تواصلت احتجاجات القوى المدنية والنقابات العراقية طوال الأسبوعين الماضيين على مشروع لتعديل قانون الأحوال الشخصية قدمته قوى إسلامية، يسمح بالزواج على أساس المذهب ويتيح تزويج القاصرات (للمزيد). ودعت نقابة المحامين في بيان البرلمان إلى رفض التعديلات المقترحة على القانون رقم 188 لعام 1959، واعتبرتها تكريساً ل «الهوية الطائفية على حساب مبادئ المواطنة»، وتستلب «الحقوق المكتسبة للمرأة بموجب القانون النافذ للأحوال الشخصية»، وتلغي «مبدأ المساواة أمام القانون، وتتعارض مع مبدأ الفصل بين السلطات»، وتؤدي إلى «جعل الجريمة فعلاً مباحاً بالنسبة إلى الزواج خارج المحاكم». وأشار بيان النقابة إلى أن التعديلات تلغي «حق الزوجة في التفريق القضائي، وتؤدي الى حرمانها من التعويض عن الطلاق التعسفي، ودار السكن، ومن إرث الأراضي، وتقلص حقها في حضانة أولادها، وتجبر البنت البالغة على الزواج بإذن ولي أمرها، وتسمح بالزواج لمن بلغت أقل من 9 سنوات». وكان نواب من كتلة «المواطن» التي يتزعمها عمار الحكيم قدموا اقتراحاً لتعديل قانون الأحوال الشخصية الذي شرع عام 1959، ويعتبر من القوانين الأكثر مدنية وتحضراً في الشرق الأوسط، وصوّت البرلمان «من حيث المبدأ» على قبول التعديلات، في انتظار التصويت النهائي. وكان لافتاً اعتراض الخارجية الأميركية على مشروع القانون لسماحه بتزويج الأطفال. إذ يندر أن تعلق واشنطن على قانون عراقي قبل إقراره، ما اعتبره ناشطون إشارة تحذير إلى القوى الإسلامية من المضي بإقراره. وطوال الأسبوعين الماضيين نظم ناشطون ومنظمات مجتمع مدني عشرات التجمعات والتظاهرات الرافضة القانونَ، واتهموا الأحزاب الإسلامية بالعودة بالقوانين إلى «حقب جاهلية». وعلى رغم تصويت معظم النواب على التعديلات المقترحة، فإن قوى سياسية مختلفة أصدرت بيانات تندد بها بينها «تحالف القوى» (السني) الذي أكد رفضها، ودعا رئاسة البرلمان إلى «سحبها وعدم طرحها على التصويت». وكان المجمع الفقهي، وهو أعلى جهة دينية سنية في العراق رفض التعديلات، وأكد في بيان أن «قانون الأحوال الشخصية بنسخته الحالية يمثل نقطة وسطاً بين المذاهب المختلفة، ولم يشتكِ منه أحد طوال العقود السابقة». إلى ذلك، دعا بطريرك الكلدان الكاثوليك لويس روفائيل الأول ساكو خلال زيارة باريس الى تعديل الدستور لضمان «المساواة بين جميع المواطنين»، مشدداً على أن الدين «خيار شخصي» ولا يجوز إقحامه في شؤون الدولة. وقال خلال مؤتمر صحافي في معهد العالم العربي إن «الأولوية بالنسبة الى العراقيين هي الأمن والاستقرار». وأضاف: «نحن في حاجة الى مساعدة دولية لتحقيق ذلك والنهوض بطريقة صحية وغير طائفية». وتابع: «أنا مواطن عراقي، لا يهم إذا كنت مسيحياً أو شيعياً أو سنياً أو كردياً... لا يجوز للدين أن يفصل بين المواطنين. الدين خيار شخصي: أن أؤمن أو لا أؤمن، أنا حر ولا يجوز فرض الإيمان بالقوة»، مشدداً على «وجوب أن يعي الناس في الشرق الأوسط ذلك». وتابع: «إذا أرادت هذه الدول أن تنعم بمستقبل آمن لا بد من دولة مدنية ولا أجرؤ على القول علمانية». وأعرب البطريرك الكلداني عن أسفه لما شهده سهل نينوى (شمال العراق) وفيه الكثير من القرى والبلدات المسيحية، من اضطرابات أمنية بسبب الأزمة الناجمة عن تنظيم إقليم كردستان استفتاء على الانفصال في نهاية أيلول (سبتمبر) الماضي. وعن الأزمة بين بغداد وأربيل، قال رئيس كتلة «الديموقراطي الكردستاني» في البرلمان عرفات كرم ل «الحياة»، إن «حكومة كردستان أقدمت على خطوات جريئة، منها ترحيبها بقرار المحكمة الاتحادية، وقبل ذلك إعلانها تجميد نتائج الاستفتاء». واعتبر هذا «دليل رغبتها الجدية في الحوار»، وأضاف: «رئيس الوزراء حيدر العبادي رحّب بموقف حكومة الإقليم، وهناك جهود تبذل وضغوط دولية وليس من مصلحة أحد تأخير المفاوضات»، وقال: «هناك أطراف (لم يسمها) تعرقل وهي تلعب ورقة الانتخابات والمزايدة السياسية، لذا فإن الخارجية الأميركية شددت على إبعاد المتلاعبين بهذه الورقة».