محطة أخرى تنتظر الإعلامي السعودي داود الشريان وهو يودع مشاهديه أمس في آخر حلقات برنامجه الشهير «الثامنة»، وسيتولى منصباً حكومياً رفيعاً في دائرة الإعلام التي بذل فيها سنوات طويلة من عمره، صحافياً ومذيعاً وإدارياً. منصة الثامنة التي قدم عبرها الشريان أكثر من 900 ساعة تلفزيونية و938 حلقة، حفلت بنبض الشارع وشملت شؤون الناس وأضاءت على شجونهم والتحديات، منها أيضا يودّع الشريان جمهور «الثامنة» على «MBC1» وقد طرح آلاف القضايا والمواضيع، مسلطاً الضوء على مختلف نواحي الحياة السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والبيئية، والخدماتية في المملكة. ولعل أبرز القضايا التي ناقشها البرنامج تمثّلت في آفة الإرهاب، والتعليم، والصحة، والمستثمرين الشباب، وقصص مؤثرة لأبناء حُرموا من رؤية أمهاتهم ضمن مشاهد حقيقية حفرت صورها في وجدان المشاهدين وعقولهم. وأعادت MBC1 - آخر منصات ظهوره التلفزيوني - بث حلقتي «من الصفر» التي استضافت الشريان للحديث عن سير حياته الاجتماعية والمهنية، وعاش يتيماً وكابد في مجالات مختلفة قبل أن تستقر به الحال على عدوى الصحافة التي أصابته، وارتفعت حرارتها في قلبه حتى أصبح من غير المقبول بالنسبة له أن يتركها، وكذلك فعل. المسرح كان واحداً من اهتماماته التي استغرق فيها بدايات شبابه، ولكن تواضع حضور هذا المجال في الوسط السعودي جعله يختار الصحافة وينطلق فيها ابتداء من مؤسسة اليمامة وصحيفتي «المسلمون» و«الحياة»، قبل أن يبدأ مشواراً آخر لا يقل ثراء وتميزاً على التلفزيون. وأعلنت MBC1 في بيان لها الأحد أن الستار سيسدل على هذا البرنامج الذي انطلقت أولى حلقاته في 17 آذار (مارس) 2012 - وامتد لأكثر من خمس سنوات من التغطيات لأبرز شؤون الساعة وأهم الأخبار في المملكة. ولفتت إلى أن أكثر من 3756 ضيفاً حاورهم الشريان في «الثامنة»، كان على رأسهم الملك سلمان بن عبدالعزيز عندما كان ولياً للعهد في اتصالٍ هاتفي، وكذلك ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، كما استضاف البرنامج كبار الشخصيات من وزراء ومديرين عامين ومسؤولين ورؤساء تنفيذيين وناشطين، وغيرهم. من جانبه، أشار الشريان، بحسب البيان، إلى أن «البرنامج نجح منذ أول حلقاته في تجسيد الأهداف التي رُسِمت له». وأضاف: «عندما انطلق البرنامج للمرة الأولى، اعتمدنا على القاعدة المهنية القائلة: «تَلْفِزْ الناس.. يشاهِدْك الناس». هكذا نجحنا في تحويل «الثامنة» إلى برنامج جماهيري بامتياز، ببساطة لأنه احتوى الجميع، ولم يتوجه حصراً إلى فئة بعينها أو شريحة مجتمعية من دون سواها». وحول أبرز أسباب نجاح البرنامج واستمراره بنفس الزخم على مدى أكثر من خمسة أعوام، قال الشريان: «توافرت للبرنامج، كل سبل النجاح وأسبابه، من القناة العارضة قاطرة نسب المشاهدة، إلى الإعداد المميز عبر مواضيع غنية وشاملة، بموازاة فريق العمل الجبار الذي بذل جهوداً استثنائية خلف الكواليس ووراء الكاميرات». وختم الشريان متوجهاً بجزيل الشكر والامتنان لكل من أسهم من موقعه في إنجاح البرنامج وإسماع الجمهور والمسؤولين نبض الشارع، مضيفاً: «أوّدّع اليوم جمهور الثامنة، وكلي تفاؤل وأمل وثقة بالمستقبل، وأنا اليوم لا أغادرهم كإعلامي، بل أنتقل إلى مهمة إعلامية جديدة».