عبرت عدد من المثقفات عن عدم تفاؤلهن بتصريحات وزارة الثقافة والإعلام، فيما يخص أنها لا تمانع من تولي المرأة رئاسة الأندية الأدبية، معتبرين أنه مجرد تصريح، وأن الواقع الذي تعيشه المرأة في المشهد الثقافي لا يتوافق مع ما أفصحت عنه الوزارة عبر أحد مسؤوليهاوأشارت بعضهن في استطلاع ل«الحياة» حول كيف يرين هذه التصريحات في ضوء ما عانته المرأة المثقفة وتعانيه داخل المؤسسات الثقافية، إلى عدم رغبتهن في الترشح لرئاسة النادي الأدبي، لأن تصريح الوزارة لا يعطي شرعية للمسألة. وقالت الناقدة سماهر الضامن: «أظنه مجرد «تصريح آخر» ليست له امتدادات ممكنة ولا صيغ مقنعة في الواقع، فما هي الآلية التي سيتم من خلالها تفعيل مثل التصريحات وتحويلها إلى مواد أو قرارات قابلة للتنفيذ؟ وما الصيغة المحتملة الممكنة في حال أصبحت المرأة رئيسة للنادي؟ هل سيتم تشكيل «لجنة رجالية» على غرار اللجان النسائية الحالية؟ أم سيتم تبديد ميزانيات الأندية لتجهيز الدوائر المرئية المغلقة، هل نحتاج أن نذكر المسؤولين في الوزارة أن المرأة ما زالت تمنع بلا أسباب أو مبررات من حضور أغلب الفعاليات الثقافية حتى من وراء حجاب؟». وتلفت إلى أن «السؤال الذي لا أجد له جواباً هو لماذا تستهدف المرأة المثقفة تحديدا؟ لماذا لا تواجه منسوبات وزارة الصحة أو الاقتصاد مثل هذه العقبات؟ شخصياً لا أفكر في الترشح لرئاسة ناد أدبي، وليس ضمن مشاريعي ذلك، على ألا يعني ذلك معارضتي لفكرة ترشح المرأة». في ما تعتقد الكاتبة والناشطة الحقوقية فوزية العيوني أنه «من الطبيعي أن يأتي تصريح الوزارة بعدم الممانعة، فالحقوق لا تحتاج إلى مفاوضات، وقد سبق أن صرح الوزير عبدالعزيز خوجة ألا مانع أيضاً من تولي المرأة رئاسة تحرير الصحف الحكومية بمجملها، إلا أن أي مؤشرات لهذا الأمر لم تطرح أبداً على أرض الواقع، لأن رؤساء التحرير يتم وصولهم إلى هذه المناصب بالتعيين وليس بالترشح والانتخاب». وأشارت إلى «الحدث الوحيد الذي حصل قبل عام تقريباً قامت به مؤسسة عسير للطباعة والنشر، إذ انتخبت الدكتور فوزيه البكر ب 53 صوتاً كعضو في مجلس الإدارة، وكان حدثاً تاريخياً ظنناه سيكون نقلة نوعية في ولوج المرأة عتبات المنابر الثقافية، وحيث أننا نعمل بلا استراتيجيات، فما لبثت النساء إلا وأن انتشلن من نشوة الفرح بهذا الإنجاز، إذ جاء خطاب وكيل الوزارة رقم 2071 في 1/7/1431ه والملزم بالبدء في تنفيذ اللائحتين المالية والإدارية دون الأساسية، كما ألزمت اللائحة الإدارية مجالس إدارة الأندية بتشكيل ثلاث لجان فقط ليس بينها اللجنة النسائية التي كانت لجنة أساسية في عهد الوزير السابق إياد مدني». ولفتت إلى أن هذا الإجراء كان «مدعاة لإحباط المرأة المثقفة بشكل عام، إذ شكل لهن تراجعاً مقلقاً، وشخصياً لا أحب التقاعس عن أي حراك ثقافي اجتماعي يدعم مسيرة المرأة، ولذا وبحسب اللائحة الأساسية فأنا مدركة أن من حقي بعد تسجيل عضويتي أن أخوض حق الترشح لعضوية مجلس الإدارة، ومن ثم رئاسة المجلس وسأدعم كل النساء الراغبات في خوض هذه التجربة». وأكدت الدكتورة لمياء باعشن عدم ترشحها لرئاسة النادي الأدبي ولا حتى لعضوية في مجلسه، وأشارت إلى أن تصريح الوزارة «لا يعطي شرعية للمسألة، هو فقط يقول أنه ليس هناك مانع، وأنا أقرأ هذا التصريح ليس بتشاؤم ولكن بواقعية، أقرأه في سياق وضع المرأة الذي يختنق داخل دائرة الخصوصية، فما معنى أن تكون المرأة رئيسة للنادي، في حين تمنع المرأة حتى من الإدلاء بصوتها في المجالس البلدية؟ عنوان يخرج في الصحف من دون اعتبار لإنسانية أو لمساواة وبكل صراحة جارحة «لا مكان للمرأة في هذه الدورة»، فهل المطرودة المنبوذة سيسمح لها برئاسة؟ أنا لست على هذه الدرجة من السذاجة لأصدق هذا التصريح، فعن أي رئاسة أو عضوية أو ترشيح نتحدث؟». وأضافت أن وكيل وزارة الثقافة والإعلام يقول فقط أن لا مانع لدى الوزارة، «لكنه يقول أيضاً أن الوزارة لا تتدخل في أمور الأندية، هي مراقب عن بعد، يقدم الدعم المعنوي والمادي فقط، فهذا التصريح لا يتعدى كونه رأياً لكنه لا يضمن شيئاً، وقد أخطأت الوزارة سابقاً في حق المرأة حين حجبتها وحجبت عنها اللائحة التنفيذية، ولم تشركها في وضعها أو مراجعتها أو الاطلاع عليها في أي من مراحل الإعداد لها، فما الذي يمنع الوزارة من إقصائها مرة أخرى؟». وأشارت الدكتورة أميرة كشغري إلى أن تصريح وكيل وزارة الثقافة والإعلام الدكتور عبدالله الجاسر، «بكل تأكيد مؤشر إيجابي من مسؤول في وزارة الثقافة والإعلام، ولا شك لدي بأن الكثير من المسؤولين يحملون نفس الطموحات التي تصب في تعزيز مشاركة المرأة ودعمها لتولي المناصب القيادية»، مستدركة أن المرحلة الحالية «تتطلب أكثر من مجرد إعلان لوجهة نظر، أو مجرد موقف حيادي من قضية، لأننا في حاجة إلى قوانين واضحة لا تقبل الاحتمالات ولا التبريرات من أجل أن تأخذ المرأة حقها كمواطن كامل الأهلية، لكي تتولى أي منصب قيادي بناءً على الكفاءة والمقدرة، وبعيداً عن التصنيف الجندري». وتمنتْ «لو جاء تصريح الدكتور الجاسر بصيغة أكثر دقة وقوة من مجرد «لا مانع»، فقد يفسر هذا التصريح على أنه مجرد ذر للرماد في العيون». وترى الناقدة نورة القحطاني أنه من الصعب «تجاهل دور المثقفة اليوم وحضورها كفعلٍ ثقافي تاريخي ضمن حركة نهوض المجتمع وتقدمه، فالمجال مفتوح لها أكثر من أي وقت مضى، ومشاركتها في صناعة القرار داخل المؤسسة الثقافية هو بمثابة مرحلة تأسيسية لشخصية نسائية مثقفة جديدة، فإذا فتح باب الترشيح للمثقفة لرئاسة الأندية الأدبية نتمنى ألا يتم ذلك بنفس الآلية التي تم فيها اختيار رئيسات اللجان النسائية السابقة»، مشيرة إلى أن تلك التجربة «لم تحمل سوى خيبات جديدة لآمال كثير من المثقفات». وقالت: « إن الأمل كبير في كثير من المثقفات القادرات على إدارة مهامهن إن تم وضع معايير جديرة بتولي هذا المنصب، حتى لا نضيف خيبات جديدة إلى السابقة، و لا يفهم من كلامي أني ضد تعيين المثقفة كرئيس ناد أدبي، بل أنا مع الأصلح منهم ومنهن لإدارة الشأن الثقافي». يذكر أن التصريح الذي أدلى به قبل أيام وكيل وزارة الثقافة والإعلام الدكتور عبدالله الجاسر، حول عدم ممانعة الوزارة من تولي المرأة لرئاسة الأندية الأدبية، ما يزال يثير الكثير من السجال في المشهد الثقافي، خصوصاً بين المثقفات.