يغادر الرئيس دونالد ترامب بكين اليوم، من دون انتزاع تعهدات حاسمة من نظيره الصيني شي جينبينغ في شأن ملفَي التبادل التجاري وكوريا الشمالية. لكنه «غنم» عقوداً صينية تتجاوز قيمتها ربع تريليون دولار مع شركات أميركية، فيما اعتبر شي جينبينغ أن العلاقات بين الجانبين «عند نقطة انطلاق تاريخية جديدة» (راجع ص7). وفيما كان ترامب يكرّس «صداقة متنامية» مع الرئيس الصيني، فتح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين جبهة جديدة مع الولاياتالمتحدة، إذ اتهمها بالسعي إلى إثارة مشكلات في انتخابات الرئاسة الروسية المرتقبة في آذار (مارس) المقبل، رداً على «تدخل» موسكو في انتخابات الرئاسة الأميركية عام 2016. واعتبر أن اتهام موسكو برعاية برنامج للمنشطات، ما أدى إلى حظر مشاركة رياضيين روس في دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بيونغتشانغ عام 2018، هدفه كما يبدو عرقلة الانتخابات الروسية. تزامن ذلك مع غموض في شأن لقاء محتمل لترامب وبوتين في فيتنام اليوم، على هامش قمة ل «منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا - المحيط الهادئ» (أبيك). وأعلن ناطق باسم الكرملين أن الاجتماع المحتمل لا يزال موضع نقاش، لافتاً إلى أن «لا جدول أعمال متفقاً عليه». وكان يوري أوشاكوف، وهو مستشار في الكرملين، ذكر أن الرئيسين سيجتمعان اليوم، مشيراً إلى «بحث في موعد اللقاء». لكن وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، أكد أن «لا اتفاق على عقد لقاء ثنائي رسمي»، وزاد: «نتابع محادثاتنا، المسألة تتعلق بمعرفة هل هناك مادة كافية لمناقشتها»، مشيراً خصوصاً إلى ملفَي سورية وأوكرانيا. وواصلت الصين أمس احتفاءها بترامب، إذ بثّ التلفزيون الرسمي مراسم استقباله خارج قاعة الشعب الكبرى المطلة على ساحة تيانانمن، في خطوة تُعتبر سابقة. ورحّب الرئيس الأميركي بتوقيع عقود «رائعة» و «خلق وظائف»، مندداً في الوقت ذاته ب «عجز تجاري هائل مع الصين»، ومتحدثاً عن «أرقام صادمة»، إذ بلغ فائض الصين مع الولاياتالمتحدة 223 بليون دولار منذ مطلع العام. لكنه حرص على ألا يلوم بكين في هذا الصدد، محملاً الإدارات الأميركية السابقة مسؤولية «السماح لهذا العجز التجاري الخارج عن السيطرة بأن يحصل ويتعاظم». وأشاد ب «صداقة متنامية» بين الولاياتالمتحدةوالصين، متحدثاً عن روابط «ستصبح أكثر قوة». أتى ذلك بعدما وقّعت الصين عقوداً تتجاوز قيمتها ربع تريليون دولار مع شركات أميركية وصفها وزير التجارة الصيني تشونغ شان ب «معجزة»، علماً أن اتفاقات كثيرة «غير ملزمة» وتضمّنت تفاصيل ضئيلة، كما يحصل غالباً خلال الزيارات الرسمية. وأكد شي جينبينغ أن «الصين لن تغلق أبوابها»، متعهداً فتحها على «نطاق واسع»، ومشدداً على أن الشركات الأجنبية، بينها تلك الأميركية، ستجد أن السوق في الصين باتت «أكثر انفتاحاً وشفافية وتنظيماً». وأضاف: «بالنسبة إلى الصين، التعاون هو الخيار الحقيقي الوحيد. فتحقيق مصلحة الجانبين وحده هو الذي يمكن أن يؤدي إلى مستقبل أفضل. العلاقات بين الصينوالولاياتالمتحدة الآن عند نقطة انطلاق تاريخية جديدة». وتطرّق ترامب إلى ملف كوريا الشمالية، وشكر شي جينبينغ على جهوده للحدّ من التبادل التجاري وقطع كل الروابط المصرفية معها. واستدرك: «بإمكان الصين تسوية هذه المشكلة بسهولة وبسرعة، وأدعو الصين ورئيسكم العظيم إلى العمل على هذه المسألة بجدية. ما أعرفه عن رئيسكم أنه إن عمل على ذلك بجهد فسيتحقق الأمر، لا شك في ذلك». ونبّه إلى أن «الوقت يضغط، وعلينا التحرك بسرعة»، معرباً عن ثقته ب «وجود حلّ» للأزمة. وحض روسيا على «المساعدة في السيطرة على وضع قد يصبح مأسوياً». أما الرئيس الصيني فاكتفى بالتذكير بالتزام بلاده قرارات مجلس الأمن في شأن بيونغيانغ، علماً أن الولاياتالمتحدة قد تدرجها قريباً على لائحتها ل «الدول الداعمة للإرهاب». وأقرّ وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون باختلافات «تكتيكية وفي شأن توقيت الضغط ومداه» على كوريا الشمالية، لكنه أصرّ على أن «لا خلاف» بين الطرفين حول هذا البلد. وأعرب عن «تقديره لساعات طويلة وجهود» بذلها الصينيون لمعالجة مسألة الفائض في الميزان التجاري مع الولاياتالمتحدة، مستدركاً أن «ما تحقق كان ضئيلاً جداً». ولفت إلى أن هناك «عملاً كثيراً» على الجانبين إنجازه. إلى ذلك، أفادت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) بأن ترامب أبلغ شي جينبينغ بأن الإدارة الأميركية تؤيّد سياسة «صين واحدة». تزامن ذلك مع إعلان البحرية الأميركية أن ثلاث حاملات طائرات تابعة لها ستبدأ غداً مناورات هي الأولى منذ 10 سنين، في غرب المحيط الهادئ.