عادت من جديد أزمة الشعير في جميع أنحاء المملكة، إذ تعاني جميع أسواق ومراكز التوزيع لليوم الثالث على التوالي من عدم توافر أية كميات من الشعير، ما تسبب بأزمة كبيرة لمربي الماشية، وحدوث تجمعات كبيرة من المستهلكين في تلك الأسواق بحثاً عن البديل من الأعلاف الأخرى التي لا تتوافر في الأسواق كميات كافية منها. وأكد عدد من مربي الماشية أنهم يبحثون منذ ثلاثة أيام عن أي كمية من الشعير وبأي سعر، خصوصاً أن هذه الأزمة غير معروف مصدرها ومدى استمراريتها، مشددين على عدم توافر النخالة في السوق، وكذلك في المؤسسة العامة لصوامع الغلال ومطاحن الدقيق، التي تشهد طلباً كبيراً منذ أكثر من أسبوع. وقال أحد موزعي الشعير ومربي الماشية عبدالله التويجري ل «الحياة»، إن «جميع محطات وصوامع التجار مقفلة نهائياً، ولم نستطيع أن نحصل على معلومة توضح أسباب عدم توافر الشعير في الأسواق»، وهناك مؤشرات لارتفاع الأسعار على رغم تحديد وزارة التجارة للسعر بنحو 37 ريالاً للكيس من التاجر والموزّع نحو 40 ريالاً. وأضاف: «تعمل بعض الشركات المستوردة للشعير التي يتوافر لديها كميات محدودة على ضغط كل 40 كيلو غرام من الشعير في كيس وبيعها بنحو 40 ريالاً، بدلاً من الكيس الذي يزن 50 كيلو غرام والمقدر سعره بنحو 37 ريالاً»، مؤكداً أن الكثير من مربي الماشية متذمرون من الوضع، حتى إن بعضهم في سوق الدمام على استعداد لدفع أكثر من 50 ريالاً للكيس في مقابل توفير كمية كبيرة يحتاجها، خصوصاً أن لديه ماشية بملايين الريالات وسيلحق بها الضرر خلال الأيام المقبلة إذا لم يتوافر الشعير. من جهته، أكد أحد الموزعين في الرياض (رفض ذكر اسمه)، أن هذه الأزمة مفتعلة من التجار، إذ عمدوا إلى تجفيف السوق وإغ لاق مراكز التحميل على طريق المنطقة الشرقية، ما يضع وزارة التجارة أمام الأمر الواقع، وتسمح برفع السعر وترك سوق الشعير للعرض والطلب، خصوصاً أن الكثير من التجار يطالبون بصرف الإعانة لهم، وهذا ما جعلهم يتلاعبون بالسوق من فترة إلى أخرى. وبين أن السوق تشهد إقبالاً كبيراً من مربي الماشية بحثاً عن الشعير بأي سعر، في الوقت الذي لا تتوافر فيه أي كمية في السوق، ولا توجد بدائل باستثناء العلف المصنع الذي زاد عليه الطلب، ما تسبب في عدم توافره في بعض الأوقات. وتخوّف أحد مربي الماشية محمد بن علي، من استمرار إغلاق بعض محطات توزيع الشعير في المملكة بعد إبلاغهم من الموزعين المحليين في سوق جنوبالرياض، مشيراً إلى أنه لا تتوافر كميات من الشعير في السوق منذ ثلاثة أيام، ما يؤكد نشوء أزمة جديدة من المتوقع أن تكون الشرارة الأولى لارتفاع الأسعار فوق 50 ريالاً للكيس الواحد. وطالب وزارة التجارة والصناعة بتوضيح أسباب عدم توافر كميات الشعير في الأسواق، مؤكداً أنها تمتلك الصلاحيات الكفيلة بحل هذه الأزمة، إضافة إلى ضرورة تشجيع استيراد الشعير ودعم الموردين سعياً للحفاظ على الثروة الحيوانية في المملكة. بدوره، قال أحد العاملين في مستودع للشعير في الرياض حسن محمد، إن «الشعير غير متوافر في السوق، في حين يطلبه كثير من مربي الماشية بأي سعر، وهذا يتطلب مراجعة دعم أسعار الشعير بشكل دوري حتى يستطيع المستورد توفير الكميات التي تحافظ على السعر المناسب وعلى حقوق مربي المواشي وذلك بتأمين الأعلاف لهم بأسعار معقولة». وكان وزير التجارة والصناعة عبدالله زينل أصدر مطلع العام الحالي قراراً بإخضاع سلعة الشعير لأحكام التنظيم التمويني في الأحوال غير العادية، واعتبر القرار، مخالفاً لأحكامه كل من تجاوز من المستوردين نسبة هامش ربح مقدارها 5 في المئة من كلفة الاستيراد بعد خصم مقدار الإعانة ورسوم التفريغ في الموانئ، وكل من باع كيس الشعير وزن 50 كغم من الموزعين أو التجار بزيادة عن هامش الربح المحدد ضمن قرار مجلس الوزراء، وهو 4 ريالات للكيس، وكل من امتنع عن البيع أو قام بتخزين الشعير أو لم يضع لوحة توضح أسعار البيع في محله من المستوردين والموزعين وتجار الشعير. يذكر أن عدد الشركات الموردة للشعير للمملكة كانت في السابق 14 شركة تغطي كل مساحة المملكة، وتسبب تقلبات سوق الشعير في خروج الكثير منها، فيما يبلغ عدد الموزعين أكثر من 100 موزع في مختلف إنحاء المملكة. وتعد المملكة أكثر دول العالم استهلاكاً للشعير، إذ يبلغ حجم الكميات المستوردة من هذه السلعة ما يزيد على 9 ملايين طن، وتعتبر أوكرانيا واستراليا وبعض دول أوروبا الشرقية من أكثر الموردين للسوق السعودية.