أنهت بعثة صندوق النقد الدولي المراجعة الدورية الثانية لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري في زيارة للقاهرة استمرت أسبوعين، واطلعت على مدى تحقيق الأهداف الاقتصادية والمالية المتفق عليها تمهيداً للحصول على الشريحة الثالثة من القرض والمقدّرة بنحو بليوني دولار. وقدمت الحكومة لبعثة الصندوق شرحاً عن جهود الضبط المالي وخفض معدلات العجز والدين العام، وتطورات القطاع الخارجي وميزان المدفوعات ومعدلات التضخم. وعرضت النتائج الإيجابية التي بدأ يحققها الاقتصاد المصري فعلياً. وأشارت إلى ارتفاع النمو الحقيقي في الربع الأخير من 2016- 2017، إلى نحو 4.8 في المئة وانخفاض معدلات البطالة إلى 11.9 في المئة في حزيران(يونيو) الماضي، في مقابل 12.7 في المئة في حزيران 2016، وتدني العجز الأولي بنحو 50 في المئة خلال 2016- 2017 ليصل إلى 1.8 في المئة من الناتج المحلي، في مقابل 3.6 في المئة من الناتج المحلي في 2015– 2016. ولفتت أيضاً إلى زيادة في احتياطات النقد الأجنبي إلى مستويات قياسية تعدّت 36 بليون دولار، ما يغطي نحو 7 أشهر من فاتورة واردات السلع. وأعلن نائب وزير المال للسياسات أحمد كجوك، «إبلاغ فريق الصندوق تأكيد إصرار وزارة المال على تحقيق فائض أولي خلال 2017- 2018، وذلك للمرة الأولى منذ سنوات، توازياً مع العمل على خفض نسبة الدين الحكومي إلى نحو 98 في المئة من الناتج المحلي». وعرضت الحكومة على البعثة أيضاً المؤشرات المالية للربع الأول (تموز -يوليو- إلى أيلول- سبتمبر) من 2017- 2018، التي تؤكد استمرار التحسن في الأداء المالي وهو ما يعزز الثقة في قدرة الحكومة على تحقيق أهداف العام المالي الحالي. وقدرت العجز الأولي في الربع الأول بنحو 0.2 في المئة من الناتج مقارنة بنحو 0.6 في المئة من الناتج خلال الفترة ذاتها من العام المالي السابق، نتيجة ارتفاع الإيرادات بنحو 33.2 في المئة مقارنة بالفترة ذاتها من العام المالي السابق، في حين ازدادت النفقات العامة بنحو 24.4 في المئة. ووفقاً للحكومة تعكس هذه المؤشرات الأثر المالي لتطبيق المرحلتين الأولى والثانية من برنامج الإصلاح الاقتصادي، إضافة إلى التزامها ترشيد النفقات وإعادة توجيه عائدات الإصلاح لخفض العجز والإنفاق على الحماية الاجتماعية والتنمية البشرية وتحسين البنية التحتية. وأكد المسؤولون في وزارة المال لفريق عمل الصندوق، أن النتائج المستهدفة للعام المالي الحالي «تأتي في إطار التزام الحكومة الكامل بتحقيق أهداف الدولة لتقليص العجز الأولي (باستبعاد الفوائد) بنحو 5.5 في المئة من الناتج المحلي خلال ثلاث سنوات تنتهي عام 2018– 2019». واطلع خبراء الصندوق على أداء قناة السويس خلال العام المالي 2016- 2017، والارتفاع الملحوظ في إيراداتها بالعملة الأجنبية والبالغ 10 في المئة في الربع الأول من العام المالي الحالي، في ضوء ازدياد تنافسية قناة السويس، وبدء تعافي حركة التجارة العالمية وتحسنها. وفي إطار اهتمام الحكومة بتنفيذ الإصلاحات الهيكلية المرتبطة بإزالة المعوقات التي تواجه القطاع الخاص، وبما يسمح بتنمية الصناعة المحلية وتحسن القدرة التنافسية للاقتصاد المصري وزيادة معدلات التصدير والإنفاق على الاستثمار في البنية الأساسية لتطوير مستوى الخدمات العامة، وإطلاق الإمكانات والقدرات الضخمة للاقتصاد المصري، يظل معدل التضخم السنوي مرتفعاً ليسجل 31.8 في المئة في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، وفق ما أفاد بيان للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء. إذ أعلن فيه «ارتفاع معدل التضخم السنوي لأسعار السلع الاستهلاكية في تشرين الأول، إلى 31.8 في المئة مقارنة بالشهر ذاته من عام 2016، والذي كان يسجل نحو 14.6 في المئة. وذكر الجهاز أن التضخم السنوي «تأثر بارتفاع أسعار الطعام والمشروبات بنسبة 40.1 في المئة، ليساهم في 21.08 في معدل التغير السنوي». وأشار إلى ارتفاع أسعار مجموعة اللحوم والدواجن بنسبة 38.7 في المئة، والخضر بنسبة 41.9 في المئة، والألبان والجبن والبيض بنسبة 52.1 في المئة». وكانت مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد، أكدت «حاجة الحكومة المصرية إلى اتخاذ مزيد من الخطوات لمعالجة مشكلة التضخم». ولاحظت أن مصر «تحرز تقدماً في برنامج الإصلاح الاقتصادي، الذي يدعمه الصندوق من خلال اتفاق «تسهيل الصندوق الممدد» بقيمة 12 بليون دولار». وعلى رغم سعي الحكومة إلى إنشاء أجهزة رقابة على الجودة ووضع آليات سوق حقيقية ومنافذ بيع متطورة في القاهرة والمحافظات، لتحقيق الرقابة على الأسعار التي ارتفعت في شكل جنوني، يواصل التضخم قفزاته منذ تحرير سعر الصرف في 3 تشرين الثاني (نوفمبر) 2016، وخفض دعم الطاقة. وأكد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي على هامش منتدى شباب العالم في شرم الشيخ، أن الأمر «يحتاج إلى وقت وآليات سوق مستقرة وتنظيم للمنتج ونقله وتوزيعه»، مشيراً إلى «وجود حالة من عدم الانضباط ورغبة في تحقيق المكسب». وتوقع وزير المال «بدء تراجع مستويات التضخم مقارنة بالمعدلات الحالية في تشرين الثاني وكانون الأول (ديسمبر) المقبل، بعد مرور دورة عام كامل على تحرير سعر الصرف. وكان التضخم الأساس السنوي انخفض في أيلول الماضي، ليسجل 32.9 في المئة على أساس سنوي. وبلغ التضخم السنوي في آب (أغسطس) الماضي 33.2 في المئة، وفي تموز34.2 في المئة، وفي حزيران 30.9 في المئة. وطرح البنك المركزي المصري أمس، أذون خزانة بقيمة 15.5 بليون جنيه، بالتنسيق مع وزارة المال لتمويل عجز الموازنة. ولفت المركزي إلى أن «قيمة الطرح الأول بلغت 7.5 بليون جنيه لأجل 182 يوماً، وقيمة الطرح الثاني 8 بلايين جنيه لأجل 364 يوماً». وتشهد أدوات الدين المصرية إقبالاً واسعاً من المستثمرين الأجانب، لا سيما أذون الخزانة في ظل ارتفاع العائد. وتستدين الحكومة من خلال سندات وأذون الخزينة على آجال زمنية مختلفة، وتُعتبر البنوك الحكومية أكبر المشترين له. وسجلت كلفة الدين نحو 316.6 بليون جنيه خلال العام المالي المنتهي في حزيران الماضي، في مقابل نحو 243.6 بليون جنيه في العام المالي السابق له، وبارتفاع 30 في المئة. وأدى الاعتماد على أدوات الدين إلى تفاقم كلفة الدين على الموازنة العامة، لتبلغ 380 بليون جنيه في هذه السنة، مقارنة بتقديرات سجلت 311 بليون جنيه العام الماضي. وأظهرت بيانات وزارة المال ارتفاع إصدارات أذون وسندات الخزينة في الربع الثاني من العام المالي2017- 2018 ، بأكثر من 51 في المئة على أساس سنوي.