بدأت دول مجلس التعاون الخليجي، عبر سفرائها في صنعاء، محادثات مع أطراف الأزمة اليمنية لتوفير «أجواء مناسبة» تُمهد لانعقاد «جلسات حوار» في الرياض، برعاية سعودية - خليجية، تستهدف توصل طرفي الصراع، في الحكم والمعارضة، إلى «ارضية مشتركة» و»آلية انتقال سلمي للسلطة وتحديد السقف الزمني لهذه المرحلة وبرنامج عمل الإصلاحات الدستورية والسياسية المنظمة لذلك». في الوقت نفسه تقود الولاياتالمتحدة، بمساعدة من بريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي، اتصالات موازية عبر السفراء مع سعيها لإقناع الرئيس صالح بضرورة تقديم اقتراحات عملية لانتقال السلطة سلمياً، بما يطمئن أحزاب المعارضة وحركة الاعتصامات الشبابية والشعبية المطالبة برحيله، وتعيد الثقة بجدية النظام في التعاطي مع هذه المطالب من دون مناورات، وبالتالي اقناع المعارضة بقبول حوار مع الحكم، خصوصا أنها ترفض الحوار مع الرئيس الذي لا يطرح رحيله الفوري أساساً للحوار. وأكدت مصادر يمنية أن الرئيس علي عبدالله صالح تسلم أمس رسمياً الدعوة الى المشاركة في اجتماع مقترح انعقاده في الرياض مع أحزاب المعارضة المنضوية في تكتل «اللقاء المشترك»، للبحث في الحلول. وأوضحت المصادر أن صالح تسلم الدعوة من سفراء السعودية وقطر وسلطنة عُمان في صنعاء، والذين حضوه على قبول الدعوة والحوار مع مختلف اطراف النزاع في الرياض. وأشارت المصادر إلى أن أحزاب المعارضة تسلمت الدعوة الخليجية، وقالت أن صالح والمعارضة «جددا ترحيبهما بهذه الوساطة واستعدادهما لتلبية الدعوة للخروج من الأزمة الراهنة». وتتواصل ردود الفعل المحلية والدولية الغاضبة من أعمال العنف، التي تمارسها قوات الأمن اليمنية ومدنيين مناصرين للرئيس اليمني والحزب الحاكم. وارتفعت امس درجة التوتر في غالبية المدن اليمنية، وقرر الشباب المعتصمون في 15 محافظة تسيير عشرات الآلاف في تظاهرات يومية خارج ساحات التغيير والحرية لفرض المزيد من الضغوط على الرئيس والتأثير في الفئة الصامتة التي لم تتخذ بعد موقفاً محدداً، الأمر الذي ووجه بالمزيد من الإجراءات الأمنية الرسمية ورفع من احتمالات الصدامات بين المحتجين. وأكدت مصادر في محافظة تعز أن مئات الآلاف من المحتجين خرجوا في مسيرات جابت شوارع المدينة. وقالت «أن أعمال العنف التي شهدتها المدينة في اليومين الماضيين، كانت السبب في تدفق هذه الأعداد الكبيرة للانضمام إلى المعتصمين منذ قرابة شهرين». وأوضحت المصادر أن قوات «معسكر خالد» المرابط في محافظة تعز، ويتبع الفرقة الأولى مدرع التي تردد ان قائدها اللواء علي محسن الأحمر تعرض اول من امس لمحاولة اغتيال، نزلت لحماية المعتصمين في ساحة الحرية في تعز. ومع استمرار الضغوط الدولية المطالبة بتنحي صالح بشكل سريع وفوري وبطرق سلمية وسلسة، حضت الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا ودول عدة أخرى الرئيس على نقل السلطة سلمياً. وترى هذه الدول أن صالح أصبح عاجزاً عن إجراء أي إصلاحات من شأنها إنقاذ البلاد من الانهيار الذي أصبح وشيكاً. ووصلت الدول المانحة مساعدات لليمن إلى قناعة كاملة بأن بقاء صالح في السلطة لم يعد مقبولاً، وأنها رفعت الغطاء عنه وتعمل على ترتيب عملية النقل الهادئ للسلطة خصوصاً بعد تزايد أعمال العنف ضد المحتجين وسقوط أعداد كبيرة من القتلى والجرحى، في حين قررت هولندا تجميد مساعداتها حتى اختيار قيادة جديدة وإخراج البلاد من أزمتها الراهنة.