في وقت اضطرت المعارضة الليبية إلى الانسحاب من مدينة أجدابيا باتجاه بنغازي، بعد قصف من القوات الموالية للعقيد معمر القذافي، حذرت القيادة العسكرية الأميركية أمس من أن الوضع بات «في حال جمود» وهذا «ليس حلاً مفضلاً». واشترطت معرفة الثوار قبل تسليحهم، لكنها نوهت إلى «قيام دول عربية بتدريبهم وتسليحهم». وأعلن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أن بلاده تجري محادثات مع الجانبين في ليبيا وتعمل على «خريطة طريق» لتحقيق وقف حقيقي لإطلاق النار. ودعا خلال مؤتمر صحافي في أنقرة مساء أمس، القوات الموالية للقذافي إلى الانسحاب من المدن التي تحاصرها، مقترحاً إنشاء «ممرات إنسانية» لتمرير المساعدات والمواد الأساسية. وكان قائد القيادة الأفريقية للقوات الأميركية الجنرال كارتر هام قال، خلال جلسة استماع أمام مجلس الشيوخ أمس، إن «حال جمود بدأت تنشأ» بين المعارضة وقوات القذافي، وأن الأخيرة جعلت الضربات الجوية «أكثر صعوبة» بالتمركز في أحياء مدنية وقرب المدارس والمساجد. وأضاف رداً على سؤال عما إذا كان يعتقد بان هناك جموداً أو أن حالة جمود بدأت تنشأ: «أوافق على أن ذلك هو الوضع في الوقت الراهن على الأرض... الجمود ليس الحل المفضل، لكن أحوال الطقس والتهديدات من صواريخ القذافي أعاقت استخدام طائرات أي سي 130 وأي 10» إلى جانب تمركز قوات القذافي في أحياء مدنية. وفتح هام الباب أمام خيارات عدة، بينها «تدخل قوة دولية بين النظام والمعارضة»، رافضاً إدراج إطاحة النظام ضمن أهداف المهمة العسكرية، كونه «سيطيلها ويزيدها تعقيداً». وجدد الشكوك الأميركية في شأن فكرة تسليح الثوار، بإشارته إلى أن على واشنطن «أن تعرف من هم الثوار في ليبيا قبل أن نسلحهم». وأوضح أن هناك «مؤشرات بأن بعض الدول العربية بدأت بتدريب وتسليح» هؤلاء. من جهته، اعتبر وزير الخارجية الفرنسي الان جوبيه أن المطروح الآن هو معرفة شروط رحيل العقيد معمر القذافي، «وليس كيف سيبقى في الحكم». وأعلن أن مجموعة الاتصال الدولية حول ليبيا ستعقد اجتماعاً في الدوحة الأربعاء المقبل. وأقر بوجود خلافات مع دول أوروبية أخرى في شأن طريقة تنحيه، موضحاً أن «بعض شركائنا يرى أن العقوبات تكفي، وهناك اختلاف في شأن هذه النقطة». والتقى النائب الأميركي السابق كورت ولدن أمس مسؤولين ليبيين في طرابلس، في خطوة اعتبرتها واشنطن «مبادرة شخصية». ونقلت وكالة «أسوشييتد برس» عن ولدن قوله انه أبلغ رئيس الوزراء الليبي البغدادي المحمودي بأن «الوقت حان لتنحي القذافي وتسليم السلطة إلى حكومة انتقالية لتجنب دخول البلاد في أزمة أعمق». ميدانياً، فر آلاف المدنيين والثوار بعد ظهر أمس من مدينة أجدابيا باتجاه الشمال نحو بنغازي معقل المعارضة بعد قصف مدخل المدينة وإشاعات عن تقدم قوات القذافي. وتكدست أسر بكاملها في سيارات وشاحنات في أجدابيا وانضمت إلى شاحنات الثوار للهروب باتجاه بنغازي. وقال مقاتل من المعارضة إن «الناس انسحبوا لأن قوات القذافي قصفت البوابة». وشهدت ضواحي مدينة مصراتة الخاضعة لسيطرة المعارضة أمس مواجهات بين الثوار وقوات القذافي. وقال ناطق باسم المعارضة إن «الوضع هادئ في وسط المدينة التي لا نزال نسيطر عليها. لكن مواجهات تجرى حول المدينة. ويمنع الثوار قوات القذافي من التقدم». وأضاف أن «مرفأ المدينة كان هدفاً لصواريخ قوات القذافي التي تريد منع وصول المساعدات». وأوضح أن قوات التحالف شنت غارات على قوات القذافي خارج المدينة. ودعت الأممالمتحدة إلى وقف للنار حول المدينة، للتمكن من إيصال المساعدات الى السكان المدنيين وإفساح المجال أمامهم للرحيل هرباً من المعارك. وقال الأمين العام للمنظمة الدولية بان كي مون إن «المسؤولين عن الانتهاكات بحق المدنيين في مصراتة والزنتان والبريقة سيحاسبون على أعمالهم»، مطالباً ب «الوقف الفوري للاستخدام العشوائي للقوة العسكرية ضد المدنيين والتأكد من الوصول الكامل للمساعدات الإنسانية». في غضون ذلك، أكد مسعفون أن غارة جوية شنتها طائرات حلف شمال الأطلسي قتلت خمسة على الأقل من أفراد المعارضة قرب ميناء البريقة أمس. وأعلن الحلف أنه يحقق في تفاصيل الهجوم، لكنه أشار إلى أن «الموقف غير واضح ويتسم بالتغير السريع حيث تتحرك الأسلحة الميكانيكية في كل الاتجاهات». ونفى الحلف في بيان آخر قصف المنشآت النفطية في حقول السرير المهمة في جنوب شرقي البلاد. وأكد أن اتهام القذافي له بالمسؤولية عن حرائق في المنطقة «غير صحيح». واتهم قائد العملية الجنرال شارل بوشار قوات القذافي بذلك.