يُعدّ لبنان برنامجاً استثمارياً للبنى التحتية قيمته 20 بليون دولار، لتحقيق قفزة نوعية في النمو الاقتصادي، سيُعلن العام المقبل، وكُشف عن هذا المشروع في «المؤتمر المصرفي اللبناني» الذي نظمته جمعية مصارف لبنان في لندن بالتعاون مع صحيفة «الفايننشال تايمز»، وحضره حشد من مديري المصارف المراسلة وإدارة الأخطار والتحقق. وتحدّث حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامه في المؤتمر، لافتاً إلى أن «تأثر السوق اللبنانية بالأزمة السياسية وباستقالة الحكومة، أمر طبيعي». وشدد على أن مصرف لبنان «مستعد وقادر على الحفاظ على استقرار سعر صرف الليرة اللبنانية في مقابل الدولار». وأوضح أن «في الأسبوع الذي أعقب استقالة رئيس الوزراء سعد الحريري، شهدت سوق الصرف عمليات تحويل طبيعية ومتوقعة من الليرة إلى الدولار، لكن الحجم اليومي لهذه العمليات انخفض تدريجاً خلال الأسبوع». وذكّر سلامه بأن المصرف المركزي «أطلق هندسات مالية وعمليات مالية استباقية عام 2016 وهذه السنة، تحسباً للأوقات الصعبة». وأوضح أن «هذه العمليات الاستباقية ساهمت في زيادة موجوداتنا بالعملات الأجنبية، التي تجاوزت 43 بليون دولار، ما يحافظ على سيطرة المركزي المطلقة على أسواق الصرف». وأعلن سلامه أن «الزيادة في مردود سندات الخزينة اللبنانية الأسبوع الماضي كان مبالغاً فيها، إذ سجّل المردود وشهادات الإيداع نشاطاً ضعيفاً». ورأى أنّ أسعار هذه السندات المصدرة بعملات أجنبية «مقدّرة بأقل من قيمتها، كما أن أسعار شهادات الإيداع مبالغ فيها». ولم يغفل أن «وزارة المال ومصرف لبنان اتفقا قبل الأزمة السياسية الراهنة وقبل اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين في منتصف تشرين الأول (أكتوبر) الماضي في واشنطن، على إجراء عملية تبادل، بحيث تصدر الحكومة سندات يوروبوند بقيمة 1.750 بليون دولار، يسدّد البنك المركزي قيمتها عبر تحويل سندات بالليرة اللبنانية من محفظته إلى وزارة المال». ولفت إلى «إطلاع صندوق النقد الدولي على هذه العملية». ولهذا السبب، «سدّدت وزارة المال نقداً السندات المستحقة في تشرين الأول من دون إصدار سندات بديلة في السوق، وبالتالي لا إصدار يوروبوند مرتقباً ولا نيّة لإصدار جديد في نهاية السنة». وعن القطاع المصرفي اللبناني، أكد سلامة أنه «يتمتع برسملة جيدة، إذ أن الهندسة المالية التي نفّذت في 2016 سمحت للمصارف بتكوين الأموال اللازمة للتقيّد بالمعيار الدولي للتقارير المالية الرقم 9 (IFRS 9)، وتحقيق نسبة ملاءة تبلغ 15 في المئة وفقاً ل «بازل 3»، وتحديداً تكوين احتياطات عامة». وقال: «الواقع أن مصرف لبنان طلب من المصارف ال33 المشاركة في الهندسة المالية لعام 2016، الاحتفاظ برأسمالها بعائدات هذه العملية». وأشار إلى أن «لدى مصارفنا المؤونات اللازمة وستبقى لمواجهة أخطار الائتمان في حال تباطؤ الاقتصاد». وأعلن سلامه أن «الودائع زادت 6 في المئة كما سُجل توازن في ميزان المدفوعات، فضلاً عن مستوى قياسي لموجودات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية، ونمو اقتصادي نسبته 2.5 في المئة وتضخم نسبته 3 في المئة». وأعلن أن لبنان «يطبّق نظاماً فعالاً للامتثال». وكشف رئيس جمعية مصارف لبنان جوزف طربيه، أن لبنان «يعمل جاهداً بالتعاون مع المؤسسات المالية العالمية والحكومات، لوضع برنامج استثماري واسع النطاق للبنى التحتية، تبلغ قيمته 20 بليون دولار، بهدف تحقيق قفزة نوعية وتحوّل مهم في النمو الاقتصادي، بعدما وصلت الأوضاع السائدة إلى حائط مسدود». وأمل بأن «يُعلن عن عام 2018»، متوقعاً تنفيذه «على مرحلتين الأولى تقضي بإنفاق 4 بلايين دولار على 40 مشروعاً حالياً يشمل البنى التحتية». ولفت إلى أن «تمويل هذه المرحلة مؤمّن من جهات خارجية ويتطلب استثماراً لبنانياً بقيمة 700 مليون دولار، منها 400 مليون سيؤمّنها المصرف المركزي اللبناني ووزارة المال». أما المرحلة الثانية من هذا المشروع، بحسب ما ذكر طربيه فتتمثل «بتأمين 16 بليون دولار لتمويل 240 مشروعاً في البنى التحتية»، مشيراً إلى أن البنك الدولي «سيتولى الإدارة والموافقة على كل مشروع، على أن يضع صندوق النقد الدولي الأطر المالية والماكرو- اقتصادية لها». ولم يستبعد أن «يكون التمويل على شكل قروض ميسّرة ل30 سنة مع فترة سماح تمتد 10 سنوات، تمنحها مؤسسات وصناديق تمويل إقليمية وعالمية، مثل البنك الأوروبي للاستثمار والصندوق العربي للتنمية الاقتصادية والبنك الإسلامي للتنمية». وقال: «نحن كمصارف ومصرفيين، نرحّب بهذه المشاريع المهمّة وندعمها ونتطّلع الى المشاركة في إنجاحها». وعن الصناعة المصرفية اللبنانية، شدد طربيه على أنها «قويّة وتقف بثبات».