وضْعُ نادي الوحدة السعودي في هذا الموسم يختصر ويعبّر عن الحال التي عاشها هذا النادي المكي العريق منذ تأسيسه وحتى اليوم. فمنذ أن حصل نادي «العاصمة» المقدسة على أول كأس سعودي رسمي بمسمى كأس الملك عام 1377 ه من امام الاتحاد وحتى يومنا هذا وهو يعيش بين القمة والقاع، بين الصعود والهبوط، بين النجاح والفشل، بين الشد والجذب، بين الظهور والتواري، بين النور والظل وبين الأفراح والأتراح. فالنادي الذي عاش بطلاً على مدى 16 عاماً في الفترة ما بين عامي 1377 ه و 1393 ه اذ استطاع في هذه الأعوام ان يلعب 13 مباراة نهائية منها ثمانية مباريات على نهائي كأس الملك فاز في اثنتين وخسر ست مباريات، وخمس على نهائي كأس ولي العهد فاز في واحدة وخسر اربعاً... سرعان ما انقلبت حاله الى نادٍ يصارع على الهبوط ويهرب منه عاماً بعد عام بشق الانفس واحياناً يفشل في إنقاذ نفسه من «الظلمات»، اذ اقتلعته رياح دوري «المظاليم» العاتية مرات عدة. وفي هذا العام يعيش النادي «الأحمر» بين الصعود الى منصات التتويج الذي اعتاده طويلاً في الزمن «الغابر»، إذ يلعب على نهائي ولي العهد للمرة السادسة في تاريخه. وبين صراع الهبوط الى الدرجة الأولى الذي يعانية في الزمن «الحاضر». هذه المعاناة التي يعيشها الوحدة ويكابدها محبوه منذ أربعة عقود كانت لها اسباب كثيرة من اهمها ضعف الموارد المالية، وهي من مشكلات الرياضة السعودية المزمنة التي نأمل بأن تحلها «الخصخصة» المنتظرة، وكذلك ضعف التخطيط والعمل الاداري وغياب المنهجية السليمة في الادارة وندرة الاداريين المحترفين في عالم الرياضة وتلهُّف لاعبي حواري مدينة مكة على اللعب لأندية جدة والرياض. وضعف الاعلام الداعم للنادي المكي الذي بامكانه ان يساند ويدعم ويقوم اخطاء النادي وسلبياته ويعزز ايجابياته امام الجمهور والوسط الرياضي، وكذلك غياب الشخصيات المؤثرة والفاعلة والداعمة اسوة بالاندية الكبرى. والصراع الأزلي الموجود بين بعض أعضاء الشرف الوحداويين من أجل «حب الظهور» و«اثبات الوجود» وبين بعض رؤوساء الأندية الذي يدّعي كل منهم بأنه «الرئيس الذهبي» للنادي المكي وبأنه لا «قبله» ولا «بعده». وبعض الرؤساء الذين ترأسوا الوحدة في العقدين الماضيين عمدوا الى اقالة الأجهزة الفنية والادارية ومحاربة اللاعبين ذوي الحظوة في عهد الادارات التي سبقتهم، واستبعاد كل الخطط والمشاريع التي تم الاعداد لها مسبقاً، وبذلك انتفت الاستمرارية وسياسة البناء التي هي في الأصل سر من أسرار نجاح الأندية في اوروبا والدول المتقدمة كروياً. وبذلك اصبح بعض رؤوساء نادي الوحدة أشبه ب«الفراعنة» في مصر القديمة الذي كانوا يعمدون الى محو اسماء من سبقهم وتكسير آثارهم واستبعاد مساعديهم وهدم انجازاتهم ونسبها لهم. وبعيداً عن اسباب غياب النادي المكي عن المنافسة على مدى اربعة عقود وتأرجحه بين «الصعود» و«الهبوط» وجد اخيراً الجمهور الوحداوي بصيصاً من الأمل وطريقاً الى الفرح بتأهل فريقة الى نهائي كأس ولي العهد ولكن سرعان ما جاءت الصدمة بأداء اللاعبين الهزيل في مباراة الفتح الذي كان يسعى هو الآخر الى الهروب من الهبوط وكان له ما اراد بفوزه، لتبقى الحسرة والخوف في نفوس محبي الوحدة الذين انقسموا الى فريقين: «متشائم» يؤكد ان الفريق سيهبط الى الدرجة الاولى وينهزم من الهلال بنتيجة تاريخية في ملعب الملك عبدالعزيز بضاحية «الشرائع» في مكةالمكرمة يوم 15 ابريل، وآخر «متفائل» بأن الوحدة لن يهبط لدوري «الظل» وسيلعب مباراة نهائية تليق بتاريخ النادي العريق. وعلى رغم أن الهزيمة امام الفتح ليست نهاية المطاف وان الأمل ما زال موجوداً في المباريات المقبلة الا ان الطريق للنجاة من «الهبوط» ليس مفروشاً بالورود بل مزروع بالأشواك. وتبقى مهمة القائمين على الفريق الوحدواي عسيرة في تجهيز اللاعبين المصابين الكثر وترميم الفريق ورفع المعدل اللياقي وتعزيز الروح المعنوية وادخال الجدية القصوى في التدريبات وترميم خط الدفاع وضبط ايقاع خط الوسط وتعزيز الهجوم لتحقيق هدفين مهمين: الهروب من «الهبوط» اولاً، ومن ثم تشريف محبي النادي في مباراة «الصعود» الى المنصة التي يجب ان يقدمها لاعبو الوحدة كهدية إلى «جمهور الصبر الأربعيني» الذي انتظر كثيراً وصبر ليعيش هذا الحدث التاريخي في مدينتهم الحبيبة وامام اميرهم المحبوب خالد الفيصل. بدون تشفير المباراة النهائية التي تقام في مكةالمكرمة للمرة الأولى منذ نصف قرن تعتبر فرصة تاريخية للجمهور الوحداوي بأن يثبت بأنه عاشق لكرة القدم ولناديه «الأحمر» وكم نتمنى ان تدرك الإدارة الوحداوية ان الآمال معلقة على الوحدة في لعب «مباراة العمر» للذكرى والتاريخ وكم نتوق الى رؤية الوحدة بين رجال الوحدة من اجل مكة وأهلها. [email protected]