "شمس" استطلعت آراء مجموعة من الناطقين الرسميين، وبعض مسؤولي الأجهزة الحكومية، كما استطلعت آراء بعض الصحافيين.. لتتعرف على مدى مصداقية وواقعية الاتهام بصمت الناطق الاعلامي الرسمي. الهروب والعرقلة أكد حسين البلوشي الناطق الإعلامي بأمانة المنطقة الشرقية أن عدم تفاعل الناطق الرسمي مع وسائل الإعلام المختلفة، "يعرقل مسيرة تطور ونمو الجهاز الذي يعمل فيه، لما يمثله من حلقة وصل مهمة تربط ذلك الجهاز بالمجتمع". وشدد على أهمية أن يتصف الناطق الرسمي "بالصدق والأمانة، وأن يتجنب الدفاع عن جهازه أو تلميعه على حساب رضا الآخرين". واوضح: "دور الناطق هو ايضاح الحقائق وتقديم المعلومات والبيانات". وتمنى البلوشي أن "يتوافر ناطق رسمي لكل جهاز، وأن يتفاعل مع المواطن والإعلام". ودعا الى" عدم التهرب من الإعلاميين بإغلاق الهاتف الجوال". واضاف: "يجب أن يتمتع بثقافة عالية عامة وخاصة، وإلمام بما يستجد في جهازه الذي يعمل فيه، وأن يكون نصيرا للإعلاميين". الإثارة الإعلامية وحول الشكوى من بعض الاعلاميين؛ قال البلوشي: "من الأمور المزعجة لي كناطق رسمي أنه في بعض الحالات نعطي تصريحا لأحد الإعلاميين، فيقوم بتغيير مضمون أو نص المعلومات المعطاة إليه". واضاف: "كذلك لجوء بعض المؤسسات الإعلامية إلى وضع عناوين مثيرة لا تمت للخبر بصلة بهدف تهييج الرأي العام". ودعا البلوشي إلى لقاء توافقي يعقد مرة واحدة على الأقل سنويا بين الناطقين الرسميين وبين الإعلاميين بمشاركة وسائل الإعلام في المنطقة الشرقية، مشيرا إلى استعداد أمانة المنطقة الشرقية لاستضافة اللقاء وتبنيه من جميع النواحي. 20 مكالمة يوميا من جانبه كشف المقدم منصور الدوسري الناطق الإعلامي بالإدارة العامة للدفاع المدني بالمنطقة الشرقية عن تلقيه من 15 إلى 20 مكالمة يوميا، على هاتفه المحمول من قبل الإعلاميين في الحوادث اليومية. واضاف ان التنافس بين الصحافيين يسبب الازعاج، وقال: "أحيانا لا يتفهم الصحافي أن زميله في نفس الصحيفة أخذ الخبر، ويصمم على أخذه". وأوضح ان بعض الصحافيين "يتصل في أوقات متأخرة من الليل، ونكتشف أن موضوعه الذي يستفسر عنه يمكن تأجيله إلى اليوم التالي". واضاف: "وأحيانا يتم الاستفسار عن حالات تحتاج إلى وقت لجمع المعلومات الصحيحة". راعوا ظروفنا ودعا الدوسري الإعلاميين إلى مراعاة الظروف الاجتماعية للناطق الرسمي، مشيرا إلى أنه (بشر) تحكمه بعض الظروف كحضوره مناسبات المجتمع كالزواج والعزاء أو وجوده في حضرة الضيوف. وقال: "هناك حلول لهذا، كأن يرسل الإعلامي رسالة نصية قصيرة sms تحتوي على الاستفسار المطلوب وسيجد الرد من خلالها أيضا". واكد الدوسري ان الناطق الرسمي "لم يوضع في موقعه إلا لتذليل العقبات التي تواجه الإعلام للحصول على المعلومة من مصادرها". ونفى إقدام الناطق الرسمي على تمرير الأخبار الخاصة إلى بعض وسائل الإعلام. تأويل مزعج من جهته، اوضح الملازم محمد شار الشهري مساعد الناطق الإعلامي بالإدارة العامة لشرطة المنطقة الشرقية تعيين الناطقين الرسميين "لتقريب وجهات النظر بين العاملين في القطاعات المختلفة ووسائل الإعلام، لإيضاح الحقائق واستقاء المعلومات من مصادرها الأساسية". وقال: "أعتقد أن عدم تفاعل بعض الناطقين الرسميين مع الإعلام هو حالات فردية، تعود إلى شخص الناطق نفسه". واضاف: "لا استطيع تقييم تعاون الناطقين من عدمه، لكنني أرى أن وجودهم يخدم المصلحة العامة". تصيد الكلام ورأى الشهري انه "لا بد من جسر تعاون بين الإعلام والناطقين". واشار الى ان "بعض الصحافيين يضيف على الخبر، ويقوم بتأويله". وأضاف: "التصريح يجب أن يكون بحدود الموضوع المعني، وبالقدر الذي لا يؤثر في سير الحادثة أو القضية". وقال: "بعض وسائل الإعلام تريد التشويق والإثارة على حساب الموضوع". واكد انه "يفترض على الإعلام أن لا يتحامل على الناطق الرسمي، وألا يحاول أن يتصيد له الكلام".