تتطلّب مرحلة التحوّلات الكبيرة التي تشهدها المنطقة العربية إعادة نظر في أطر معالجة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، وحضّ المتحدثون في افتتاح «منتدى الاقتصاد العربي»، الذي افتتح دورته ال21 برعاية رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبناني نجيب ميقاتي أمس في فندق «فينيسيا - بيروت»، بمشاركة 600 شخصية لبنانية وعربية ودولية، والذي تنظمه مجموعة الاقتصاد والأعمال، الحكومات على التخطيط لإصلاحات مستقبلية. وتحدث حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة في الافتتاح عن الوضع اللبناني لافتاً الى أن «الوضع النقدي مستقر والليرة اللبنانية ثابتة، وموجودات مصرف لبنان من العملات الأجنبية ارتفعت إلى أكثر من 36 بليون دولار». وبالنسبة إلى الفوائد، قال «إننا نترك للسوق تحديد مستواها، والهدف هو ابقاؤها مستقرة، ولذا يتدخل المصرف المركزي لشراء سندات الخزينة بالليرة حرصاً على استقرارها وكذلك وتيرة التسليف، فضلاً عن ملاءة الدولة». وأشار إلى أن مصرف لبنان توقع أن «تكون هذه السنة صعبة نتيجة استحقاقات كثيرة». لذا «بادر استباقاً لكل ذلك إلى وضع برنامج بتصرف الاقتصاد يوفر تسليفات تعادل نحو 1.4 بليون دولار عبر المصارف بفائدة واحد في المئة، ضمن شروط معينة». ورجح أن «يساهم ضخ هذه السيولة في تحقيق نمو نسبته 2 في المئة». وأوضح أن مصرف لبنان «عزّز نوعية موجوداته بالعملات الأجنبية فباع سندات خزينة بقيمة 2.5 بليون دولار، وبذلك باتت الدولة قادرة على مواجهة استحقاقات هذه السنة بالعملات الأجنبية». وكشف عن «ازدياد الودائع بالعملات الأجنبية في الأشهر الأخيرة، ما ينفي خروج أموال من لبنان». وأكد أن وضع المصارف اللبنانية في سورية «لم يعد يشكل خطراً بعد انخفاض تسليفاتها في الاقتصاد السوري من 5 بلايين دولار إلى 1.6 بليون، فيما تعمل في مصر في شكل طبيعي». ولفت إلى أن «لدى المصارف اللبنانية في قبرص السيولة اللازمة لتلبية الودائع»، مؤكداً أن المصارف اللبنانية عموماً «باتت تتمتع بملاءة تتعدى 10 في المئة وفق «بازل 3». ووصّفت الأمينة التنفيذية ل «إسكوا» ريما خلف، حال الاقتصادات العربية ب «تباطؤ في النمو وضعف في الاستثمار وعجز في الموازنة العامة وفي ميزان المدفوعات، وتزايد في أعباء الدين وفقر وبطالة». واعتبرت أنها «آفات باتت تلمّ بالاقتصادات العربية خصوصاً في دول ما سميّ بالربيع العربي». وأكد رئيس اتحاد الغرف اللبنانية محمد شقير، أن العالم، وتحديداً المنطقة العربية «يمران في تحولات كبيرة تستلزم مراجعة كبيرة وجذرية لكيفية مقاربتنا للملفات الاقتصادية». واعتبر أن القطاع الخاص العربي «أثبت قدرته على النهوض بالاقتصاد المحلي والإقليمي، شرط أن تؤمن الحكومات العربية شفافية أنظمتها وتقدم تسهيلات وحوافز تطمئن المستثمر العربي والأجنبي». وأعلن رئيس مؤسسة تشجيع الاستثمارات في لبنان (إيدال) نبيل عيتاني، أن التقرير الأخير لشبكة «أنيما» أشار إلى أن منطقة حوض البحر المتوسط بضفتيها الشرقية والجنوبية، «لا تزال تتمتع بجاذبية استثمارية كبيرة بفضل المناعة، التي أظهرتها في وجه الأزمات والصعوبات في السنوات الأربع الماضية». وأكد أن لبنان «حافظ على مكانته كمقصد أساس للاستثمار نظراً إلى تمتعه بالاستقرار النسبي». واعتبر رئيس جمعية مصارف لبنان رئيس الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب جوزف طربيه، أن موضوع إدارة المرحلة الانتقالية وتحديات استعادة النمو وخلق فرص عمل، «يحتّم على الحكومات معالجة مواضيع آنية، وكذلك التخطيط لإصلاحات مستقبلية، قوامها خلق فرص عمل للشباب وتعزيز التنمية واستحداث الوظائف وتحسين مستويات المعيشة». ورأى أن دور المصارف العربية «يبقى أساسياً في النهوض، لأنها قاطرة الاقتصاد ومحرك النمو في وقت تحتاج منطقتنا إلى إمكانات تمويل غير محدودة». وشدد على أن نجاح المصارف العربية في دورها الجديد «يتطلّب تفعيل الدور العربي في صوغ القرارات المالية والنقدية والاقتصادية الصادرة عن المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد والبنك الدولي وغيرها، إضافة إلى تطوير التنسيق مع المؤسسات الرقابية الدولية، للمساهمة في وضع قواعد العمل المصرفي، ورسم استراتيجية تتعامل بمرونة مع متطلبات الانفتاح المصرفي العربي على المجتمع الدولي». ولفت إلى أن القطاع المصرفي اللبناني «يدير اكثر من 158 بليون دولار أي 3.5 مرات الناتج القومي للبنان». ورأى الرئيس التنفيذي ل «مجموعة الاقتصاد والأعمال» رؤوف أبو زكي، أن المنتدى «يُعقد في ظل استمرار الأزمة السورية بكل تداعياتها السياسية والاقتصادية على لبنان وبلدان الجوار بل والمنطقة بكاملها، وفي ظل وضع حكومي معلق». ولفت إلى أن «المشاركة العربية في هذه الدورة لا سيما الخليجية، محدودة قياساً إلى الدورات السابقة، وهذا أمر طبيعي في ظل الحال السياسية المحلية والإقليمية التي نعيشها وفي ظل الموانع القائمة، ولكن المشاركة العربية موجودة ومن معظم البلدان وعلى مستوى رفيع».